بمساعدة المهربين..منتجات المستوطنات تدمر الأسواق الفلسطينية بالضفة

توزيع بوسترات لمقاطعة المنتجات الاسرائيلية
توزيع بوسترات لمقاطعة المنتجات الاسرائيلية

في ساعات الفجر الأولى يستيقظ التاجر "محسن . ج" من مدينة بيت لحم، ويستقل شاحنته متجهاً إلى إحدى المستوطنات القريبة في انتظار تحميل شاحنة محملة بالخضروات من انتاج المستوطنات لنقلها إلى الأسواق الفلسطينية في المدينة.

ويبرر التاجر "محسن" الذي رفض الكشف عن باقي اسمه خشية الملاحقة الأمنية لـ "زوايا" أنه يضطر إلى اللجوء إلى تهريب بضائع المستوطنات إلى السوق الفلسطينية، نظراً إلى انخفاض أسعارها وجودتها العالية مقارنة بالمنتجات المحلية.

ويؤكد "محسن" أن هناك الكثير من التجار يقومون بتهريب بضائع المستوطنات إلى الأسواق الفلسطينية تهرباً من دفع الجمارك الضريبية، مشيراً إلى أن عمليات التهريب غير معقدة ولا تحتاج إلى جهد كبير.

ما يقوم به التاجر "محسن" وغيره من عمليات تهريب تكبد التجار الفلسطينيين الآخرين خسائر كبيرة بسبب كساد بضائعهم، بعد أن بات المهربون يتحكمون في الأسعار والأسواق دون حسيب أو رقيب.

تدخل بطرق غير شرعية

د. نصر عبد الكريم الخبير في الشأن الاقتصادي الفلسطيني وخلال حديثه لـ "زوايا" أكد أن المنتجات المهربة تدخل بطرق غير شرعية وبدون بيانات رسمية من المستوطنات إلى السوق المحلي، حيث يدفع التاجر الفلسطيني ضريبة القيمة المضافة للجانب الإسرائيلي، ويخفيها عن الجهات الفلسطينية، ما يشكل جزءًا من التسرب الضريبي الذي يذهب لإسرائيل والذي يقدر بـ500 مليون دولار للعام الواحد.

اقرأ أيضاً: الاستيطان.. امتيازات تشجيعية ومغرية للمستوطنين مقابل خطط وعود للفلسطينيين

وبين الخبير الاقتصادي أن المتاجرة مع المستوطنات الإسرائيلية هو جرم يعاقب عليه القانون الفلسطيني بحسب المرسوم الرئاسي الفلسطيني الصادر منذ أكثر من 11 عاماً، ورغم هذا لا زال هناك علاقات تجارية واقتصادية متنامية مع المستوطنات بعضها معروف والبعض الآخر مجهول.

وتابع: هناك منتجات زراعية موجودة في السوق الفلسطينية معروفة المصدر تأتي من المستوطنات، ولكن حجم هذه المنتجات وكمياتها يبقى مجهولاً، حيث تشير الاحصاءات والمعلومات المتوفرة إلى أنها كميات كبيرة جداً ولها تأثير اقتصادي صعب على المنتج المحلي.

مظاهرات لمقطاعة منجات المستوطنات

وأوضح "عبد الكريم" أن هذه المنتجات تحل محل المنتجات المحلية والمستوردة من الخارج، وتشكل منافساً قوياً لها، الأمر الذي ينعكس سلباً على الاقتصاد الفلسطيني، مشيراً إلى أن كل دولار يصرف لهذه المستوطنات خسارة للاقتصاد الفلسطيني ويكون سبباً في تمويلها وتقويتها وترسيخها على الأرض كأمر واقع.

وأضاف أن التعاون من منتجات المستوطنات يحول الأسواق الفلسطينية إلى سوق استهلاكي ويعزز من استقطاب المزيد من المستوطنين نظرًا للعوائد المالية الكبيرة التي يتحصلون عليها، كما يعود بالسلب على التجار والعمال الفلسطينيين الذي يفقدون مصادر رزقهم، ويضطرون للعمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48.

وأشار المختص الاقتصادي إلى أنه وفي الوقت الذي ينادي به الفلسطينيون بمقاطعة منتجات المستوطنات عربيًا وعالميًا عن طريق حركة المقاطعة الوطنية والعالمية BDS، باعتبارها منتجات غير شرعية، نرى هناك متاجرة فلسطينية مع المستوطنات الإسرائيلية بالعمل والاستثمار والتجارة، الأمر الذي يضعف الموقف الفلسطيني السياسي والأخلاقي، بالإضافة إلى تدمير الاقتصاد المحلي.

قصور فلسطيني في وسم منتجات المستوطنات

وطالب عبد الكريم عبر "زوايا"" الضابطة الجمركية والجهات الرسمية تكثيف جهودها لمنع وصول هذه المنتجات إلى الفلسطينيين، وتشديد العقوبات وتعديل قوانين كانت سائدة في خمسينات وستينات القرن الماضي لفرض عقوبات مشددة بحق المخالفين.

