تقرير الاستيطان.. امتيازات تشجيعية ومغرية للمستوطنين مقابل خطط وعود للفلسطينيين

الاستيطان في الضفة
الاستيطان في الضفة

عمدت الحكومات الإسرائيلية لتحقيق هدفها في التوسع الاستيطاني عامل مهم آلية جلب الإسرائيليين من المدن إلى السكن في المستوطنات أو استقدام يهود جدد من الخارج، ولتحقيق ذلك منحت تحفيزات كبيرة للراغبين في السكن بالمستوطنات في الضفة الغربية، بينما لم تستطع السلطة الفلسطينية مواجهة هذا التحدي بإجراءات مماثلة وتقديم الدعم المالي وغيره لدعم صمود الفلسطيني المهددة ارضه بالمصادرة أو التي هدمت منازلهم وتم تشريدهم، والاكتفاء بإجراءات على أهميتها لكنها بحاجة إلى دعم مالي كبير.

وأظهرت البيانات الحكومية الإسرائيلية الرسمية أن كل "إسرائيلي" ينتقل للعيش في المستوطنات يحصل على دعم بأكثر من 50 ألف دولار سنوياً، مقابل امتيازات وإعفاءات ضريبية، ومزايا وحوافز وتسهيلات كثيرة وتطوير مشاريع مالية داخلها وفي محيطه.

وحفزت السياسات الحكومية الداعمة للبيئة الاستيطانية الكثير من العائلات اليهودية ذات الدخل المنخفض لشراء منازل في المستوطنات، وفقا لتحقيق لمركز "بتسيلم" الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الضفة، الذي كشف أن عدد المستوطنين في الضفة قد ازداد بنسبة 222% منذ عام 2000. وتظهر معطيات دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أن الزيادة الطبيعية السنوية للمستوطنين بلغت 3.2%، في حين بلغت الزيادة الطبيعية بإسرائيل 1.9%، ومنذ عام 2010 زاد التعداد السكاني للمستوطنين بنسبة 42%، مع إضافة 75 بؤرة ومزرعة استيطانية جديدة فوق أراض بملكية خاصة للفلسطينيين.

اقرأ أيضاً: الاستيطان "الصامت".. نهبٌ يفوق المُعلن

علماً بأن إجمالي البؤر الاستيطانية يبلغ 150 تم خلال العام الأخير شرعنة 15 منها على أيدي حكومة الاحتلال.

المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، أكد في حديث لـ "زوايا"، أن الحكومة الإسرائيلية تقدم تسهيلات لا حدود لها لأي إسرائيلي يرغب في التحول لمستوطن (نقل سكنه من مدينة اسرائيلية الى مستوطنة في الضفة الغربية)، وتحفيزات منها حصول المستوطن على بيت كبير بثمن أقل من إسرائيل، وامتيازات ضريبية، والسماح بشراء اكثر من عقار، والكثير الكثير من التسهيلات، لافتاً إلى أن هذه التسهيلات دفعت ببعض الاسرائيليين الى ان يتحولوا لمستوطنين من اجل الاستثمار القصير بشراء البيوت، واستثمار على المستوى البعيد، حيث أنهم يعتقدون أنه خلال مفاوضات سلام يمكن أن يتم الاخلاء وعندئذ يتم تعويضهم بسعر عالي. كما حدث للمستوطنين في قطاع غزة.

وأشار إلى أن القوى التي تذهب باتجاه السكن في المستوطنات، هم أصحاب الانتماء الايديولوجي اليميني المتطرف، الذي يسعى لإلغاء ايجاد حل سلمي مع الفلسطينيين الذي يقوم على إزالة الاحتلال واستقلال فلسطين، وهذه كمية كبيرة أكثر من ثلث المستوطنين من الايديولوجيين.

وأضاف أن هناك شريحة أخرى من المستثمرين، وهم المتدينون اليهود المتزمتين، الذين يقيمون بيوتهم على الحدود مع السلطة الفلسطينية بالضبط، بحيث عندما يكون حل سلمي يبقون مكانهم ولن يكون وجودهم عقبة أمام الحل السياسي ولا يهدد وجودهم كما في مودمين في وسط الضفة وبيت لحم.

وأوضح أن هناك فئة أخرى تذهب باتجاه المستوطنات وهم فئة "الزعران"، حيث يكون اللجوء للمستوطنات ملجأ للهروب من القانون، أو من يريد ممارسة العربدة ضد الفلسطينيين بالاعتداء عليهم.

السلطة ومقاومة الاستيطان

رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، أوضح في حديث لـ "زوايا"، أن السلطة الفلسطينية تقوم بإجراءات لمواجهة الاستيطان عبر ثلاث مستويات، وهي المستوى السياسي، ويتمثل هذا بموقف فلسطيني موحد يناضل محليا ودولياً من أجل تفعيل القرارات الدولية، وجلب مواقف داعمة للفلسطينيين وضد الاستيطان مع الاتحاد الاوروبي والعرب والادارة الامريكية الجديدة للضغط على "إسرائيل" لوقف الاستيطان. فيما المستوى الثاني، يتمثل في العمل القانوني، من خلال محاكمة الجنايات الدولية لمواجهة الاستيطان وسياسة الهدم ومصادرة الاراضي، وتوثيق الانتهاكات بشكل كامل، وما نجم عن هذا التحرك من فتح تحقيق أولي في شأن جرائم الاحتلال خاصة في ملف الاستيطان، معرباً عن أمله أن يتم الاسراع في اتخاذ قرار من المحكمة وبالتالي ملاحقة هؤلاء المجرمين.
وأشار إلى أن المستوى الثالث، يتمثل في تعزيز صمود المواطنين وتثبيتهم ومواجهة مشروع التهجير، من خلال فتح مشاريع مدارس ورياض أطفال في مناطق الاغوار، بإجمالي 16 روضة و22 مدرسة تحدي.

ولفت عساف إلى أن هناك خطة لتعزيز صمود المواطنين في الاغوار والمناطق (ج)، بالإضافة للمقاومة الشعبية التي نجحت في الكثير من المواقع، كما حصل في جبل العربة وجبل عيبال في عصيرة الشمالية، وفي جبل جرزيم بالخليل، ومناطق كثيرة جداً، فعاليات سلمية لمواجهة الاستيطان.

وحول الامتيازات التي تقدمها السلطة للمواطنين في مواجهة الامتيازات للمستوطنين، قال عساف:" في حقيقة وضعت خطة ولكن الظروف المالية الصعبة خلال الاعوام الثلاثة الماضية حالت دوت تطبيق خطة البناء.

بالإضافة إلى أن هناك خطة أخرى في إطار التصدي لعمليات الهدم التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي، بالحفاظ على التجمعات الفلسطينية الموجودة، ومنع التهجير القسري، وبناء الخيام التي هدمت في بلدة "أم جمال" شرق طوباس وتجمع الميتة وغيرها.

ولفت إلى أنه يتم تقديم مئات الخيام لمئات العائلات التي هدمت منازلها، أو المهددة بالهدم الذي يستهدف الاحتلال تهجيرهم، وكذلك دعم للمدارس "مدارس التحدي" ورياض الاطفال، ونقوم بتوفير التأمين الصحي، والكهرباء والمياه، كلها توفر للتجمعات في المناطق (ج) الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية ويمنع على الفلسطيني البناء فيها دون الحصول على تراخيص من "إسرائيل".

لا شيء للفلسطينيين يقدم

خليل التفكجي مدير الخرائط بجمعية الدراسات العربية، أوضح أن التحفيزات والتسهيلات والدعم الذي تقدمه الحكومة الاسرائيلية للمستوطنين، يقابله لا شيء يقدم للفلسطيني الصامد في أرضه أمام تغول الاستيطان والمستوطنين.

وفي ظل السياسيات الحكومة الرسمية لتعزيز الاستيطان في ظل العجز الفلسطيني في توفير الدعم المالي للفلسطينيين المهددين بالتهجير لإبطال قرارات الاحتلال في المحاكم، فإن تسارع نمو الاستيطان سيستمر في ظل حكومة يمينية متطرفة قائمة على الاستيطان.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo