بنية التعليم العام بين الضفة والقطاع .. هل غزة درجة ثانية

طلاب
طلاب

لا دور للحكومة في كل الأدبيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أهم من تزويد السلع العامة التي يفشل السوق في تزويدها بكفاءة وعدالة مثل الأمن والحماية للأفراد اقتصاديا واجتماعيا وتنظيم السوق والصحة وجهاز العدالة والبنى التحتية المادية من طرق وموانئ ومطارات والبنى الاجتماعية من مدارس ومؤسسات ثقافية وما يستلزم ذلك من بنية مؤسسية وتشريعية وقانونية ...الخ.

وان الهدف الأسمى من كل هذا الدور القوة والنمو والرفاه والسعادة حسب معطيات الفكر الاقتصادي تاريخيا ومراحله،  لكل أفراد المجتمع، وهو ما لا يتحقق إلا من خلال تحقيق العدل وزيادة التجانس بين فئات المجتمع وشرائحه وطبقاته ومناطقه المختلفة فتأخذ من الغني وتعطي الفقير وتنمي المناطق المهمشة والريفية وتدعم الشرائح الهشة عبر سياساتها المختلفة خصوصا المالية والدخل. إن بنية التعليم الاجتماعية لهي الجوهر في الحد من التباين بين أفراد المجتمعات والذي يقود لتطبيق وقبول عملي لقيم العدالة والمساواة والحرية مما يعزز الانتماء للوطن والمجتمع.

اقرأ أيضاً: الفاقد التعليمي. بين ضعف التعليم البديل وعلاج بحاجة للتكاملية والدعم

إن ابسط أشكال العدالة المطلوبة لهي التوازن المقبول في الإنفاق على التعليم وبناه المادية والاجتماعية، والتوازن هاهنا لا يعني مطلقا التساوي وإنما تعزيز الإنفاق على المناطق المهمشة والفقيرة لعدم قدرتها على التمويل الخاص للتعليم على عكس المناطق والشرائح الغنية.

وان ما يؤسف أن نجد تباينا حادا ومؤلما في متوسطات ابسط مؤشرات التعليم للأعوام من 2014 وحتى 2020 والمنشورة بواسطة المركزي الفلسطيني للإحصاء نجد أن نسبة المدارس والمعلمين بين الضفة الغربية وقطاع غزة، فالضفة تستحوذ على حوالي 76 % و64% من المدارس والمدرسين في فلسطين على التوالي والتي تقدم خدماتها التعليمية لما نسبته 57% من الطلاب في فلسطين، وبمعنى آخر فان القطاع يستحوذ فقط على 24% و 36% من المدارس والمعلمين بينما نسبة طلابها تبلغ اقل قليلا من 43% لإجمالي الطلاب الفلسطينيين، مع الأخذ بعين الاعتبار توقف معتبر للمعلمين بالقطاع عن تقديم الخدمات التعليمية على الرغم من أنهم على سلم الكادر الوظيفي وتلقيهم لرواتبهم وبقبول وسماح من الحكومة في رام الله.

قد تبدو هذه الأرقام غير مرهقة للبعض إلا أنها تعني بكل وضوح إن متوسط عدد الطلبة لكل مدرسة بالقطاع 731 طالب بينما هي 315 طالب لكل مدرسة بالضفة الغربية أي بأقل من النصف لما هي عليه بالقطاع، ومن جانب آخر، فان متوسط عدد الطلاب لكل مدرس تبلغ 26 و 20 في كل من القطاع والضفة الغربية، على الرغم من كونها نسبة مغبونة بسبب التوقف الذاتي "الشرعي والقانوني" لمعتبر من المعلمين عن أداء واجبهم على الرغم من كونه توقف وكونها سياسة غير مقبولة أخلاقيا ووطنيا وعقلا ولا تتوافق مع أي معيار سوى معيار حكومتنا العتيدة. وقد يبلغ هذا العدد اكبر من مجموع معلمي محافظتي الخليل وأريحا مثلا.

إن هذا التباين لا يقود إلا لحال من اثنين إما أن يكون شكلا من التنمية الثنائية الجغرافية، بمعزل عن وجود تنمية ثنائي مركبة بإدراج الطبقة العليا المتحكمة سلطوية رأسمالية والطبقات الدنيا ودنيا المتوسطة التي تشكل الأغلبية الساحقة وهو مجال نقاش آخر، وهو حتما سيقود لانفصال حتى في ظل عدم وجود من يسعى لذلك كالاحتلال، والأمر الآخر هو مصير الأول وهو تعزيز الفصل الجغرافي بفصل كامل وهو ما يسعى له الاحتلال لتصفية القضية الفلسطينية.

فهل من يدرك ويستدرك من أولي اللب والقرار.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo