الوضع الراهن
تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة منذ استئنافها في 18 آذار الماضي ضمن استراتيجية متعددة الأبعاد. تتسم هذه الاستراتيجية بالضبابية وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالموقف الأمريكي، وخاصة موقف الرئيس دونالد ترامب الذي يُعتبر صاحب التأثير الأكبر على المشهد.
محددات الوضع
1. موقف أمريكي غامض:
- لم يُصرح الرئيس ترامب بموقف واضح تجاه الخطط الإسرائيلية في غزة
- سبق وطرح فكرة تهجير سكان القطاع دون تراجع صريح عنها
- عدم وضوح الموقف الأمريكي يترك مجالًا واسعًا للتحرك الإسرائيلي
2. استراتيجية الحرب ثم الحرب
- تحول الحرب إلى "واقع ثابت" واستراتيجية بحد ذاتها
- يعتبر نتنياهو استمرار العمليات العسكرية "تحضيرًا عمليًا" لإمكانية التهجير
- غياب استراتيجية واضحة المعالم لتجنب الخلافات داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي
3. احتلالات جديدة
- توجه إسرائيلي متزايد للاستيلاء على الأراضي في غزة وسوريا وبدرجة أقل في لبنان
- تداخل الدوافع الأمنية مع الأيديولوجية الدينية المتعلقة بفكرة "أرض إسرائيل الكبرى"
- سيطرة الجيش الإسرائيلي على نحو 40% من مساحة القطاع
"مناطق الموت" تتوسع
1. توسيع المناطق العازلة:
- توسيع ما تسمى "المنطقة الأمنية العازلة" واقتطاع المزيد من الأراضي
- إخلاء مناطق واسعة في شمال غزة وتوسيع المنطقة العازلة الشرقية وصولًا إلى رفح
2. احتلال محاور الفصل:
- السيطرة على محاور رئيسية تفصل بين مناطق القطاع
- فرض "مناطق موت" محيطة بالمنطقة العازلة يُمنع فيها التحرك تحت طائلة إطلاق النار
3. سياسة إطلاق النار:
- غياب تعليمات واضحة لإطلاق النار
- اعتبار أي حركة "مشبوهة" واستهداف المدنيين والمقاتلين على حد سواء
الأهداف المحتملة
1. زيادة الضغط العسكري على حركة حماس لتغيير موقفها في المفاوضات
2. تهيئة الظروف لخطة التهجير المحتملة عبر جعل المناطق غير صالحة للسكن
3. تحقيق مكاسب ميدانية قبل أي تدخل أمريكي محتمل لوقف القتال
التوقعات المستقبلية
1. على المدى القصير: استمرار العمليات العسكرية مع توسيع "مناطق الموت" والضغط على السكان
2. على المدى المتوسط: تنفيذ المزيد من عمليات التهجير القسري تحت مسميات "الإخلاء الإنساني"
3. على المدى البعيد: إمكانية مواجهة ضغوط أمريكية لوقف العمليات والدخول في مفاوضات، لكن بعد تحقيق تغيير جوهري في الواقع الميداني والديموغرافي
العوامل الحاسمة
1. موقف الإدارة الأمريكية: مدى استعداد ترامب للسماح بمواصلة العمليات أو فرض قيود عليها
2. الموقف العربي والدولي: مدى القدرة على تشكيل ضغط حقيقي لوقف التصعيد
3. الوضع الإنساني: قدرة سكان غزة على الصمود في ظل الظروف المتدهورة
الخلاصة
تمثل استراتيجية "مناطق الموت" مرحلة متطورة من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث تسعى إسرائيل إلى تحقيق أهداف متعددة تشمل تضييق الخناق على السكان وإعادة رسم الخريطة الجغرافية للقطاع. يبدو أن هذه الاستراتيجية تمهد، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لإمكانية تهجير أعداد كبيرة من السكان، وذلك في ظل غموض الموقف الأمريكي الذي يمثل العامل الحاسم في تحديد مستقبل هذه المخططات.