هل تؤثر حرب أوكرانيا على المساعدات الدولية للفلسطينيين؟

المساعدات الدولية للفلسطينيين
المساعدات الدولية للفلسطينيين

تتجه الأنظار إلى دور الدول المانحة والمتغيرات الكمية والكيفية التي يمكن أن تطرأ على المساعدات التي تقدمها للعالَم النامي، كنتيجة لمآلات الحرب الروسية-الاوكرانية، خاصة وأن ثمة تساؤلات تتعاظم حول أولويات أوروبا المالية الجديدة على وقع الحرب، سيما وأن أوروبا تعتبر الداعم الأكبر للسلطة الفلسطينية.

وزادت الخشية على مصير الدعم الاوروبي، بعد تأجيل إقرار بروكسل للموازنة الأوروبية لأكثر من مرة بسبب حرب أوكرانيا، إذ أن المساعدات السنوية للسلطة الفلسطينية مرهونة بإقرار هذه الموازنة، وفق ما يؤكد مصدر حكومي فلسطيني لـ "زوايا".

وبينما حاولت الأجهزة الأمنية الفلسطينية تسريب نبأ حول اعتزام الحكومة صرف راتب كامل لموظفيها مطلع الشهر المقبل، لتهدئة الموظفين الغاضبين ولكبح الخطوات الإحتجاجية التي اتخذها اتحاد المعلمين، نفى المصدر المسؤول صحة هذا الأمر، حتى اللحظة، مشيراً إلى أن الوضع المالي صعب ولا يوجد أي أفق لحل الأزمة المالية. واعتبر المسؤول الحكومي لـ "زوايا" ان أي نقابة تقدم على اضراب او احتجاج نتيجة عدم صرف الحكومة لراتب كامل، بأن هذا يثير علامات استفهام حولها؛ ذلك أن الكل يعلم وضع السلطة الصعب.

ولكن تغير حرب أوكرانيا أولويات المانحين ووجهتهم حيال دعم السلطة الفلسطينية خاصة والدول المانحة عامة؟

من جانبه، قال منسق مساعدات الشعب الفلسطيني في الأونكتاد بجنيف د.محمود الخفيف ل"زوايا" إنه بالرغم من أنّ الملامح الأخيرة لما يجري في أوكرانيا لا تزال غير واضحة، نظراً لإرتباطها بتطورات عسكرية وسياسية، إلا أنه يرى أنّ تأثير حرب أوكرانيا لن يكون كبيراً، على الأقل في هذه المرحلة، من الناحية الكيفية بشأن الدعم الأوروبي للسلطة؛ ذلك أنّ الوضع المالي للسلطة الفلسطينية هو، أساساً، صعب للغاية في السنوات الثلاثة الأخيرة.

اقرأ أيضاً: كتاب وباحثون: الموقف الفلسطيني تجاه الأزمة الأوكرانية بحاجة للحذر

وتابع الخفيف: "وضع المالية العامة الفلسطينية صعب، منذ ما قبل جائحة كورونا، وقد تراجع الدعم العام الماضي بشكل واضح، ولم تفِ الكثير من الدول المانحة بإلتزاماتها".

تأثر المساعدات الفلسطينية لن يكون كبيراً..لأنها أصلاً قليلة

لذا، يعتقد محمود الخفيف أن تأثر المساعدات الأوروبية أو الدولية عموماً للفلسطينيين لن يكون كبيراً؛ لأن مبلغ المساعدات تراجع وهو الآن "زهيد"، اي قليل.. لكنه لا يستبعد، أن تتأثر المساعدات الدولية المقدمة للدول النامية عموماً بسبب حرب أوكرانيا.

وشدد الخفيف على أن الدعم الأوروبي للفلسطينيين هو اقتصادي ولكن عمقه سياسي بشكل أساسي. وأضاف أن الوضع المالي الفلسطيني قد لا يشهد انفراجة، لكنه لن يسوء أكثر مما هو عليه بشكل كيفي، مؤكدا أنّ "الوضع المالي للسلطة صعب جداً، وأن الكل يعلم ذلك، وسيكون هناك ضغط على السلطة، غير أنه لم يكون تغير كيفي بموضوع المساعدات مقارنة بالسنوات الأخيرة".

"وضع السلطة المالي في غاية الصعوبة"

وبين الخفيف أن الشيء المهم، هو أن الوضع الفلسطيني تحت الإحتلال، وهو خاص للغاية، ما يستدعي قدرة فلسطينية على الإعتماد على الذات، بموازاة قدر عالٍ من المرونة من صانع القرار الفلسطيني، والتواصل من قبل قيادة السلطة مع الشعب؛ "لأن الوضع غير مريح. وإذا كان هناك شيء يجب أن يُقال، فإنّ الوضع الفلسطيني في غاية الصعوبة، لكن يجب التعامل معه".

مصدر أوروبي: الدعم الفلسطيني قد يتأثر قليلاً

من جانبه، أكد مصدر أوروبي لموقع "زوايا"، أنّ المساعدات الأوروبية للسلطة الفلسطينية، لن تتأثر كثيراً بسبب حرب أوكرانيا، كون الموازنة الأوروبية للسنوات الأربعة المقبلة، أي حتى عام 2024، معدة مُسبقاً، لكنها بحاجة إلى المصادقة عليها من دول الإتحاد الأوروبي في بروكسل. بيدَ أن المصدر، ألمح إلى إمكانية تأثر سقف المساعدات للفلسطينيين بنسبة تصل إلى عشرة بالمائة بسبب مستجدات حرب أوكرانيا، لكنها لن تُمس جوهرياً.

وأكد المصدر، فضل عدم ذكر اسمه، أن تأخر المصادقة على الموازنة الأوروبية، يتعلق بإنشغال المسؤولين الأوروبيين بحرب اوكرانيا، وهو ما قلل اجتماعاتهم الأسبوعية، إذ أنهم "تحت ضغط شديد في هذه الأثناء". لكنه، طمأن بأن الموازنة ستُقر بالمحصلة، وأن الدعم للسلطة الفلسطينية سيأتي لا محال، موضحاً أن النقاش الأوروبي يتركز حول إمكانية زيادة الدعم للسلطة، إلا أن الزيادة قد لا تحصل.

محلل إقتصادي: قياس الضرر على المشاريع والـ "NGOs" سيكون أكبر خلال أشهر

بيدَ أن المحلل الإقتصادي محمد عبد الله، فقد شدد على أن وضع المساعدات الدولية في موقع "الترقب الصعب"، لأن دول الإتحاد الأوروبي ستغير أولوياتها الإنفاقية، خاصة على وقع ازمة ارتفاع السلع أو نقصها، وهو ما يعني تضرر الدول النامية.

ونوه عبد الله في حديثه لموقع "زوايا" أنّ الدعم الأوروبي المباشر للسلطة الفلسطينية (البالغ 200 إلى 220 مليون دولار سنوياً) هو نصف المشكلة، لكن السؤال أيضاً ماذا عن الدعم المقدم لمؤسسات المجتمع المدني والمشاريع التي ينفذها الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطيني بشكل مباشر بعيداً عن الموازنة العامة؟. ونوه عبد الله بأنّ الدعم للمجتمع المدني والمشاريع المباشرة (بعيداً عن السلطة) هو غير مُقدر، ولكن هناك تقديرات إقتصادية بأنه يصل إلى نحو "200 مليون دولار".

اقرأ أيضاً: "إسرائيل" والحرب الروسية الأوكرانية..السير على الحافة

ورأى عبد الله أنّ تأثير حرب أوكرانيا على السوق الفلسطينية والسيولة النقدية، وبعض فرص العمل للفلسطينيين بناء على منح ومشاريع اوروبية، سيتم ملاحظته على مدار الأشهر المقبلة؛ لأنه لا يمكن قياسه بشكل مباشر. وأكد أن الدول الفقيرة هي إحدى ضحايا حرب أوكرانيا التي ستغير أولويات المانحين.

وفد حكومي فلسطيني إلى بروكسل لنقاش اتفاقية الدعم الأوروبي

في غضون ذلك، يتوجه وفد حكومي فلسطيني إلى بروكسل، الإثنين؛ لإجراء نقاشات حول قضايا متعلقة بالدعم المالي الأوروبي للسلطة. ويضم الوفد عددا من المؤسسات الفلسطينية بما فيها وزارات الخارجية والتعليم والمالية والعدل والإقتصاد وسلطة جودة البيئة وسلطة الطاقة.

وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون التخطيط وتنسيق المساعدات المالية ستيفن سلامة إن الزيارة تأتي بهدف عقد اللجنة الفلسطينية الأوروبية المشتركة؛ لمناقشة كل قضايا التعاون بين فلسطين والإتحاد الأوروبي.

وأوضح سلامة أن الزيارة تأتي في وقت صعب في أوروبا وفلسطين، لافتا إلى أن هناك قضايا عالقة ستكون على جدول الأعمال.

وتابع سلامة: "العلاقة بيننا والاتحاد الأوروبي ليست جديدة إنما استراتيجية مبنية على الشراكة والاحترام والتعاون وليس الشروط والاملاءات.. الإتحاد الأوروبي قدم لنا الكثير ونأمل تسريع عملية اعتماد الاتفاقية المالية".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo