حماس أمام توجّهين دوليين بعد الحرب .. ما هما؟

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية وقائد الحركة في غزة يحيى السنوار
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية وقائد الحركة في غزة يحيى السنوار

فتحت جولة القتال "الصعبة" التي دارت مؤخراً بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، الباب مُراوباً أمام احتمال مقاربة دولية جديدة في طريقة التعاطي مع حركة "حماس" قد تصل حدّ الحوار "مباشر" معها، وفق مراقبين.

وقد عزز هذه التقديرات العديد من المقالات لصحفيين كبار بينها مقال للأردني عريب الرنتاوي بعنوان "حماس بعد (سيف القدس): في الطريق لقيادة النظام الفلسطيني"؛ إذ يقول الرنتاوي إن إعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، أن الوقت قد حان للبدء في حوار "غير مباشر" مع حركة حماس، يعني أن الوقت بالنسبة لدول غربية أخرى، ربما يكون قد نضح لإجراء "حوار مباشر" مع الحركة ... ومعنى ذلك أيضاً، أن الباب قد فُتح موارباً، لحوار مباشر لاحق، ستجريه الدول "المترددة" مع حماس في قادمات الأيام، وفق الرنتاوي.

مقال في صحيفة قومية أمريكية بعنوان: "تحدثوا مع حماس"

الصحفي المختص بالشؤون الفلسطينية والأمريكية داود كُتّاب قال لموقع "زوايا" إنه لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة تجرؤ صحيفة قومية هي "لوس انجليس تايمز" على نشر مقال كتبه بقلمه بعنوان: "تحدثوا مع حماس".

لكن كُتّاب يطرح في المقال مقترحاً ونصيحة للأطراف الدولية لتحريك المياه الراكدة فيما يخص القضية الفلسطينية للخروج من عنق الزجاجة، أكثر من كونه تنبؤاً بخصوص طريقة التواصل الدولي مع حماس.. فحسب رأيه، لا جدوى من الفيتو الدولي أمام مشاركة "حماس" في أي حكومة فلسطينية عبر فرض اشتراطات عليها من قبيل الموافقة على شروط الرباعية الدولية.

اقرأ أيضاً: مقدسي قدم مساعدة ليهودي فتحولت لنقمة على أحفاده في الشيخ جراح”انفوجراف”

وفق كُتّاب، ثمة طريقة أخرى تُبنى على اقحام حماس بالمشاركة في السلطة والحكومة، تماماً كما حصل مع "فتح"، وهو ما يدفعها إلى الترويض.

غير أن كُتاب يعتقد أن أوروبا لا زالت مقيدة فيما يخص الحوار المباشر مع "حماس"؛ ذلك أن دولة المجر ترفع الفيتو أمام أي توجه من هذا القبيل من الاتحاد الأوروبي.

وشدد على أنه لا بد من قبول المجتمع الدولي لحكومة وحدة تشارك بها "حماس"، وأن يتم فرض هذا الموضوع؛ لأن عدم قبول "حماس" سابقاً هو سبب المشاكل المتراكمة اليوم، وفق تقديره.

كنتيجة للحرب..توجهان دوليان نحو "حماس"

من جانبه، قال القيادي في حركة "حماس" عاطف عدوان إن الحرب الأخيرة على غزة قد أنتجت توجهين دوليين؛ الأول أبقى العمل مع السلطة على اعتبار أنها الجهة الأكثر ليونة ووسطية.

وقد عبر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه، حينما أكد على ضرورة العمل مع رئيس السلطة محمود عباس.

وأما التوجه الثاني، فقد تمثلت بقناعة جديدة على المستوى الشعبي والرسمي في العالم بأن هناك رقماً فلسطينيا "صعباً" لا يمكن تخطيه ألا وهي المقاومة.

وهنا، أكد عدوان أن هناك مسؤولين غربيين وصفوا المقاومة ب"الارهاب" وآخرون سموها ب"جماعات مسلحة".

لكنّ الأكيد- بحسب عاطف عدوان- هو أن نظرة عالمية تولدت ومفادها "أن الفصائل في غزة هي قوة لا يمكن تخطيها في أي حل سياسي، حتى أن رئيس السلطة محمود عباس لا يملك السيطرة عليها".

وأضاف عدوان "لذلك سمعنا من أوروبيين وأمريكيين- كثمرة إيجابية للمعركة- أنهم دعوا إلى فتح حوار مباشر مع حماس.

اقرأ أيضاً: القدس” توحد الفلسطينيين من النهر إلى البحر وتكسر حاجز الخوف من الاحتلال

وقد استنتجنا ذلك من تصريح للممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، من منطلق انه لا يمكن تمرير أية حلول من دون حماس".

لذلك، يتوقع عدوان أن نشهد تطوراً في اتصالات دولية مع حماس بالمرحلة القادمة، مشيراً إلى أن هذه الاتصالات من كل الجهات الأوروبية وحتى الأمم المتحدة لم تنقطع أصلاً في الفترة الماضية، لكنها ستقوى بحكم "أننا أمام واقع مختلف عما كان عليه سابقاً".

ولكن السؤال: هل تدخل "حماس في حكومة وحدة وطنية إذا عبرت الأطراف الدولية عن إمكانية قبولها دون أي "فيتو"؟

يُجيب عاطف عدوان: "دائماً للوحدة الفلسطينية آثار إيجابية على مجمل الواقع، ولكن يجب أن تقوم الوحدة على أسس وطنية واضحة وإلا نشعر كفلسطينيين بالدونية والانهزام من الحرب".

وتابع "هناك ثوابت لا يمكن تخطيها. الوحدة قضية مبدئية ولا يمكن التخلي عنها.. نحن نحتاج في حماس إلى مغريات بأن ترفع أمريكا وأوروبا الفيتو ضد حضورنا بحكومة الوحدة".

وهذا مرتبط أيضاً بموقف رئيس السلطة ابو مازن، فإذا أراد الوحدة ستكون السلطة أقوى وأكثر استقراراً لأن عوامل الضغط الخارجية ستقل".

 الغرب مضطر للتعامل مع حماس

من جانبه، رأى نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق د.ممدوح العبادي أنه لا شك أن دول العالم باتت تعتقد أن المقاومة هي قوة حقيقية تفرض نفسها على الأرض، موضحاً أن حماس أثبتت أنها "لاعب أساسي ومهم".

وبالتالي مطلوب من الغرب ودول العالم ألا تهمل هذه القوة على الارض، بدليل أن أمريكا طلبت التواصل بطريقة غير مباشرة مع "حماس"، حسب العبادي.

وعبّر العبادي في حديث خاص بموقع "زوايا" عن اعتقاده أنه لا يمكن حدوث أي تقدم بالقضية الفلسطينية إلا بعامل يتمثل بحضور حماس خاصة وأنها موجودة وهي طرف مهم وأساسي بالمعادلة الفلسطينية.. لذلك، فإن دولا عالمية تحاول أن تتقرب من حماس وتمارس نوعاً من احتوائها وترويضها، وفق العبادي.

وشدد العبادي على أنه رغم معارضته السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه مع مبدأ "مَن يعمل من أجل فلسطين فليكن حاضراً في المشهد".

وعليه، يرى العبادي أنه لا بد من طريقة دولية مختلفة مع حماس، لكنه دعا الحركة في الوقت ذاته إلى "الحكمة والتعقل"، معتبراً أن حماس هي "شجاعة" لكن عليها الحذر من مُغريات الأضواء والكاميرات.

وحول موقفه من حكومة "وحدة" فلسطينية تشارك بها حماس إلى جانب "فتح" وبقية الفصائل، أكد العبادي أنه مِن أنصار إجراء انتخابات تشريعية في أقرب وقت، كي يتم انتخاب الممثل للفلسطينيين، متابعاً "أنا كأردني أقول مثلما يقرر الفلسطينيون ونحن معهم".

أطراف دولية تمارس "العصا والجزرة" مع "حماس"

من جانبه، قال محلل الشؤون الفلسطينية د.خليل أبو ليلة إن هناك أصواتاً بدأت تعلو في العالم مفادها "إذا أردتم حلاً للعنف يجب أن تكون لقاءات مباشرة مع حماس، لأنه دونما ذلك سيستمر العنف".

لكن أبو ليلة عبر عن خشيته من أن هذا التوجه يكمن في طياته "أمورا ماكرة"، حيث أنهم قد يحاولون استهداف سلاح المقاومة بمعنى العمل على نزعه، مشيراً إلى أن هذا كان أحد المطالب بعد انتهاء الحرب 2014.

ويعتقد أبو ليلة في حديثه لموقع "زوايا" أن أطرافاً دولية ستقدم "العصا والجزرة" لحماس، وذلك عبر القول للحركة: "إذا أردتم إعادة الإعمار وتعويض الخسائر فلا بد من نزع السلاح وعدم تكرار العنف والحرب".

ويرى أبو ليلة أن أي قبول دولي لدخول حماس إلى حكومة "وحدة" هدفه تدجين "حماس" وإبعادها عن الكفاح المسلح ومحاولة سلب قوتها تدريجياً.

وأضاف أبو ليلة: "إذا قبلت حماس ما قبلت به منظمة التحرير فما مبرر وجودها بعد ذلك؟.. هي ستخسر شعبياً.

الواقع، أنّ هذا هو منبع قلق السلطة الفلسطينية الدائم، أي أن تفتح أطراف دولية حواراً مباشرا مع حماس يشكل تجاوزاً لتمثيل منظمة "التحرير"، التي تعتبر الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين، رغم عدم انضواء فصائل المقاومة (حماس والجهاد الإسلامي) تحتها.

لكن وعودات عربية ودولية وصلت السلطة في رام الله في الأيام الأخيرة قد طمأنتها من أن أي حوار من هذا القبيل هدفه تعزيز مكانة السلطة ومنظمة التحرير لا تهميشها و إضعافها، حسب المعطيات المتوفرة لموقع "زوايا".

وتعمل مصر في وساطتها لتهدئة جبهة غزة على ثلاث مراحل؛ الأول وقف إطلاق النار، ثم مرحلة تهدئة لسنوات محددة أو دائمة، وبعدها المرحلة الثالثة المتعلقة بالموضوع السياسي والضغط على إسرائيل للقبول بحل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية.

المصدر : زوايا - خاص

مواضيع ذات صلة

atyaf logo