تنفيذ الحكومة الإسرائيلية، اعتباراً من 28 أيار 2025، قانون سحب الجنسية وطرد مواطنين فلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية، بتهمة "دعم الإرهاب"، بناءً على تلقي دعم مالي من السلطة الفلسطينية أو التضامن مع منفذي العمليات.
أولا: الخلفية والسياق
يأتي تنفيذ هذا القانون في ظل تصاعد بيئة أمنية وسياسية مضطربة داخل إسرائيل، حيث تشير المعطيات الأمنية إلى تزايد محاولات تنفيذ عمليات من قبل فلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية أو تصاريح الإقامة، وفقاً لجهاز "الشاباك".
في هذا السياق، تسعى الحكومة اليمينية، التي تضم شخصيات ذات مواقف متطرفة مثل إيتمار بن غفير، إلى توسيع استخدام الأدوات الإدارية كأداة ردعية وتعبوية.
تم تطوير هذا القانون من مقترح قُدّم عام 2021، وجرى إقراره في 7 تشرين الثاني 2024 بأغلبية ضئيلة، ما يعكس حدة الانقسام السياسي حوله. وقد بدأت الحكومة بتنفيذه رسمياً في أيار 2025، عبر إصدار قرارات بحق أربعة أفراد، وسط وعود بتوسيع نطاق التنفيذ.
ثانياً: تحليل المسارات والدوافع
1- أهداف حكومة الاحتلال من التنفيذ:
ردع عمليات مستقبلية: من خلال خلق حالة ردع داخل العائلات الفلسطينية في الداخل.
تحقيق مكاسب سياسية داخلية: عبر إرضاء جمهور اليمين المتطرف وحلفاء الائتلاف الحاكم.
نقل تكلفة المواجهة إلى البيئة الاجتماعية الفلسطينية: بمحاولة خلق انقسام بين منفذي العمليات وبيئتهم العائلية.
2- السياق القانوني والسياسي:
القانون يستند إلى مفهوم "النية المفترضة" و"العقوبة على التضامن"، وهو أمر غير مسبوق حتى بمقاييس التشريعات الإسرائيلية.
وزير الداخلية مُنح صلاحيات استثنائية تتجاوز المحاكم، وهو ما يفتح الباب أمام قرارات غير قابلة للطعن الفوري، مما يثير مخاوف من الاستخدام الانتقائي والاستنسابي.
3- الموقف الأمني (الشاباك):
دعم مشروط للقانون كأداة ردع، مع توصية بحصر التنفيذ في حالات محددة (الوالدان فقط، حاملو الجنسية المزدوجة).
تحذير من التوسّع العشوائي الذي قد يؤدي إلى انفجار الوضع الأمني بدلاً من ضبطه، مما يدل على وجود تباين في رؤية أجهزة الدولة.
ثالثاً: التبعات المحتملة
1- على المستوى الداخلي:
مساس خطير بمبدأ المواطنة: القانون يهدد بتحويل المواطنة إلى امتياز قابل للسحب وليس حقاً دستورياً.
تزايد الانتقادات القانونية: من مؤسسات مثل "عدالة" و"المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، ما قد يؤدي إلى طعون دستورية جدية أمام المحكمة العليا.
تأجيج التوتر الداخلي: خصوصاً في المناطق المختلطة والمدن التي يعيش فيها مواطنون فلسطينيون، مع احتمالات ارتفاع في الاحتجاجات والمواجهات.
2- على المستوى الفلسطيني:
تعميق الإحساس بالتمييز والاضطهاد: يُكرّس القانون سياسة "العقاب الجماعي"، ويحوّل التضامن العائلي إلى جريمة.
إضعاف مؤسسات المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل: نتيجة تزايد الملاحقة القانونية والإدارية على خلفية سياسية.
تضييق على رموز وطنية: كما في حالة سناء سلامة دقة، ما يفتح الباب لملاحقات تطال قيادات ثقافية ومدنية.
3- على المستوى الدولي:
انكشاف أكبر لإسرائيل أمام النقد الدولي: خاصة من مؤسسات حقوق الإنسان والمنظمات الأوروبية.
احتمال استخدام القانون في إجراءات أممية: كدليل على انتهاك إسرائيل للمواثيق الدولية، خصوصاً العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
رابعاً: السيناريوهات المستقبلية
السيناريو |
التقدير |
العوامل المرجحة |
توسيع تنفيذ القانون |
مرجّح |
ضغط الأحزاب اليمينية، رغبة الحكومة بإثبات "الحزم الأمني" |
تدخل المحكمة العليا لوقف التنفيذ أو تقييده |
ممكن |
في حال تقديم التماسات قوية مدعومة بمرافعات قانونية رصينة |
تصاعد موجات احتجاج داخل أراضي 48 |
مرجّح |
في حال اتساع دائرة الطرد واعتقال رموز مدنية |
تعديل القانون لتقييد صلاحيته |
غير مرجّح حالياً |
في ظل تركيبة الحكومة الحالية |
توظيفه في دعاية انتخابية مستقبلية |
مرجّح |
باعتباره "إنجازاً أمنياً" للائتلاف اليميني |
خامساً: التوصيات
1- المتابعة القانونية: دعم ومتابعة الطعون أمام المحكمة العليا، خاصة في الملفات ذات الرمزية العالية.
2- التحرك الدبلوماسي: تسليط الضوء على القانون في المحافل الحقوقية الدولية، وربطه بسياسات الفصل العنصري والعقوبات الجماعية.
3- بناء تحالفات داخل المجتمع المدني الإسرائيلي: لتشكيل ضغط على الحكومة عبر وسائل الإعلام والرأي العام.
4- تعزيز الوعي المجتمعي داخل الداخل الفلسطيني: حول مخاطر القانون وطرق الحماية القانونية والإعلامية.
الخلاصة:
يمثّل تنفيذ قانون الطرد وسحب الجنسية نقلة نوعية في السياسات الإسرائيلية تجاه فلسطينيي الداخل، تتقاطع فيها الاعتبارات الأمنية مع الأهداف السياسية اليمينية. وبينما يدّعي صانعوه أنه أداة ردع، تُشير القرائن إلى أنه أداة سياسية قد تُفضي إلى نتائج عكسية. وتبقى ساحة المواجهة القانونية والدولية هي المسار الأكثر تأثيراً في الحد من تداعيات هذا القانون.