"الخدمة الوطنية" بمستوطنات الضفة.. ضم إسرائيلي غير معلن

الاستيطان في الضفة
الاستيطان في الضفة

في خطوة جديدة للاستيلاء على مزيد من الأراضي في الضفة الغربية، سمحت سلطات الاحتلال للإسرائيليين بأداء ما تسمى "الخدمة الوطنية" في ثمان بؤر استيطانية بالضفة، من ضمنها مزارع وبؤر صدر بحقها أوامر هدم وإخلاء، بالتعاون بين جيش الاحتلال والمنظمة الاستيطانية " هشومير- يشاع".

ومن بين المزارع الاستيطانية التي يمكن أداء "الخدمة الوطنية" فيها مزرعة "ناحال شيلو"، و"جبل بني كيدم"، ومزرعة "هار كانوف"، و"تسان كيدار"، و"كشوالا" و"أهافات عولام"، وهي جميعها صدر بحقها أوامر إخلاء وهدم، إضافة إلى مزرعة "نوف آفي" و"حيفات هآرتس".

ويوجد في الضفة الغربية 50 مزرعة استيطانية في الضفة التي تتوسع على حساب الأراضي المتواجدة بملكية خاصة للمواطنين الفلسطينيين.

وبحسب إحصاءات منظمات إسرائيلية، ومنها "بتسيلم" و"كيرم نفوت"، فإنه خلال السنوات الخمس الماضية قامت 4 مزارع استيطانية في الضفة بالسيطرة على أراض فلسطينية زراعية مساحتها نحو 20866 دونما، وتم منع أصحابها الفلسطينيين من فلاحتها.

اقرأ أيضاً: ماذا تهدف "إسرائيل" من وراء نسب عمليات الداخل لداعش؟

وتعرف "الخدمة المدنية في إسرائيل" حسب "مديرية الخدمة المدنية- الوطنية" الإسرائيلية، بأنّها "خدمة تطوعية لمصلحة الجمهور، لمن حصل على إعفاء من الخدمة العسكرية أو من ينتمي للوسط العربي، ولا يُستدعى للخدمة العسكرية".

وتمنح هذه الخدمة من خلال التطوع لتقديم خدمات للجمهور في الأماكن التي تعاني من نقص في تلك الخدمات، في مجالات مختلفة (مثل التربية والتعليم، الصحة، الأمن، الرفاه الاجتماعي، الحيوانات والبيئة)، ويحصل من أنهى هذه الخدمة على المكافآت التي يحصل عليها الجنود المسرّحين (وفق فترة الخدمة).

الرد بـ "قلب الطاولة"

الناشط في مقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة، رأى أنه في حال تم تطبيق "الخدمة المدنية" على البؤر الاستيطانية العشوائية وليس فقط على المستوطنات، يعني عمليا ضمها للقانون الإسرائيلي أي ضم الضفة لـ"إسرائيل"، بشكل غير معلن.

وقال جمعة لـ "زوايا"، إن تطبيق قانون "الخدمة المدنية" الإسرائيلي على البؤر، يأتي جزء من مخطط الضم الذي تعمل عليه دولة الاحتلال في الضفة، مما يعني أن دولة الاحتلال ماضية قدما في خطوات الضم بشكل مدروس على الأرض.

واعتبر أن هذا قانون "الخدمة المدنية" الذي سيطبق على نحو 130 بؤرة استيطانية، غير البؤر الرعوية الجديدة في المناطق المصنفة "ج"، يؤكد على الاهتمام الإسرائيلي فيها لتطويرها وتحويلها لمستوطنة "شرعية حسب القانون الإسرائيلي".

وأضاف "أن السلطة الفلسطينية لا تتعامل المشروع الاستيطاني في الضفة لا تتعامل كما يجب، إذ يتم تدمير محاصيل المزارعين الفلسطينيين والاعتداء عليهم، دون أن يقف معهم أحد، معتبرا أن ما يحدث سلب ممنهج للأرض لتثبيت خارطة جيوسياسية على أرض الواقع، وهي تشكل منظومة الفصل العنصري، مثل الشوارع الجديدة التي تشق في الضفة لتقسيمها وتسمين المستوطنات وتطويرها".

ورأى أن الرد الفلسطيني الوحيد لوقف نزيف الاستيلاء على الأراضي، يتمثل في قلب الطاولة، من خلال وقف كافة أشكال العلاقات مع دولة الاحتلال بما فيها التنسيق الأمني، وإعادة القضية الفلسطينية إلى مربعها الأول.

ضم غير معلن

وبيّن محامي هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في الداخل المحتل علاء محاجنة، أن تطبيق "الخدمة الوطنية أو المدنية" الإسرائيلية على المستوطنات، هو خطوة أخرى لمأسسة وترسيخ الضم، لأن فتح إمكانية تطوع عسكري أو مدني فيها يعني اعتراف بشكل رسمي أنها "جزء من أراضي إسرائيل، وبالتالي تمكين الإسرائيليين من الخدمة داخل هذه الأراضي، وهو بمثابة ضم غير معلن لكنه فعلي".

اقرأ أيضاً: قبيل شهر رمضان..القدس على صفيح ساخن

وقال محاجة لـ "زوايا"، إن حكومات الاحتلال السابقة كانت تعمل على تشريع عملية الضم من خلال الكنيست، لكن الأخطر اليوم، يتمثل بقيام الضم دون الإعلان عن ذلك، وتصبح قضية الإعلان مجرد مسألة وقت لا أكثر، مما يثبت أن "إسرائيل" تتعامل مع هذه الأرض كأنها جزء لا يتجزأ من أراضيها.

ورأى أن هذه الخطوة، التفاف على المطالبات الدولية بضرورة وقف التوسع الاستيطاني، وضرب بعرض الحائط لأي ضغوطات لوقفه، واستغلال للظروف الأمنية الحالية بهدف توسيع وشرعنة بؤر استيطانية عشوائية.

140 اعتداء شهرياً

المشرف العام لمنظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق بدو فلسطين، المحامي حسن مليحات، أوضح أن الخطوة الإسرائيلية سوف تسمح لما يسمى "الاستيطان الرعوي" بالتوسع أكثر فأكثر، على حساب أراضي المواطنين في مناطق "ج" خاصة التجمعات البدوية، التي تقلصت الأراضي الرعوية فيها بشكل كبير، بسبب ذلك الاستيطان.

وبيّن مليحات في حديثه لـ"زوايا" أن الاحتلال يشجع ويدعم ما يسمى "الاستيطان الرعوي"، الذي بدأ بالظهور مؤخرا، كونه يتيح السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى أنه غير مكلف، ويساهم في تهجير التجمعات البدوية، من خلال حرمانها من مصدر رزقها.

ورأى أن السماح بالخدمة الوطنية في البؤر الاستيطانية، يعني "شرعنتها" وفق القانون الإسرائيلي، أي التعامل معها كأي منطقة داخل الأراضي المحتلة عام 1948، من حيث تقديم الخدمات وتثبيتها كأمر واقع، إلى جانب تطبيق خطة الضم بشكل صامت سعيا لتفريغ الأرض من الفلسطينيين وخلق واقع ديمغرافي يتفوق فيه المستوطنون على الفلسطينيين، وهذا مخالف للقانون الدولي والقرارات الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية.

وأشار إلى أن منظمة "البيدر" توثق يوميا العديد من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين على المزارعين والتجمعات البدوية خاصة في مناطق أريحا والأغوار، وتتمثل في الاعتداء الجسدي، والاعتقال، وإطلاق النار بشكل مباشر على المواطنين، ومنعهم من الوصول لأراضيهم بغرض فلاحتها أو الرعي فيها، وسرقة المواشي والأغنام، واتلاف المحاصيل وحرقها وإصدار المخالفات، وهدم المساكن وحظائر الأغنام، والمنع من الوصول الى مصادر المياه، وتقليص الحركة والتنقل، والتهجير بذريعة "منطقة عسكرية مغلقة" بهدف إجراء عمليات التدريب العسكرية، لافتا إلى أن عدد الاعتداءات الشهري يبلغ معدل 140 اعتداء.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo