يكشف هذا التحليل عن الدور المحوري والمؤثر للجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) في تشكيل السياسة الأمريكية تجاه الصراع في غزة، مما يُبرز كيفية تأثير اللوبيات على القرار السياسي في الديمقراطيات الغربية خلال الأزمات الدولية.
الهيمنة المالية على العملية الانتخابية
الحقائق الأساسية:
- إنفاق تجاوز 126.9 مليون دولار بين 2023-2024
- استهداف 65% من أعضاء الكونغرس بالتمويل المباشر
- إسقاط نائبين منتقدين لإسرائيل (جمال بومان وكوري بوش)
التقدير: هذا الإنفاق الهائل يُشير إلى استراتيجية طويلة المدى لإعادة تشكيل المشهد السياسي الأمريكي، حيث تستخدم إيباك الأدوات المالية لخلق "ردع انتخابي" ضد أي صوت ينتقد السياسات الإسرائيلية. هذا النهج يتجاوز كونه مجرد ضغط سياسي ليصبح عملية هندسة للنظام السياسي الأمريكي.
السيطرة على الآلة التشريعية
الآليات المستخدمة:
- تضمين بنود مؤيدة لإسرائيل في التشريعات الكبرى
- صياغة مشاريع قوانين معاقبة للجامعات المناهضة لإسرائيل
- تمرير قوانين مراجعة العلاقات مع قطر
التحليل: تُظهر هذه الممارسات قدرة إيباك على تحويل التحديات الخارجية (حرب غزة) إلى فرص لتعزيز النفوذ الداخلي. فالاستفادة من الأزمة لتمرير تشريعات تقييدية ضد حركة المقاطعة والجامعات تُشير إلى رؤية استراتيجية شاملة تربط بين الأمن الإسرائيلي والسيطرة على المجال العام الأمريكي.
الحرب الإعلامية وصناعة الرواية
الأدوات المستخدمة:
- إنشاء منصة "إسرائيل في حالة حرب"
- تزويد الإعلاميين بـ"نقاط جاهزة للاستخدام"
- نشر "الأسئلة الشائعة حول حرب غزة"
التقدير: هذا يُمثل عملية "احتكار للخطاب" حيث تسعى إيباك لضمان هيمنة السردية الإسرائيلية على النقاش العام. إن تزويد وسائل الإعلام بمواد جاهزة يُشير إلى فهم عميق لكيفية تشكيل الرأي العام في عصر المعلومات السريعة.
التوسع الجيوسياسي: استهداف قطر
المؤشرات الأساسية:
- تبني مشاريع قوانين لمراجعة صفة قطر كحليف
- تبرير الضربات الإسرائيلية في الدوحة علنياً
- ربط ملف الرهائن بالضغط على الوسطاء
التحليل: هذا التطور يُشير إلى تحول نوعي في استراتيجية إيباك من التركيز على الدعم المباشر لإسرائيل إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية. محاولة تقويض موقع قطر كوسيط تُظهر رغبة في السيطرة على مسارات الدبلوماسية الإقليمية.
التقدير الشامل
نقاط القوة:
- التكامل الأدواتي: الجمع بين الضغط المالي والتشريعي والإعلامي
- التوقيت الاستراتيجي: الاستفادة من حالة الحرب لتمرير أجندات طويلة المدى
- الشمولية: التأثير على كافة مستويات النظام السياسي الأمريكي
- المرونة التكتيكية: التكيف مع المتغيرات وتحويل التحديات لفرص
التحديات والمخاطر المحتملة:
- ردود فعل مضادة: قد يؤدي الإفراط في الضغط إلى تحالفات مناهضة
- تآكل الشرعية: الكشف عن حجم التدخل قد يثير جدلاً حول السيادة الأمريكية
- التحولات الجيلية: الأجيال الشابة أكثر انتقاداً لإسرائيل
- التكاليف الدبلوماسية: الضغط على حلفاء مثل قطر قد يضر بالمصالح الأمريكية
السيناريوهات المحتملة
السيناريو الأول: تعزيز الهيمنة
استمرار نجاح إيباك في تشكيل السياسة الأمريكية وتوسيع نفوذها لتشمل مناطق جديدة من التأثير، مما يعزز الدعم الأمريكي طويل المدى لإسرائيل.
السيناريو الثاني: المقاومة المؤسسية
ظهور تحالفات سياسية ومدنية مناهضة تسعى لكشف وتقييد تأثير اللوبيات الخارجية على السياسة الأمريكية.
السيناريو الثالث: إعادة التوازن
وصول إلى نقطة توازن جديدة تحافظ على الدعم الأساسي لإسرائيل مع وضع قيود أكثر على السياسات المثيرة للجدل.
الخلاصة:
تكشف هذه الوثيقة عن عمق وتعقيد الشبكة المؤسسية التي تربط بين اللوبي الإسرائيلي والنظام السياسي الأمريكي. إن قدرة إيباك على تحويل أزمة حرب غزة إلى فرصة لتعزيز نفوذها تُظهر مستوى متقدماً من التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ التكتيكي.
إن فهم هذه الديناميكيات ضروري لأي تحليل جدي للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، كما يُسلط الضوء على التحديات التي تواجه القوى الإقليمية في التعامل مع النفوذ الأمريكي المتأثر بهذه الضغوطات الداخلية المنظمة.