ملخص تنفيذي
منذ تشكيل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم في نهاية 2022، تشهد إسرائيل تحولاً نحو نظام سلطوي مغلق يتم من خلاله المصادقة على تشريعات جديدة تُقيد الرقابة الدولية، وتُقنن حصانة الجيش والمستوطنين، وتستهدف المجتمع المدني الفلسطيني والإسرائيلي الحقوقي. الهامش المحدود الذي أُتيح سابقاً للفلسطينيين للتوجه إلى الحماية الدولية أو المحكمة العليا الإسرائيلية يتآكل تدريجياً، ليُستبدل بتشريعات تُجرّم الرقابة الدولية وتمنع أي مساءلة، مما يُنتج نظاماً يعزل الفلسطينيين كـ "حالة استثناء" خارجة عن القانون.
أولاً: التشريعات الإسرائيلية المقرّة
1. قانون وقف نشاطات الأونروا (2024)
- تم إقراره بأغلبية 92 نائباً مقابل 10 معارضين في 30 تشرين الأول 2024
- ينص على إنهاء الاتفاقيات مع الأونروا منذ 1967، وحظر التواصل الرسمي مع الوكالة
- يؤثر مباشرة على عمل الأونروا في القدس الشرقية، ويمنع تأشيرات الدخول للموظفين الدوليين
- يهدد خدمات تعليمية وصحية حيوية تقدمها الوكالة لملايين الفلسطينيين
2. تعديل قانون أساس "القدس- عاصمة إسرائيل" (2024)
- يحظر فتح ممثليات دبلوماسية جديدة في القدس الشرقية لتقديم خدمات للفلسطينيين
- يمنع إعادة فتح القنصلية الأمريكية للفلسطينيين في القدس
- استُخدم كأساس للضغط على القنصليات الأوروبية القائمة (الإسبانية، البلجيكية، الفرنسية)
3. قانون منع تأشيرات دخول للداعمين لمحاكمة إسرائيليين (2025)
- يمنح السلطات حق رفض منح تأشيرة أو إقامة لمن يدعو لمقاطعة إسرائيل
- يستهدف من يؤيد محاكمة جنود أو مسؤولين إسرائيليين أمام محاكم دولية
- يقيد دخول النشطاء والحقوقيين الأجانب المنتقدين للسياسات الإسرائيلية
ثانياً: التشريعات المقترحة قيد التشريع
1. مشروع قانون يمنع إدخال المساعدات الإنسانية لغزة
- يحظر تمرير أي مساعدات (غذاء، ماء، دواء، وقود) لمناطق تسيطر عليها "منظمة إرهابية"
- يستهدف المنظمات الإنسانية العاملة في غزة
2. مشروع قانون يحظر توثيق أعمال الجنود
- عقوبة تصل لـ 10 سنوات سجن لمن يسلم معلومات لجهات خارجية عن انتهاكات الجيش
- يمنع نقل المعلومات التي قد تستخدم في محاكمة جنود إسرائيليين
3. مشروع قانون فرض ضرائب على الجمعيات الحقوقية
- يفرض ضريبة 80% على تبرعات الجمعيات الممولة من كيانات أجنبية
- يحظر على الجمعيات الممولة خارجياً التوجه للمحكمة العليا الإسرائيلية
4. مشروع قانون تجريم التعاون مع العقوبات الدولية
- يمنع المؤسسات الإسرائيلية من تطبيق عقوبات على مستوطنين أو مسؤولين يخضعون لعقوبات دولية
- يفرض غرامات وتعويضات على المتعاونين مع العقوبات الدولية
5. مشروع قانون حظر التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية
- يحظر تقديم أدلة للمحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل
- عقوبة تصل إلى خمس سنوات سجن، وترتفع للمؤبد إذا كانت المعلومات "سرية"
- يمنع عمل المحكمة داخل إسرائيل ويمنع التعاون معها
ثالثاً: التداعيات والأبعاد
إعادة تعريف العلاقة مع الفلسطينيين
- تحول في النظرة للفلسطينيين من طرف تفاوضي إلى "عدو دائم" يتطلب معالجة أمنية
- تقليص أدوات الرقابة والتدخل القانوني الدولي
- تكريس مفهوم الفلسطينيين كـ "حالة استثناء" خارجة عن الإطار القانوني
استهداف المجتمع المدني الحقوقي
- سعي لإنهاء وجود المنظمات الحقوقية الإسرائيلية والفلسطينية
- تجريم نشاطات توثيق الانتهاكات ومناهضة الاحتلال
- تعزيز منظمات يمينية مؤيدة للاحتلال في المشهد المدني الإسرائيلي
تحدي القانون الدولي والحصانة الدبلوماسية
- مواجهة مباشرة مع المؤسسات الحقوقية الدولية والأمم المتحدة
- تحويل القضية الفلسطينية لشأن إسرائيلي داخلي بعيداً عن المساءلة الدولية
- تصاعد خطر انهيار المنظومة الحقوقية والإنسانية في الأراضي المحتلة
نشهد في إسرائيل اليوم تحولاً استراتيجياً لنظام يكرس الفصل العنصري ويحصّن نفسه من المساءلة، مستغلاً الدعم الدولي غير المشروط والانقسامات الفلسطينية لفرض واقع جديد - نظام يتجاوز مجرد الاحتلال إلى مأسسة نظام قانوني يمنح الشرعية للتمييز ويسمح بارتكاب الانتهاكات دون محاسبة.