والضابطة الجمركية هو جهاز عسكري تنفيذي يتبع لوزارة الداخلية ويخضع لكافة القوانين والأنظمة التي تخضع لها الأجهزة الأمنية والعسكرية، تأسس بقرار رئاسي عام 1995 ومكلف بتنفيذ سياسة الحكومة الاقتصادية والمالية.

وعول المحلل الاقتصادي على ثقافة المواطن الوطنية في الاستهلاك ووضع الأولوية للمنتجات الفلسطينية ومن ثم المستوردة وأن يقاطع نهائياً المنتجات الإسرائيلية بما فيها منتجات المستوطنات، كاشفاً النقاب عن وجود قصور فلسطيني في وسم منتجات المستوطنات، ووضع أسمائها ضمن قوائم يحظر على المواطنين التعامل معها أو شرائها، كما يحدث في العديد من الدول الأوروبية، حيث يجد المواطن الفلسطيني صعوبة كبيرة في تمييز هذه المنتجات.

المهربون يتحكمون في الأسواق

من جهته أكد صلاح هنية رئيس جمعية حماية المستهلك بالضفة الفلسطينية أن منتجات المستوطنات تدمر المنتجات الفلسطينية، حيث تجد دولة الاحتلال في أسواق الضفة سوقا رائجا في ظل حملات المقاطعة الضخمة حول العالم.

ورأى "هنية" أن منتجات المستوطنات المعفية من الضرائب والجمارك التي تغزو السوق الفلسطينية بطرق غير قانونية هي الأخطر على التاجر المحلي، بعد أن بات

المهربون الكبار يتحكمون في السوق المحلي، مشيراً إلى أن قانون حماية المستهلك رقم 21 لعام 2005 يلزم النيابة العامة بإعلان أسماء المهربين واشهارها حتى يتعظ غيرهم.

اقرأ أيضاً: تبييض منتجات المستوطنات.. دعم للاستيطان وإضرار بالمنتج الوطني

وأكدت حماية المستهلك أنها تواصل العمل للوصول إلى المناطق التي تجري فيها عمليات التهريب، والتي غالباً ما تخضع إلى المناطق المصنفة "ج" والتي تخضع للسيطرة الإسرائيلية، حيث تجد الجهات الرقابية صعوبة في ملاحقة هؤلاء المهربين والحد من هذه الظاهرة الخطيرة.

حملات شعبية لمقاطعة منتجات المستوطنات

من جهته طالب "جودة عياد" المختص في شؤون الاستيطان خلال حديثه لـ "زوايا" بأن تكون مقاطعة منتجات المستوطنات مسؤولية جماعية وبتعاون رسمي وشعبي وأهلي، موضحاً أن حصة المنتج الوطني محدودة بالسوق الفلسطيني لوجود منتجات مستوطنات رخيصة الثمن بسبب تمتعها بمزايا ضريبية وحوافز مالية من الجهات الرسمية بإسرائيل.

وتطرق "عياد" لسلسة من الحملات الشعبية التي نظمها نشطاء ضد الاستيطان في مدن الضفة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، مشيرا إلى أنها آتت نجحت نسبياً برفع حصة المنتج الفلسطيني بالسوق، ولكنها لا زالت تفتقر إلى التخطيط الجيد والاستمرارية.

مظاهرات لمقاطعة منتجات المستوطنين

وأضاف "عياد" أن محاولة تسويق منتجات المستوطنات الإسرائيلية يعد انتهاكًا صارخًا للثوابت الوطنية التي تجرّم الاستيطان والتعامل معه، وهي محاولة لشرعنة الاستيطان المقام على الأراضي الفلسطينية، مطالباً التجار الفلسطينيين بالتراجع والتوقف عن هذه الخطوة غير القانونية، والتي من شأنها أن تعزّز من النشاط الاستيطاني، داعيةً السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ الإجراءات العقابية لوقف إدخال منتجات المستوطنات إلى السوق الفلسطينية.  

يذكر أن المستوطنات الإسرائيلية تضم خلف أسوارها العديد من المصانع والمنشآت التي حظيت بدعم ورعاية خاصة من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة؛ وذلك من خلال رصد الموازنات لإنشاء البنى التحتية، وتقديم التسهيلات؛ لا سيما الإعفاءات الضريبية، والحوافز المالية؛ وفتح المجال واسعا أمامها لاستغلال موارد الشعب الفلسطيني ونهب ثرواته؛ وتشير تقديرات مركز المعلومات الوطني الفلسطيني "وفا" إلى وجود نحو 250 مصنعًا في شتّى مجالات الإنتاج؛ فضلا عن ما يقارب 3000 منشأة أخرى، من مزارع وشركات ومحلات تجارية متنوعة.

كما أن القيود الإسرائيلية على التجارة الخارجية أدت إلى التوجه للشراء من سوق المحتل وبالتالي زيادة نسبة التهريب من السوق الإسرائيلية، بالإضافة إلى العامل الجغرافي والسياسي "حدود مفتوحة، منطقة ج، المستوطنات" بالإضافة إلى العبء الضريبي المرتفع، جميعها أسباب أدت لتفشي ظاهرة التهريب.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo