أكدت الانتخابات الإسرائيلية للمرة الرابعة في غضون 15 شهراً تقريباً، أن المجتمع الإسرائيلي تحكمه عقلية التطرف بصورة عامة، في ظل تراجع اليسار إلى حد التلاشي، في وقت يقترب الفلسطينيون لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، الأمر الذي يتطلب أن تجرى هذه الانتخابات بكل مصداقية وشفافية، للمساهمة في تصويب مسار ما خلفه الانقسام الجيوسياسي منذ العام 2007.
وأفرزت الانتخابات أريحية لكتلة اليمين الإسرائيلي بقيادة بنيامين نتنياهو عن الجولات السابقة، ستمكنه من تشكيل حكومة دون ضغوط كما حدث في الانتخابات السابقة.
يشار إلى أن نتنياهو أوعز للرئيس الفلسطيني محمود عباس برسالة يحذره فيها من الانتخابات والشراكة مع حركة حماس، وهو ما رفضه الأخير قائلاً:" لا وألف لا".
اجماع إسرائيلي على تجاهل القضية الفلسطينية
المحلل السياسي الفلسطيني هاني حبيب، أوضح في حديث لـ موقع "زوايا"، أن انتخابات الكنيست الإسرائيلية الرابعة تؤكد أن جولات الانتخابات السابقة أثبتت توجه الجمهور الإسرائيلي نحو اليمين بشكل أكثر تطرفاً، وبمعنى اليمين حصل على أكثر من ثلثي أصوات الناخب الإسرائيلي".
اقرأ أيضا: صحيفة بريطانية: الفلسطينيون يستحقون قيادة أفضل من فتح وحماس
وأشار إلى أن كافة القوائم الانتخابية "الإسرائيلية" لم تلحظ لا من قريب أو بعيد الملف الفلسطيني، وكأن هناك رؤية إسرائيلية تشير إلى أن الوضع الراهن هو الأكثر استقراراً بالنسبة لهذا الملف، وأنها قادرة على الإمساك بالملف بشكل كامل، دون عملية تفاوضية أو عملية سياسية.
وشدد حبيب، أن المشهد الإسرائيلي الحالي يحتم على الفلسطينيين شيئاً واحداً وهو التخلص من الرهان على إحياء المفاوضات في الوقت الراهن والمنظور.
ورأى المحلل حبيب أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لا تضع القضية الفلسطينية ضمن أولوياتها، لأن لديها من الملفات الدولية الأكثر أولوية، ولذلك فالرهان الفلسطيني عليها خاسر.
الذهاب للعالم برؤية وطنية موحدة
في ذات السياق، أوضح المحلل السياسي طلال أبو ركبة، أن المجتمع الإسرائيلي بدأ بالانحياز تجاه اليمين منذ العام 2003، وفق رؤية رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أرئيل شارون، باتجاه الهروب الإسرائيلي للأمام، وجعل القضية الفلسطينية خلف ظهورهم.
واعتبر أن توجه الناخب الإسرائيلي لليمين، يدلل على أن القضية الفلسطينية لم تعد في وعي هذا الناخب.
ولفت إلى أن قوة المستوطنين والمتدينين في مؤسسات الدولة ارتفعت أضعافاً مضاعفة، مشيراً إلى أنه كان في السابق لا يتعدى تواجدهم 3%، أما الآن فارتفعت إلى 32%، ما يؤكد أن المجتمع الإسرائيلي يميل إلى التطرف، ويميل ليهودية الدولة.
اقرأ أيضاً: عباس زكي لـ”زوايا”: مركزية فتح اتخذت قراراً بحل كافة قضايا غزة قبل الانتخابات
ولفت إلى أن السياسات الإسرائيلية الممنهجة ضد الفلسطينيين، إضافة للانقسام الجيوسياسي الفلسطيني، ساهم في إضعاف الموقف الفلسطيني أمام العالم وجعل الصراع مع "إسرائيل" هامشياً.
وشدد على أن تحدي المجتمع الإسرائيلي المتطرف يتطلب إعادة بناء رؤية وطنية فلسطينية موحدة، تقدم رؤية للعالم تناضل من أجلها، وتوظف التقارير الدولية من الامم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان وتصف "إسرائيل" بانها دولة ابرتهايد عنصري.
فوز اليمين يقضي على فرص التسوية
واتفق الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي أكرم عطالله، في حديث لـ موقع "زوايا"، مع سابقيه بأن، المجتمع الإسرائيلي في كل انتخابات تزداد فيه جرعة اليمين، ويميل إلى التطرف بخط متصاعد.
وأشار إلى أن أكثر من سبعة عقود مرت على عمر دولة الاحتلال الإسرائيلي، في أول ثلاثين عاماً حكمها الوسط واليسار العلماني، ثم في فترة التسعينات أصبح هناك توازن بين اليمين واليسار فلجأوا للتحالف في الحكم، ثم بعد ذلك يمين بشكل متصاعد حد التطرف.
ورأى أن الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة ستعيق أي عملية تسوية، لأن اليمين القومي والديني يدرك أن أرض الضفة الغربية هي أرض التوراة، وفي الفكر اليميني لا يوجد شيء اسمه دولة فلسطينية.
وأضاف أن الأهم من ذلك أن اليمين له موقف سلبي منذ اتفاق اوسلو، عندما أقسم على تدمير الاتفاق، ومن يحكم النظام السياسي في "اسرائيل" الآن هم الذين اخذوا موقفا سياسيا من أوسلو، والعمل على إلغائه على أرض الواقع، وهذا يعني أن اتفاق التسوية أصبح خلف ظهورهم.
ولفت إلى أن الحالة الفلسطينية غابت تماماً عن الانتخابات الاسرائيلية.
وأكد على أن المطلوب فلسطيناً هو نظام سياسي فلسطيني يجمع الفلسطينيين تفرزه انتخابات ديمقراطية، لنقول للعالم نحن جاهزون لإقامة الدولة.
وأشار إلى أن الانقسام الفلسطيني أضعف مطالبتنا بالدولة.
وما بين تصاعد اليمين الإسرائيلي في دولة الاحتلال الرافض لأي حلول مع الفلسطينيين، الأمر الذي يحتم على الفلسطينيين المواجهة بكل السبل المتاحة متحدين، وهو ما يأمل تحقيقه الفلسطينيون في الانتخابات القادمة المزمع عقدها في 22 مايو القادم.