تقرير قطاع غزة بعد العدوان.. تأخر الإعمار ينذر بشتاء قاس

تدمير المباني بغزة
تدمير المباني بغزة

شوارعٌ ومفترقات رئيسية وشبكات مياه وصرف صحي وشبكات إنارة طالها القصف الإسرائيلي خلال العدوان على قطاع غزة في مايو 2021، ما أعاقَ حياة الفلسطينيين في غزة وهدّد حياتهم ومستقبلهم، لا سيما أن قطاع غزة مقبلٌ على شتاءٍ قد يضاعف المشكلات التي كانوا يعانون منها خلال السنوات الماضية.

وفي هذا التقرير تستضيف "زوايا" مدير المشاريع والإعمار في وزارة الحكم المحلي في قطاع غزة، ومدير المياه والصرف الصحي في بلدية "غزة" للاطلاع على واقع البنية التحتية في القطاع، وفي مدينة غزة الأكثر تضررًا جراء العدوان، ولمعرفة مدى تأثيرات العدوان على الطرق وشبكات المياه والصرف الصحي. 

خسائر هائلة في قطاع غزة

بدوره، مدير المشاريع والإعمار في وزارة الحكم المحلي المهندس رامي المصري، أن العدوان الإسرائيلي استهدف البنى التحتية في قطاع غزة على نحوٍ واسع، والنسبة الأكبر منه كانت بمحافظة غزة بـمعدل 45%، يليها الشمال متمثلا ببيت لاهيا وجباليا وبيت حانون وأم النصر بحوالي 30%، وباقي المحافظات بنسبة 25%.

وعن خسائر شبكات المياه والإنارة والطرق والصرف الصحي في قطاع غزة، قال "المصري": "إن حجم الخسائر وحدها في قطاع المياه والصرف الصحي بلغت 16 مليون دولار في القطاع، فيما بلغت حجم الأضرار في الطرق وشبكات الإنارة حوالي 65 مليون دولار".

وأوضح المصري أن البنى التحتية في قطاع غزة غير جاهزة وبحاجةٍ لتحديث مستمر، وهناك شوارع رئيسية في قطاع غزة، مثل شارع عمر المختار والوحدة تحتوي على شبكات مياه وتصريف أمطار وصرف صحي يبلغ عمرها أكثر من 30 سنة.

مناشدات واسعة

وأكد "المصري" أن قطاع غزة يواجه مشكلة حقيقة، وأن وزارة الحكم المحلي ناشدت كل الجهات المانحة وكل المهتمين بالإعمار للبدء في إعادة تأهيل الطرق والشبكات، مشيرًا إلى أن البلدية جهزت جداول الكميات وأحصت حجم الأضرار وأرسلتها للجنة القطرية والمصرية.

وبشأن تأثير العدوان على البنية التحتية، قال "المصري" "تأثير العدوان مضاعف هذا العام، ونحن متخوفون من شبكات مياه الأمطار التي عجزنا عن إصلاحها بسبب عدم بدء الإعمار، وفعلًا ينتظرنا شتاء ساخن ولا سيما في المناطق المقصوفة".

اقرأ أيضاً: النائب السابق في الكنيست طلب الصانع: حكومة "بينيت" يمكنها تحريك المياه الراكدة في عملية السلام

وعن التحديات أمام قطاع غزة خلال الشتاء القادم، قال المصري "سوف نكون صريحين الوضع القادم ليس سهلًا، والبلديات بدأت بتجهيز لجان الطوارئ للتدخل العاجل وأعلنت التأهب لمعالجة الفيضانات والانهيارات المتوقعة، لأن هذا الشتاء بعد العدوان ليس كالفصول السابقة، لأن المشكلة أصبحت مضاعفة".

وأوضح أن شبكات تصريف الأمطار المتضررة بشكل فعلي، كانت في المناطق التي تعرضت للعدوان بشكل مكثف، في مدينة غزة وجباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، مبينًا أن 50-60% من شبكات تصريف مياه الأمطار دُمرت أو تأثرت بفعل العدوان على قطاع غزة.

ولفت "المصري" إلى أن شبكات الصرف الصحي ملازمة لشبكات تصريف مياه الأمطار، وقد تعرضت الأولى لأضرار بنسبة 70%، فيما تضررت شبكات الإنارة والطرق في قطاع غزة بنسبة 60%.

استهدف متعمد وممنهج

ومن جانبه، بيّنَ مدير المياه والصرف الصحي في بلدية غزة المهندس أنور الجندي، أن العدوان الأخير على قطاع غزة، استهدفَ بشكلٍ مباشر وممنهج ومتعمّد البنية التحتيةِ، ولا سيما في مدينة غزة.

واستهدفَ القصف الإسرائيلي الخطوط الناقلة للصرف الصحي، والخطوط الناقلة من آبار الشمال لشبكاتِ غزة، والخطوط الرئيسية الناقلة لمياه الأمطار وشبكات مياه الأمطار ذات التكلفة العالية، والطرق الرئيسية في قلب المدينة والتي قطعت أوصالها مثل شارع الوحدة والمختار والثلاثيني شرق غزة شمال جنوب، وثماني خطوط كهرباء رئيسية من أصل 10 واصلة من الجانب الإسرائيلي، حسب "الجندي".

دمارٌ هائل نتيجة العدوان

ودمر القصف الإسرائيلي 30% من شبكة المياه، كان معظمها خطوط ناقلة رئيسية وفرعية، و25% من شبكات الصرف الصحي، و90 % من الخطوط الناقلة لمياه الأمطار، حسب حديث "الجندي" لـ "زوايا"

ومّما "زاد الطين بلة" القصف الإسرائيلي لخطوط الكهرباءِ، والتي أثرت على تشغيل آبار المياه خلال العدوان وما بعد العدوان استمرت فترة كبيرة، كما دمّرت طائرات الاحتلال اثنين من الآبار الرئيسية في شمال قطاع غزة، ولكنّها تابعة لمدينة غزة وتغذي 30% من مدينة غزة، ويبلغ قطرها (22) إنش.

وأشار "الجندي" أن القصف الإسرائيلي دمر العديد من مضخات الصرف الصحي، ومنها المضخة الرئيسية رقم (1) للصرف الصحي والتي تقع قرب "منتدى الرئيس" والتي تضخُ 14 ألف متر مكعب بشكل يومي نحو محطة المعالجة الرئيسية في الشيخ عجلين، حيث تم تفريغ مياهها للبحر بصورةٍ غير معالجة ما أدى لتلوث مياه البحر.

وعملت البلدية ليلًا ونهارًا على وصل خطوط المياه وفتح الطرق المدمرة، لكي يتسنّى لسيارات الإسعاف والدفاع المدنية المرور وإنقاذ المصابين من تحت الركام، ونفذت البلدية صيانة مؤقتة ومباشرة لخطوط المياه المدمرة لإيصالها للمواطنين، وتم تأجل صيانة خطوط الصرف الصحي لما بعد العدوان، والتي شرعت في صيانته مباشرة بعد الحرب بشكل مؤقت، حسب "الجندي".

وعودات بالتمويل لم تتحقق

ولفت "الجندي" أن البلدية تركت شبكات خطوط الأمطار بلا صيانة، لأن البلدية تلقت عدة وعودات من دول مانحة لإعادة الصيانة والتأهيل ومن ضمنها منحة الـ USA والمقدرة بـ 25 مليون دولار، والبنك الإسلامي بقيمة 2.5 مليون دولار، والمنحة القطرية التي وعدت بإعادة إعمار المباني وتأجيل البنية التحتية لوقتٍ لاحقٍ وجميعها متوقف حتى اللحظة.

وقال الجندي " ننتظر التمويل اللازم من أجل تطوير الخطوط، وللأسف تم وقف معظم التمويلات، لذا شرعنا بتمويل ذاتي من البلدية لعمل الصيانة لكل الخطوط اللازمة ووصل الخطوط مع بعضها البعض، حتى يتم انسياب وتفريغ الخطوط لمجرى مياه الأمطار".

وعزى "الجندي" توقف الدعم لأسبابٍ سياسيةٍ بحتة، منبهًا إلى أن البلدية كان من المفترض أن تشرع في تطوير البنية التحتية بدعم من الولايات المتحدة الذي توقف خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وصوت عليه النواب الأمريكيون بـ "الفيتو" خلال رئاسة جو بايدن" بعد إرجاع المنح.

حلول ترقيعية وشتاءٌ قاسٍ

ويوجد في مدينة غزة 30 منطقة ساخنة، أي أنها أكثر عرضة للغرق خلال فصل الشتاء، وعدم صيانة شبكات تجميع الأمطار سيسبب مشكلة كبيرة فيها.

وأكثر المناطق الساخنة هي شارع عبد القادر الحسيني ومسجد الكنز والتايلاندي، والبلدية قامت بصيانة "ترقيعية" كي يتم تفادي غرق المدينة، كما ذكر "الجندي".

 وأشار "الجندي" إلى أن هناك خط أمطار رئيسي ناقل تم تدميره بشكل كامل، بالصواريخ الارتجاجية في المناطق الساخنة والتدمير يكون في مكان سقوط الصواريخ وفي المساحة المحيطة، ولا تملك البلدية أي جهاز لرصد مدى الدمار والكشف عن المناطق المتضررة.

وتمنّى مدير الصرف الصحي في بلدية غزة، ألا تحدث ضغوط في الشتاء على الشوارع الساخنة، وأبرزها شارع عبد القادر الحسيني وهو الخط الرئيسي الناقل الذي تم إيصاله بشكل مؤقت وهو بحاجة لمشروع لإعادة الخط إلى ما كان عليه قبل العدوان، ليخدم خلال السنوات القادمة.

وأطلقت بلدية غزة تحذيراتٍ إلى المواطنين في منطقة عبد القادر الحسيني والكنز والمناطق الساخنة، لأخذ الاحتياطات اللازمة.

وعن القدرة الاستيعابية للخطوط الناقلة لمياه الأمطار، قال "الجندي": "القدرة الاستيعابية للخطوط الناقلة كما هي قبل وبعد العدوان، لأننا قمنا بإصلاحات مؤقتة، وإن تطوير وإعادة تأهيل خطوط الأمطار بشكل دائم يحتاج إلى 5 ملايين دولار".

وهناك ثلاث مناطق رئيسية في غزة لتفريغ مياه الأمطار واستيعابها "بركة الشيخ رضوان، عسقوله، حديقة الصداقة"، ونبه "الجندي" أن الاحتلال دمّر المخرج الناقل لبركة الشيخ رضوان على بحر قطاع غزة، واستطاعت البلدية من خلال تمويل من الصليب الأحمر إعادة تأهيل هذا المخرج والعمل بالمشروع لا زال جاريًا".

وبعد تأخر إعمار قطاع غزة لا سيما في مجال الصرف الصحي والمياه والطرق، يبقى السؤال المطروح ما الذي ينتظر الفلسطينيين في غزة في حال حل شتاء قاس على القطاع، وما مصير المناطق الساخنة وتداعيات ذلك على حياة الفلسطينيين؟ 

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo