- زيارة هنية للمغرب تعطي الأنظمة المطبعة شرعية على تطبيع علاقاتها مع الاحتلال.
- زيارة هنية للمغرب تشكل ضربة للقوى الشعبية والتيار المناهض للتطبيع
- حماس تشعر أنها في مواجهة مع منظمة التحرير وليس "اسرائيل".
- حماس تعمل على استغلال التحولات بعد هبة مايو لتكرس وجودها باعتبارها إما ممثلاً للشعب الفلسطيني،أو شريك أساسي للتمثيل الفلسطيني.
- حماس أصبحت براغماتية إلى حد لا يطاق.
قُوبلت اتفاقات التطبيع التي وقعتها أربع دول عربية في نهاية العام الماضي، مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ برفض فلسطيني جامع. رغم وجود الخلافات الداخلية السياسية بين حركتي حماس، واعتبروا أن التطبيع يمثل خيانة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والمقدسات الإسلامية في القدس التي تتعرض لانتهاكات مستمرة من قبل الاحتلال، وطعنة في الظهر، وضربة للمبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت عام 2002، إلا أن زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية للمغرب أمس الأربعاء الموافق 16 يونيو، بدعوة من رئيس حزب العدالة والتنمية الذي وقع اتفاق التطبيع مع "إسرائيل"، سعد الدين العثماني، يمثل تراجعاً في موقف حماس أم أنها زيارة تأتي في إطار محاولة تعديل مسار المغرب والتراجع عن التطبيع، أم أن هذه الزيارة سيلحقها زيارات أخرى منفردة للإمارات والبحرين والسعودية لمكافأة المطبعين!، وما الذي دفع حماس للقبول بدعوة العثماني؟.
يشار إلى أن دول عربية وقعت اتفاقات تطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في منتصف سبتمبر من العام الماضي في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهي الامارات والبحرين، باسم اتفاق ابراهام، وتبعتهما كلاً من السودان والمغرب.
وفي 10 ديسمبر/كانون أول الماضي، أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي والمغرب، استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد توقفها عام 2000.
وعقب عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، في تغريدة له على حسابه على موقع تويتر قائلاً:" "نرفض وبشدة توقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب وأمريكا والكيان الصهيوني". وأضاف إنها "خطوة مستنكرة لا تعبر عن الشعب المغربي الأصيل، ومواقفه المبدئية الداعمة للقضية الفلسطينية".
وتابع أبو مرزوق، "أصابنا خذلان كبير بتوقيع رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني للاتفاق، والذي كنا نأمل منه اتخاذ موقف تاريخي مشرف".
حماس في مواجهة مع المنظمة وليس اسرائيل
الدكتور إبراهيم أبراش وزير الثقافة الأسبق، أشار إلى أن زيارة هنية للمغرب تأتي في إطار ما تشهده علاقة الدول العربية من تحولات في المشهد السياسي مع السلطة الفلسطينية من جانب وحركة حماس من جانب آخر.
وأوضح، أن التحول في موقف حركة حماس من المغرب والذي يصل حد التناقض، حيث أدانت الحركة رسمياً ما أقدمت عليه المغرب بأشد العبارات، واليوم تقوم بزيارتها، يقرأ أيضاً أنه على أنه تحول في الموقف المغربي تجاه حماس، خصوصاً أنها دولة مطبعة مع "اسرائيل". على المستوى المغربي، ونفس الشيء قد يكون على مستوى مصر، كيف كانت العلاقة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكيف أصبحت الآن من علاقات طيبة وصور السيسي تملأ شوارع غزة.
وتابع، أن جزء من هذا التحول المغربي مع حركة حماس، ربما جزء منه له علاقة بتداعيات المواجهة الأخيرة التي تشعر هذه الدول أن حماس أصبحت عنواناً ولو على مستوى قطاع غزة، ولا يمكن تجاهلها حتى أصبح لها حضور أكثر في قطاع غزة.
واعتبر أبراش أن الزيارة تأتي مكافأة من حماس للمغرب المطبعة، مشيراً إلى أن حماس كانت مواقفها متشددة ضد التطبيع، وعندما حدث التطبيع سمعنا مسؤولين من حماس ينتقدون المغرب بألفاظ قوية جداً، وزيارة هنية اليوم تأتي لتقول "عفى الله عما سلف"، ولا مشكلة في التطبيع، وطبعوا كما شئتم ولكن أقيموا علاقات معنا.
اقرأ أيضاً: بعد أربع حروب.. أطفال غزة غارقون في الاضطرابات النفسية
وأضاف، أن برغماتية حماس اليوم أصبحت زائدة عن الحد، هي تريد تثبيت حضورها بأي ثمن كان. وبالتالي هناك تغير في موقف حماس، اليوم بالنسبة للمغرب المطبعة، وغداً ربما مسؤولين حمساويين في دول مطبعة أخرى،ـ من شأنه أن يعطي الأنظمة المطبعة درجة من الشرعية على ما قامت به من تطبيع، ويحرج القوى الشعبية الرافضة للتطبيع، وكأنه سيقول لها أصحاب البيت المعنيين بالأمر يزورون المغرب ولا توجد لديهم مشكلة فلماذا تحتجوا؟. كما أنها ستكون بمثابة ضربة للتيار المناهض للتطبيع على مستوى العالم العربي.
حماس أصبحت برغماتية لا تطاق
في ذات السياق، رأى أبراش، أن حماس تشعر الآن أنها في حالة مواجهة مع منظمة التحرير الفلسطينية وليس مع "اسرائيل"، وتريد أن تستغل الأوضاع والتحولات التي جرت بعد "هبة مايو" لتكرس وجودها باعتبارها إما ممثلاً للشعب الفلسطيني، أو شريك أساسي للتمثيل الفلسطيني، وهذا الذي دفعها لاتخاذ الخطوات التي قد تفسر على انها برغماتية ويمكن أن تفسر بتفسيرات أخرى وهي أن مصلحة الحزب أصبحت أهم من القضية الوطنية بشكل عام.
وزاد، أن التناقض لدى مواقف حركة حماس يفقدها المصداقية في الخارج، متسائلاً: لماذا هذا التناقض في المواقف؟ وأين هي المبادئ؟، متوقعاً أن تسير حماس على نهج منظمة التحرير، وأن حماس تريد التعامل مع كل الأحزاب السياسية في المنطقة سواء تقيم علاقات مع اسرائيل أو لم تقيم.
الزيارة تأتي في إطار تطويع حماس لبيت الطاعة الإسرائيلي
أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير-زيت نشأت الأقطش، قال معقباً على زيارة هنية للمغرب في حديث لـ "زوايا"، ان حركة حماس هي حركة سياسية تبحث عن مصالحها كغيرها، شكلها ديني، وهي تمارس السياسة اليوم وليس المبادئ، غير مستبعد أن يزور الامارات والدول المطبعة الأخرة، مشدداً على أن التطبيع خيانة من أي جهة كان.
وأضاف، أننا أصبحنا في عصر أصبحت فيه معايير مزدوجة لدى حركتي فتح وحماس، لها مقياسين، وهو أن التطبيع من حركة فتح حلال، والتطبيع من حماس حرام، والعكس.
وأشار إلى أن الرئيس الراحل ياسر عرفات، كان يقول عندما عرض عليه في العام 1979م، أن يكون جزء من الحل، قال "إن التفاوض خيانة"، وأصبح أخيراً مجبراً من العرب على السير في نفق السلام.
وأوضح الأقطش إلى وجود توجه دولي يريدون جهات قريبة من حماس، مشيراً إلى أن بعض المواقف لبعض الدول العربية تحاول التقرب من حركة حماس لأن الغرب يحاول أن يعرف معلومات، مذكراً بنفس المرحلة التي عاشتها منظمة التحرير الفلسطينية عندما كانت تقاتل "إسرائيل" بما لديها من عتاد عسكري أقوى من حماس، كان الجميع يحاول التقرب منها، وعندما سارت في طريق السلام تم معاقبتها اليوم بسمعتها وتشويهها بدل من مكافأتها.
اقرأ أيضاً: “الأونروا”.. من تثبيت اللجوء حتى مخطط التصفية
ورأى أن هناك محاولة لتطويع حركة حماس وإحضارها لبيت الطاعة الإسرائيلي، كما حدث مع المنظمة التي كانت أقوى من حماس اليوم، ولكن عملية التطويع تمت، معرباً عن خشيته أن نفس العملية تتم لتطويع حركة حماس.
الأجدر رفض هنية للزيارة
في ذات السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الجزائري رضوان بوهيدل، أن المشكلة ليست في اسماعيل هنية بقدر ما هي في المملكة المغربية أو النظام الذي يقوم بعملية تجميلية له أمام الدول العربية والافريقية باستدعاء هنية، وفي نفس الوقت الذي يقوم فيه العاهل المغربي بتهنئة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بنيت على المنصب، موضحاً أن هذا يدلل على أن هناك انفصام في الشخصية السياسية والدبلوماسية للنظام المغربي.
وشدد بوهيدل، في حديث خاص لـ "زوايا"، على أنه كان الأجدر بهنية رفض الدعوة، لأن قبول الزيارة يساهم في دعم ما قامت به المغرب من التطبيع مع الكيان الصهيوني، وسيتم استغلال الزيارة من طرف المغرب، لأن المستفيد الوحيد من الزيارة هم المطبعون وليس الفلسطينيون.
وتوقع أن تنعكس نتائج الزيارة بخسارة لهنية أكثر من المكاسب التي يحققها كشخص سياسي وحركة مقاومة، ولفلسطين ككل.
وأوضح، أن الرهان كبير على هذه الزيارة التي هي محاولة فقط لاستمالة عنصر مهم وفاعل على الساحة الفلسطينية لصالح المغرب، التي تعد رأس المطبعين مع الكيان الصهيوني، وأن الملك المغربي قد يجلس مع حركة حماس ممثلة بهنية الذي يمثل جزء من المقاومة في فلسطين.
وقد أصدرت حركة حماس بيان لتوضيح أهداف زيارة هنية للمغرب جاء فيه "وصل الأخ المجاهد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ووفد قيادي من الحركة مساء اليوم الأربعاء 16/ 6 إلى المملكة المغربية في زيارة رسمية ضمن زياراته لعدد من دول المنطقة."
وبحسب البيان"وتهدف هذه الزيارات إلى تحشيد الموقف العربي والإسلامي لخدمة القضية الفلسطينية، وحماية القدس والمسجد الأقصى من التهديدات الصهيونية المتواصلة، وفي ظل ثبات وصمود الشعب الفلسطيني، وانتصار مقاومتة الباسلة في معركة سيف القدس."
بدوره، أوضح الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حماس مصطفى الصواف خلال مقابلة مع موقع "زوايا"، أن زيارة هنية للمغرب جاءت في محاولة منهم لإقناعهم بالعدول عما تسعى إلي تطبيقه خاصة وأن المغرب يربطها بفلسطين والقدس رابط يسمي "صندوق القدس".
وأشار إلى أن محاولات حماس قد تنجح في إقناع الدول لإعادة النظر في علاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي، موضحاً أن زيارة حماس دبلوماسية ضمن عمل حماس الدبلوماسي داخليا وخارجيا.
وأكد الصواف أن هذه الزيارات من قيادة حماس تهدف للتوضيح بأن الاحتلال عدو غادر ومحاولة منهم لشرح القضية بكافة أبعادها وممارسات الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني.
وأمام استياء النخبة الفلسطينية من زيارة هنية لدولة مطبعة بعد عدة أشهر قليلة من قذفها بأبشع الأوصاف وإشادتها بالشعب المغربي الذي خرج ضد التطبيع، يبقى السؤال هل هناك تغيراً جدياً في مواقف حركة حماس من التطبيع، وهل من المحتمل أن نرى هنية في عواصم التطبيع في إطار توسيع نفوذ الحركة بعلاقاتها مع المحيط العربي؟