"كتيبة جنين".. مقاومة تشتد رغم المستحيل

مسلحين في جنين
مسلحين في جنين

ليس غريبا أن يتغنى شبان فلسطينيون في مقتبل عمرهم ببطولات الشهيد جميل العموري الذي لم يكمل 22 ربيعا من عمره، حتى بات يردد اسمه في الأغاني وحفلات الزواج في مخيم جنين، بعدما ارتقى برصاص الاحتلال الإسرائيلي برفقة اثنين من ضباط الأجهزة الأمنية في مواجهة القوات الخاصة الإسرائيلية التي اقتحمت المدينة في 10 يونيو عام 2021م.

وبات هذا النهج يخطه عدد من الشبان في المخيم والمحافظة تحت اسم "كتيبة جنين"، التي تضم عددا من المقاومين المسلحين، الذين لم تفرقهم الفصائلية بل جمعتهم فكرة مواجهة الاحتلال.

وارتقى عدد من المقاومين خلال اشتباكات مع جيش الاحتلال في أكثر من مرة، حيث بات الاحتلال يعد العدة في كل مرة يحاول فيها اقتحام المدينة والمخيم وينشر القناصة متخفيين أثناء تصدي الشبان لهم في كل عملية اقتحام او اعتقال.

ورغم الوضع الأمني المحيط في محافظة جنين ووجود الاحتلال وسهولة اقتحامه للمدينة أو المخيم إلا أن ظاهرة كتيبة جنين شكلت هاجسا لهذا الاحتلال وباتت ظاهرة أشبه بالمستحيل في ظل ظروف أمنية معقدة.

ولعبت وفقا لمراقبين ظروف عدة في ظهور مثل هكذا ظاهرة في جنين التي ترتبط وثيقا بثقافة المواجهة والمقاومة للاحتلال على مدار سنوات الاحتلال.

اقرأ أيضاً: المواطن الفلسطيني ضحية ارتفاع الأسعار.. ماذا تفعل الحكومة؟

ويقول الأكاديمي جمال حويل في حديث لـ "زوايا" إن ظاهرة جنين تكاد تكون مستحيلة ولكنها ممكنة إذا ما قورنت بما يجري في غزة التي تشهد إجماعا فصائليا على المواجهة مع الاحتلال وهناك ظهر حامي للفصائل من جهة سيناء والنقب الا أن حالة جنين مختلفة خاصة مع موجود الاحتلال ومحاصرة المحافظة من كل الجهات.

ويضيف حويل بأن ما يجري في جنين ضرب من الشيء الصعب ولكنها تبقى ممكنة، خاصة أنها تقع في منطقة عالية الخطورة، ما يستدعي دعم واحتضان الحالة من الجميع لأن الاحتلال لا يفهم الا لغة القوة.

وبالعودة إلى انطلاق هكذا ظاهرة، أشار حويل إلى أن محافظة جنين معروفة بالمقاومة منذ الاحتلال، وهي دائما تقدم النماذج الأولى في المواجهة مع المحتل، فقد شهدت أول ثورة فلسطينية منظمة ومسلحة في العام 1939 واستشهاد عز الدين القسام على أراضي يعبد، وحتى في العام 1948 وفي العام 1967 كانت المحافظة تثبت مرة تلو الأخرى بأنها عصية على الاحتلال.

ويضيف حويل بأن أول عملية استشهادية نفذت في جنين عام 1982 في شارع الملك طلال، وقتل فيها ثلاثة ضباط في جيش الاحتلال، لتأتي انتفاضة الحجارة ثم بعد نشأة "الفهد الأسود" أيضا كان لجنين كلمتها في احتضان الحالة، وكذلك في انتفاضة الأقصى شكل مخيم جنين حاضنة للفصائل المسلحة وكان معقلا لكل المقاومين من كافة المناطق، حتى أن الأجهزة الأمنية التي كانت بمواجهة الاحتلال تواجدت في المخيم.

ويكمل: "محافظة جنين باتت عنوانا لثقافة المقاومة ومواجهة الاحتلال، وخاصة أن المجتمع بشكل عام هو مجتمع زراعي وفلاحي ومن طبيعته المواجهة"، مستدركا "لكن يجب احتضان الحالة والتركيز على الوحدة الوطنية في الميدان حتى لو لم يتفق السياسيون يجب أن تتم الوحدة ميدانيا".

وشدد حويل على أن الاحتلال يسعى لضرب المشروع الوطني، ولا يفهم لغة الحوار والمفاوضات، ويعتبرها فرصة لمزيد من الوقت لتنفيذ مخططاته الاستيطانية وجلب المستوطنين إلى الضفة، ليصبح ذلك أمر واقعا، وبالتالي يجب عدم منحه مزيد من الوقت لقتل الشعب الفلسطيني خاصة مع وجود رئيس حكومة مستوطن ولا يؤمن بالمفاوضات أو قيام دولة فلسطينية.

وشهدت محافظة جنين أحداث من المواجهات المسلحة في كل مرة يقتحم فيها الاحتلال المدينة أو المخيم أو البلدات المحيطة، وما جرى في بلدة السيلة الحارثية من مواجهة مسلحة أثناء هدم منازل الأسرى من عائلة جردات كان واضحا حتى في وسائل الإعلام العبرية عن تصاعد عمليات إطلاق النار من مقاومين في جنين.

اقرأ أيضاً: تهديد مقاومة غزة للاحتلال.. مجازفة خطرة أم آخر أوراق الضغط؟

وتناولت وسائل إعلام إسرائيلية لأيام بنوع من التحريض ظاهرة المقاومة المسلحة في المحافظة، حتى وصل الحد لنشر إشاعات عن اجتياح واسع للمدينة والمخيم.

وعقب اغتيال أربعة شبان في مدينة ومخيم جنين في الثامن عشر من آب الماضي وخاصة مع الاشتباكات المسلحة العنيفة التي شهدت ذلك اليوم قال مراسل القناة 12 الإسرائيلية، وهو يروي ما جرى في اقتحام جنين "واضح أن الكلمة الأخيرة لم تُقل بعد".

أما بن كسبيت من صحيفة معاريف الإسرائيلية أشار الى أن "أي مختص يعمل في الشاباك (جهاز الأمن العام الإسرائيلي) يدرك أن جنين بعيدة عن الهدوء، بل تزداد هياجاً وتطرفاً، إنه أمر محزن ومقلق، والسلطة تفقد السيطرة هناك".

ويقول القيادي في الجهاد الإسلامي خضر عدنان لموقع "زوايا" إن "التهديدات الإسرائيلية هي محاولة للضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية، من أجل للقيام بدور أمني أكبر ليس فقط في جنين بل أيضا بمناطق أخرى، حيث ظهرت بعض بؤر المقاومة في مدن أخرى كما جرى في نابلس".

ويوضح عدنان بأن ظاهرة كتيبة جنين بدأت تنتشر الى مناطق أخرى مثل نابلس التي تشهد اشتباكات مسلحة مع الاحتلال في كل مرة يقتحم فيها المدينة، ومما يشير الى ذلك ما حدث من اشتباكات مسلحة اثناء اقتحام المستوطنين لقبر يوسف في مدينة نابلس الثلاثاء الماضي.

وأضاف عدنان بأن الدم لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته، خاصة بعد استشهاد عدد كبير من المقاومين، إلا أن هذه الدماء تعزز روح المقاومة على اعتبار أن النصر ينبت حيث يرويه الدم.

وأكد عدنان بأن ظاهرة المقاومة في جنين هي رافعة للحالة الفلسطينية الوطنية، ورافعة أيضا للمقاومة لدى الفلسطيني بأن يكون هناك تجمع لمقاومين في معقل المقاومة سواء في انتفاضة الحجارة أو انتفاضة الأقصى، رغم أنه ينقصه بعض التحشيد والتأطير والتنظيم والدعم الحقيقي أيضا من الفصائل، وكذلك وقف الملاحقات للبعض من قبل السلطة خاصة أن هذه النخبة الموجودة مستعدة للتضحية والدفاع بأرواحها عن الأقصى المبارك.

وكان الشهيد عبد الله الحصري 22 عاما قد ارتقى في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال في مخيم جنين في مطلع هذا الشهر، وهو أحد أفراد كتيبة جنين، كما استشهد الشاب شادي نجم وأصيب عدد آخر من الشبان.

وشهد مخيم جنين ومحافظة جنين عدة أحداث تصاعدت مع بداية العدوان الأخير على غزة وانطلاق عمليات اطلاق نار باتجاه واجز الاحتلال ثم اغتيال جميل العموري احد قادة سرايا القدس منتصف العام الماضي وتلاه اغتيال أربعة شبان بعضهم في اشتباك مسلح مع قوات الاحتلال.

في حين أن ظهور مسلحين بأعداد كبيرة كان برز عقب تنفيذ عملية نفق الحرية وتمكن ستة اسرى من نيل حريتهم من سجن جلبوع واستعداد المسلحين لتوفير الحماية لهم.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo