قلق في تل أبيب من الصمت الأمريكي على "معادلة الرد الإيرانية الجديدة"

نفتالي بينيت وغانتس
نفتالي بينيت وغانتس

تصاعدت في الآونة الأخيرة حدة الهجمات بين إسرائيل وإيران فلم تعد المعركة بين الطرفين سرية، وإنما أصبحت مفتوحة تشمل الصواريخ الباليستية والمسيرات وهجمات "السايبر"، وذلك بعد لكمات مباشرة تبدلاها الطرفان منذ خمس سنوات بمنحى واضح ومتواصل من التصعيد.

ويبدو أن إيران قد تبنت سياسة الرد على أي هجوم اسرائيلي، فلم يمض أيام على مقتل ضابطين من الحرس الثوري الايراني في هجوم نسب لإسرائيل في سورية، حيث استهدف الإيرانيون مركز استخباري إسرائيلي بمدينة "اربيل" في الاقليم الكردي في شمال العراق بـ12 صاروخا، ليعلن الحرس الثوري الإيراني بعدها بأن الهجوم نفذ من قبلهم، محذرين "اسرائيل" من أن الرد سيكون مدمراً في المرة القادمة.

غياب الرد الأمريكي

ويؤكد "تل ليف رام" المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" أن هذه ليست المرة الأولى في الأشهر الأخيرة التي يحاولون فيها الإيرانيون ترسيخ معادلة جديدة في الرد، فقبل نحو نصف عام نُفذ هجوم بطائرات مسيّرة على قاعدة "التنف" العسكرية الأمريكية في ريف حمص بسوريا، حيث توجد لطهران حسابات غير مغلقة مع الأميركيين بعد تصفية "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قبل نحو عامين.

وحذر محلل معاريف العسكري من هجمات إيرانية قادمة ومماثلة، حين تُقدر طهران أن الأميركيين لن يردوا عسكرياً في هذا الوقت على عملية بهذا الحجم، بسبب انشغال واشنطن بالحرب الروسية في أوكرانيا والمحادثات على اتفاق نووي في فيينا.

اقرأ أيضاً: جرحى غزة.. إصابات لم تندمل وحقوق ضائعة

وأضاف أن الأميركيين الذين لا يَرغبون بالرد مجددًا، وقالوا:" إنّهم لم يكونوا هدفًا للهجوم بل إسرائيل"، لذلك تجنبوا هجومًا مضادًا.

قاعدة اشتباك جديدة

العجزُ الأميركي استوقف المراقبين لمسرح الأحداث، حيث رأوا، أن طهران، وعبر هذا الاستهداف غير المسبوق لناحية أنه استهداف مُزدوج أصاب الإسرائيليين والاميركيين معًا، أو لناحية أنه بدا أشبه بعملية تسلل بين دائرة واسعة من الألغام الإقليمية والدولية المزروعة في كل مكان يحيط بإيران وبالمنطقة والعالم، قد أسست لقاعدة اشتباك جديدة بمواجهة الإسرائيليين والأميركيين، فرضتها بجرأة، وبقدرة عبر منظومة متطورة من الصواريخ الباليستية.

هذا التوتر في الشرق الأوسط سيستمر حتى بعد التوقيع المحتمل على الاتفاق النووي في "فيينا"، وسيكون الأميركيون مطالبين أيضاً بأن يراجعوا مرة أخرى سياستهم في المنطقة حيال سياسة إيران الجديدة.

"يوآف ليمور" الكاتب الإسرائيلي في صحيفة "إسرائيل اليوم" وصف إيران بالخصم الخطير، لما تمتلكه من ترسانة مبهرة من الوسائل القتالية، إضافة إلى الدافع الإيراني في جباية ثمن من إسرائيل بكل وسيلة، ولكنه رأى أن الهجوم الإيراني الأخير يعطي دولة الاحتلال الحرية في العمل داخل الأراضي الإيرانية بذريعة الدفاع عن النفس، بعد أن كانت تنفذ هجماتها سراً.

وتابع "أن هذا التصعيد في الحرب الطويلة بين إسرائيل وإيران كان متوقعاً، كما كان واضحاً أن الاتفاقات المتوقعة حول الاتفاق النووي ستسرعه، لأن إيران ستشعر بأنها قوية وأكثر تحرراً مما كانت في الماضي".

وأوضح أن في ميزان القوى والمصالح العالمي لا يبدو أنه توجد قوى دولية لها قدرة أو رغبة في منع هذا التطور، ما يترك الساحة إسرائيل وإيران وحدهما لحرب عديمة الحدود تنتقل الآن إلى مستويات علنية وعنيفة أكثر مما في الماضي.

قلق إسرائيلي

بدوره كشف "عاموس هرئيل" المحلل العسكري في صحيفة هآرتس العبرية عن قلق داخل الأروقة السياسية الإسرائيلية من انشغال الإدارة الاميركية في تداعيات الحرب في أوكرانيا، وعدم رغبتها في وضع طلبات متشددة أكثر من ايران في المفاوضات المتواصلة في "فيينا" بين الدول العظمى وإيران فيما يتعلق بالاتفاق النووي الجديد.

ويطالب الإسرائيليون الولايات المتحدة باستكمال الفحص فيما يتعلق بـ"الملفات المفتوحة"، وهي المواقع الأربعة التي ثار حولها شك بوجود نشاطات نووية من جانب الايرانيين، التي لم تنه الوكالة الدولية للطاقة النووية من فحصها بعد، كما يوجد هناك قلق فيما يتعلق بتفاصيل الترتيبات لإخراج مخزونات اليورانيوم المخصب من إيران في اطار الاتفاق الجديد.

وكانت مصادر أمنية إسرائيلية أفادت أن إيران واصلت في الأشهر الأخيرة تخصيب اليورانيوم بمستوى مرتفع، بصورة تضعها على بعد بضعة اسابيع من تجميع اليورانيوم بكمية تكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، حذرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا موسكو من أن الطلبات الإسرائيلية الأمريكية الجديدة يمكن أن تؤدي الى انهيار الاتفاق النووي، الذي كان، حسب قولهم، على وشك التوقيع عليه.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo