نشرت مجلة نيو ريببلك ( The New Republic) الأميركية مقالا مطولا للكاتب والصحفي الأميركي إريك ألترمان، تناول فيه ملامح ما وصفه بـ "الحرب الأهلية اليهودية القادمة" في الولايات المتحدة، بسبب التوترات العميقة بين مواقف الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، وبين القيم السياسية والاجتماعية التي يتمسك بها معظم اليهود الأميركيين.
الانقسام داخل اليهودية الأميركية
أوضح ألترمان أن المشهد السياسي لليهود الأميركيين معقد إلى حد يصعب على المشاركين فيه الإحاطة به، رغم أن نسبتهم لا تتجاوز 2% من سكان الولايات المتحدة. ففي حين اتجهت إسرائيل أكثر نحو اليمين المحافظ وتبنت سياسات قمعية ضد الفلسطينيين، ظل اليهود الأميركيون أقرب إلى القيم الليبرالية والديمقراطية، ما أحدث فجوة سياسية وأيديولوجية عميقة.
ترامب ومعاداة السامية "المؤيدة لإسرائيل"
الكاتب أشار إلى أن إدارة ترامب – رغم خطابها الداعم لإسرائيل – تمثل خطراً وجودياً على القيم اليهودية في أميركا، إذ تحتضن اليمين المسيحي المتطرف وجماعات نازية جديدة. واعتبر أن ترامب يمارس ما سماه "معاداة السامية المؤيدة لإسرائيل"، حيث يستغل دعم إسرائيل كأداة سياسية، بينما يغذي داخلياً الخطاب العنصري ضد اليهود.
الإعلام والمنظمات اليهودية
يرى ألترمان أن المشهد الإعلامي اليهودي شهد تحولا كبيراً لصالح التيار اليميني، بدعم من مليارديرات نافذين مثل ميريام أديلسون. وأوضح أن منظمات كبرى مثل أيباك ورابطة مكافحة التشهير (ADL) باتت أكثر التصاقاً بالسياسات الإسرائيلية اليمينية، على حساب الدفاع عن القيم الديمقراطية الأميركية التي سمحت لليهود بالازدهار في الولايات المتحدة.
الجامعات ساحة صراع
اعتبر المقال أن الجامعات الأميركية – وفي مقدمتها جامعة كولومبيا – تحولت إلى "نقطة الصفر" في معركة الهوية اليهودية الجديدة، حيث تستغل إدارة ترامب ذريعة "مكافحة معاداة السامية" لقمع الحركات الطلابية المؤيدة لفلسطين، وحتى التهديد بترحيل طلاب أجانب.
أزمة قيم وهوية
خلص ألترمان إلى أن اليهود الأميركيين يواجهون اليوم سؤالاً جوهرياً: ماذا يعني أن تكون يهودياً في القرن الحادي والعشرين؟ هل يعني الانحياز لإسرائيل بصيغتها القومية اليمينية، أم التمسك بالقيم الليبرالية العالمية التي صاغت تجربة اليهود الأميركيين؟
وأكد أن الأزمة الراهنة قد تفضي إلى إعادة تشكيل الحياة اليهودية في الولايات المتحدة، وربما نشوء مؤسسات يهودية جديدة مستقلة عن "عبادة إسرائيل"، خاصة بين الأجيال الشابة.
المقال ترجمة: أنس أبو سمحان