هكذا يهدد قانون "المواطنة" الإسرائيلي عائلات فلسطينيي الداخل المحتل

تفتيش على الحواجز الإسرائيلية
تفتيش على الحواجز الإسرائيلية

تعاني آلاف العائلات الفلسطينية في الداخل المحتل، التي لا يحمل أحد زوجيها "الهوية الإسرائيلية"، من قانون "المواطنة" الإسرائيلي، الذي يُجبر أفرادها على العيش منفصلين، ويبقيهم في خوف من الملاحقة والإبعاد في حال بقائهم داخل الأراضي المحتلة عام 1948م دون تصريح إقامة أو في حال سفرهم للخارج.

لمحة عن القانون

ووفق مركز "عدالة" في الداخل المحتل، فإن القانون يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية التي فيها أحد الزوجين يمتلك المواطنة الإسرائيلية، فيما الآخر من سكّان الضفة الغربية أو قطاع غزّة 

في العام 2005 أضيف إلى المنع الذي بدأ عام 2003، بعض الاستثناءات الهامشيّة التي لم تغيّر أي شيء من جوهر القانون التمييزي.

وفي عام 2007 حصل تعديل آخر على القانون، الذي وسّع المنع ليشمل أيضًا منع توحيد العائلات في حال كان أحد الأزواج من مواطني أو سكان إيران، لبنان، سوريا والعراق. 

وفي العام 2008 أضيف قرار المجلس الوزاري المصغّر بفرض تقييدات جديدة تسمح بسحب مواطنة كل مواطن إذا ما "قام بعمل فيه شيء من خيانة الأمانة لدولة إسرائيل". 

ومصطلح "خيانة الأمانة" له تعريف واسع وفضفاض قد يتضمن أيضًا أخذ جنسيّة أو إقامة في واحد من الدولة العربية والإسلاميّة المعرّفة كدولة عدو لدى الاحتلال، وأيضًا قطاع غزة، وهذا التعديل يمكّن من سحب الجنسيّة حتى دون تجريم جنائي.

وكان الكنيست الإسرائيلي قد سن في 31 يوليو/تموز 2003م قانون المواطنة والدخول إلى أراضي 1948 (بشكل مؤقت)، ومنذ ذلك الحين يجري تمديده سنوياً، حتى تم اسقاطه بشكل مؤقت في شهر تموز من العام الماضي، بعد فشل الكنيست في تمديد العمل به، جراء تعادل الأصوات المؤيدة والمعارضة بواقع 59 صوتاً لكلّ منهما.

ورغم إسقاطه، إلا أن وزيرة الداخلية في حكومة الاحتلال، إيليت شاكيد، رفضت استئناف إجراءات منح لم الشمل للعائلات الفلسطينية في الداخل، وقامت مؤخرا بإعادة طرح القانون على اللجنة الوزارية للتشريع، تمهيدا لطرحه مجددا على الكنيست للتصويت عليه وإعادة العمل به.

25 ألف عائلة تعاني 

وفي حديثه لـ"زوايا"، أوضح جعفر فرح، مدير مركز مساواة لحقوق المواطنين العرب في "إسرائيل"، أنه منذ إسقاط القانون قبل نحو 6 شهور، ترفض وزيرة الداخلية الاسرائيلية شاكيد القيام بواجبها بفحص الطلبات المقدمة للم الشمل.

وقال إن عضوا في المعارضة الإسرائيلية تقدم باقتراح جديد لإقرار القانون، وصادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريع وتم الاستئناف عليه بالمجلس الوزاري من قبل حزب ميرتس وحزب "يش عتيد" وهما ضمن الائتلاف الحكومي.

 كما يبذل مركز "مساواة" جهودا مع أعضاء كنيست من القائمة الموحدة ومن حزبي ميرتس والعمل، لعدم تمرير القانون.

وأكد أن هذا القانون يؤثر على حوالي 25 ألف عائلة في الداخل، فهو يتدخل في الحق الطبيعي بتكوين العائلة ولم شملها، مما يؤثر على كل المجتمع الفلسطيني في الداخل.

محاولة لفرض يهودية الدولة

وأضاف أنه لا يوجد بلد في العالم يحرم عائلات مواطنيه من هذا الحق، إلا في "إسرائيل"، وهناك محاولة لفرض يهودية الدولة على الفلسطينيين في الداخل حتى بقضية تكوين العائلة.

واعتبر القانون يتناقض مع الإعلانات العالمية لحقوق الانسان، وقد أبدت لجان حقوق الانسان بالأمم المتحدة انتقاداتها للقانون، وطالبت بإلغائه.

وبيّن أن هذا القانون يحرم العائلات الفلسطينية في الداخل المحتل والقدس المحتلة من الحقوق الاقتصادية بنسبة كبيرة جدا، كما يحرمها من الحق في العمل، إضافة للحق في الصحة، على الرغم من حدوث تحسن طفيف مؤخرا على ذلك، شمل الحصول على التأمين الصحي.

قلق مستمر

أسمهان الجبالي مديرة مؤسسة "حقنا في العيش"، وواحدة من آلاف الفلسطينيين في الداخل المحتل الذين يعيشون حالة الخوف والقلق المستمرين من سحب الهوية والإقامة في المدن الفلسطينية بالداخل المحتل، وتشتيتها عن عائلتها التي تعيش في مدينة الطبية، كونها من أبوين كانا يحملان الهوية الفلسطينية.

وقالت في حديث لـ "زوايا" إن أصلها يعود لأبوين من مدينة طوباس في الضفة الغربية، لكنها ولدت في مدينة الطيبة وتعلمت بمدارسها، وتزوجت فيها ولديها ثلاثة أبناء، ورغم ذلك، تحمل هوية مؤقتة يتم تجديدها كل عامين، وكل مرة يتم إعطاؤها ورقة طلبات من ضمنها جلب أرقام أشخاص معرفين، مع العلم أنها شخصية معروفة في الطيبة، فهي معلمة تربية خاصة، ومتحدثة باسم لجنة أولياء أمور الطلبة العرب في "إسرائيل"، ومؤسسة جمعية "حقنا في العيش".

تدخل في اختيار شريك الحياة 

الجبالي التي تحضر جلسات الكنيست للدفاع عن العائلات التي تعاني من قانون "المواطنة"، بيّنت أن القانون يستهدف آلاف الفلسطينيين في الداخل، ويتدخل في اختيار شريك حياته، ويتسبب بتشتيت أبنائهم، بالتالي يمنع وجود عائلة ملتئمة، ويفقدها الرابط العائلي.

وأوضحت أن العائلات يتم لم شملها مؤقتا من خلال الحصول على تصريح لمدة أشهر يتم تجديده، وقد لا يتم رفض تجديده، أو هوية مؤقتة يتم تجديدها كل فترة، حيث يوجد تصنيفات عديدة حسب كل حالة.

60% من العائلات تحت خط الفقر

وقالت إن 60% من هذه العائلات تقع تحت خطر الفقر، ولا يتم دمجهم في سوق العمل الا بالحد الأدنى، كما يعاني أبناؤها من اللغة العبرية التي لم يعتادوا عليها، فمثلا نماذج تعبئة طلب الحصول على لم الشمل باللغة العبرية والإنجليزية، بالتالي يتم رفضها إذا لم يتم تعبئتها بالشكل الصحيح، لذا تلجأ العائلات إلى محامين لتعبئتها وتقديم طلباتها وهذا يكلفهم مبالغ كبيرة ومستمرة.

وأشارت إلى أن سلطات الاحتلال المختصة تطلب من العائلات فحص (DNA) بتكلفة 4 آلاف شيكل للفرد، ما يشكل عائقا كبيرا جدا، لتسجيل الأبناء في شهادة الميلاد، وهو ما لا يتم إتباعه بالنسبة لأبناء اليهود.

ولا تكتفي سلطات الاحتلال بذلك، بل أيضا ترفض السماح للزوجة أو الزوج الذي لا يحمل "الهوية الإسرائيلية" من رخصة السياقة، مما يضع حملا كبيرا على الزوج الآخر الذي يحمل "الهوية الإسرائيلية"، لأنه سيضطر أن يكون سائق العائلة الوحيد، وفق الجبالي.

كما أن اشتراك العائلات بصناديق المرضى، مكلف للعائلة، إذ يجب على كل فرد أن يدفع 300 شيقل على الأقل شهريا، حتى يتمكن من الحصول على العلاج في هذه الصناديق.

وصمة عار

وبيّنت أنه لا يوجد إحصائية دقيقة حول العائلات التي تسعى للحصول على لم الشمل، لأن بعضها ترفض الإفصاح عن نفسها ولم تسجل للحصول على لم الشمل، نظرا لأن وجودها في الداخل غير قانوني، بالتالي قد تواجه خطر التشتيت.

واعتبرت أن القانون وصمة عار واعتداء على الحقوق الإنسانية، فكل عائلة بمثابة ملف وحالة إنسانية لا يوجد قانون ينصفها، فبعضها يعاني على مدار 25 عاما، وتسحق سحقا على أبواب مكاتب الداخلية الإسرائيلية، عند تقديم الطلبات أو تجديد تصاريح الإقامة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo