تهديد مقاومة غزة للاحتلال.. مجازفة خطرة أم آخر أوراق الضغط؟

الفصائل الفلسطينية
الفصائل الفلسطينية

وسط حالة عدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية، التي تتأرجحُ بين حالتي التصعيد العسكري والاستقرار النسبي، والذي لا يخلو من اعتداءات إسرائيلية متواصلة بحق الشعب الفلسطيني، تصاعدت خطابات المقاومة في غزة بالتهديد والوعيد للاحتلال، عقب كل انتهاكٍ في الأراضي الفلسطينية.

الخطاباتٌ الملوّحة بالحرب والتهديد من غزة للاحتلال، أعقب بعضها شن حروبٌ مدمرة على القطاع كالعدوان الأخير إبان "هبة القدس" في مايو الماضي، والبعض الآخر قاد إلى سيناريوهات تدخل فيها الوسطاء أو استجاب الاحتلال لمطالب المقاومة ولو نسبيًا.

في هذا التقرير، نطرح تساؤلات حول تهديدات المقاومة من غزة للاحتلال، ما أهدافها؟ وما أثرها على قطاع غزة؟ ومدى فعاليتها؟ وما هي أبرز السيناريوهات المحتملة عقب كل تهديد؟ وهل فصائل المقاومة معنية بالتصعيد في كل مرة، أم إنها تأتي من باب المراوغة السياسية؟

مجازفة ومخاطرة

من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر ناجي شراب أن الحربَ في حد ذاتها ليست غاية، وإنما الهدف منها رفع الحصار وإعادة فتح المعابر وهي مطالب شعبية.

وعن تهديد المقاومةِ بغزة بالرد العسكري على الاحتلال، عدّها "شراب" خلال حديثـه لـ "زوايا" "مجازفة ومخاطرة"، مبررا رأيه بأن خيارات غزة العسكرية محدودة بحكم الجغرافية السكانية ومساحتها الصغيرة وعدم امتلاكها بعدًا استراتيجيًا، مبينًا أن الحرب الأخيرة على غزة أوجدت واقعًا كارثيًا على السكان.

سيناريوهات محتملة

وأوضح أن التهديد لتحقيق حسابات سياسية على قاعدة "لن نخسر شيئًا" يرتكز على بعدين: أولهما المراهنة على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يريد الحرب، وثانيهما تدخل الوسيط لوقف الحرب.

ويستدرك لكن المشكلة تكمن في عدم استجابة الاحتلال لمطالب المقاومة، وذهاب المقاومة للحرب سهل للغاية بينما الصعوبة في كيفية الخروج منها، عادًا التهديد سلاح مزدوج له قدرٌ كبير من المخاطرة، مشيرًا إلى حجم المعاناة والضرر جراء الحرب الأخيرة على غزة في فترةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ.

الاحتلال وتقسيم الهوية

بدوره، عرّج المحلل السياسي طلال عوكل على أن الاحتلال الإسرائيلي حاول تقسيم الهوية الفلسطينية، على أساس قضايا وهموم خاصة بكل منطقة، وأن المشروع الصهيوني فجٌ وشرس وشامل بطريقة لا يمكن إلا أن تخلق ردود فعلٍ لدى الشعب الفلسطيني.

وتعتبر هوية الاحتلال هوية اقتلاعية ومساحة لكل حقوق الشعب الفلسطيني "حسب عوكل" مشيرًا إلى اعتبار منظمة العفو الدولية أن إسرائيل دولة فصل عنصر بناءً على تحقيقاتٍ لأربع سنواتٍ، وأن 227 منظمة أهلية وحقوقية حول العالم دعمت وساندت ما ورد في تقرير العفو الدولية، وطالبت بمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين.

ليست مجازفة

وعن تهديد المقاومة من غزة للاحتلال على خلفية قضايا فلسطينية سواءً في غزة أو الضفة، رفض عوكل اعتبارها "مجازفة بأهل غزة"، مخالفًا بذلك ما ذهب إليه "شراب"، ومبينًا أن "معركة سيف القدس تضامن الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة لدعم المقاومة"

وحسب عوكل، فقد دفع المشروع السياسي الفاشل اللاهث وراء المفاوضات والمراهنات، والمشروع الإسرائيلي الذي يسعى لتسويف نفسـه، الشعب الفلسطيني أن يتعلق بأمل المقاومة بكل أشكالها، وأن تكون الأرض الفلسطينية أمام إمكانية اندلاع انتفاضة واسعة وشاملة ضد الاحتلال.

اقرأ أيضاً: تهدئة هشة في غزة وغياب أفق المصالحة والتسوية

وعن علاقة مقاومة غزة بمقاومة الضفة، لفت إلى أن "إسرائيل وقد حاصرت غزة حاولت أن تمنع علاقتها بالضفة، إلا أن المقاومة ولا سيما في معركة "سيف القدس" قالت لا للسياسة الإسرائيلية".

حسابات المقاومة

وعن المطالبات في الضفة بدعوة مقاومة غزة بتصعيد المواجهة مع الاحتلال، شكّك "عوكل" في استجابة المقاومة بناء على الهتافات والمطالبات، مبينًا أن المقاومة في غزة لها حساباتها الخاصة في ذلك.

ويرى عوكل أن الأوضاع الصعبة في غزة أوصلت المواطنين لحالةٍ من عدم اللامبالاة في الحروب، وأن غزة خاضت حربًا تلو أخرى وما بينهما حروب وتصعيدات عديدة، بناءً على قاعدة "ما عدنا نخسر شيئًا".

تهديدات فعلية

وفي ذات السياق، اعتبر المختص بالشأن الإسرائيلي مؤمن مقداد، أن تهديدات المقاومة في غزة تحظى باهتمامٍ كبير لدى قادة الاحتلال، لا سيما بعد معركة "سيف القدس"، مبينًا أن الاحتلال كان يستهترُ نوعًا ما بالتهديدات قبل هذه المعركة.

اقرأ أيضاً: دراسة: "اللجان الشعبية".. طريق التحرير بين عرقله الإحتلال وتواطؤ السلطة

وتفاجأ الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ المقاومة الفلسطيني لتهديدها في معركة "سيف القدس"، حيث تصدرت المعركة عناوين الصحافة الإسرائيلية، وكانت بصدد حالة مشابهة عقب التهديد الأخير للأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النخالة بشأن قضية الأسير هشام أبو هواش، والذي خاض اضرابا متواصلا عن الطعام رفضا لاعتقاله الإداري.

وبشأن كيفية رؤية الاحتلال لتهديدات المقاومة، يتوقع "مقداد" أن قادة الاحتلال باتوا على وعيٍ بأن تهديدات المقاومة ستترجم على أرض الواقع كما حدث في معركة "سيف القدس"، وأن الاحتلال استجاب فعليًا لتهديدات "النخالة" بإطلاق الصواريخ حال استشهاد "أبو هواش" وأنهى الاعتقال الإداري.

ليست لدى غزة ما تخسره

ويعيش الاحتلال فترة سيئة تتمثل في معضلات عديدة تنخرُ بيته الداخلي، من الأزمة الإيرانية وأزمة كورونا وفشل الحكومة في تمرير العديد من القرارات، حسب ما أشار إليه "مقداد".

وتعتبر المقاومة هي المستفيد الأكبر من المعركة الأخيرة مع الاحتلال، وفق مقداد، منوها إلى أن قطاع غزة وهو الطرف المتضرر الأكبر ليس لديه ما يخسره.

وقال: "المقاومة هي الرابحة بالنظر لمعايير الربح والخسارة، وأن الحرب هي الورقة الأخيرة للضغط على الاحتلال وتحقيق المطالب".

ورأى "مقداد" بأن المقاومة فرضت معادلة التهديد على الاحتلال واستطاعت ردعه، وتحقيق بعض المكاسب.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo