أهداف الحرب السرية تتكشف.. "الأرض مقابل الدم"

طفل يحمل ممتلكاته من بين الركام بغزة
طفل يحمل ممتلكاته من بين الركام بغزة

في تحول استراتيجي خطير، كشف وزير الحرب الإسرائيلي إسرائيل كاتس عن سياسة جديدة تقضي بضم المناطق التي يحتلها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة إلى دولة إسرائيل، في خطوة وصفها خبراء بأنها تغير قواعد اللعبة في الصراع الدائر.

"كلما رفضت حماس تحرير المخطوفين، ستفقد المزيد من الأرض"

صرح وزير الحرب الإسرائيلي إسرائيل كاتس في بيان مذهل أنه "وجه تعليماته لجيش الاحتلال الإسرائيلي بالاستيلاء على مناطق أخرى في غزة، في ظل إخلاء السكان وتوسيع المناطق الأمنية حول غزة لصالح حماية البلدات الإسرائيلية وجنود الجيش". وأضاف بشكل صريح: "كلما واصلت حماس رفضها تحرير مخطوفين فإنها ستفقد المزيد فالمزيد من الأرض التي ستضم إلى إسرائيل".

هذه السياسة الجديدة، التي أقرها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تشير إلى أن خطوات التقدم البطيئة لقوات الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة إلى مزيد من مقاطع الأرض في القطاع، لا تستهدف بالضرورة القتال ضد "حماس" بل احتلال تلك الأماكن ومن ثم ضمها لإسرائيل.

استئناف الحرب وسط انقسام شعبي غير مسبوق

استؤنفت الحرب في غزة على خلفية أزمات داخلية متعددة في إسرائيل، تشمل:

- انقسام خطير في الشعب الإسرائيلي

- غياب الإجماع الوطني الذي كان سائداً بعد 7 تشرين الأول

- ظهور مؤشرات إلى رفض الخدمة في الجيش

- إقرار قانون يعفي المتدينين الحريديم من الخدمة العسكرية

- استمرار ما يُعرف بـ"الثورة القضائية"

- تصاعد الاحتجاجات ضد الحكومة

ورغم الأثمان الباهظة المتوقعة لهذه المعركة المتجددة، لا تزال هيئة الأركان الإسرائيلية الجديدة تحافظ على غموض غير مسبوق حول الأهداف الحقيقية للعملية.

تلميحات من العميد المُقال تكشف خطة طويلة المدى

كشف العميد احتياط إيرز فينر، الذي كان حتى بضعة أيام رئيس الطاقم الهجومي في قيادة المنطقة الجنوبية قبل إقالته بسبب فقدان وثائق سرية، عن تلميحات مهمة حول توجهات إسرائيل المستقبلية في غزة.

وكتب فينر في منشور على فيسبوك: "يحزنني أنه بعد سنة ونصف من 'دفع العربة' في طلعة الجبل حين بدا أخيراً أننا وصلنا إلى السطر الأخير ووصل القتال الانعطافة (التي كان مطلوباً إعطاؤها له قبل سنة) الصحيحة، فإني لن أكون قرب الدفة".

ويبدو أن فينر، الذي كان مؤتمناً على تخطيط الخطوات الهجومية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بمعانيها التكتيكية وبتداعياتها الاستراتيجية بعيدة المدى، كان على اتصال مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي دفع مراراً نحو إقامة حكم عسكري في قطاع غزة.

صراع استراتيجي داخل المؤسسة العسكرية والسياسية

عارضت قيادة الجيش السابقة ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، فكرة إقامة حكم عسكري في غزة بسبب أثمان الخطوة: آلاف الجنود، الذين سيعرضون حياتهم للخطر من خلال توزيع الطعام وإدارة الحياة اليومية للغزيين.

وبدلاً من ذلك، أوصوا بالدفع قدماً بحكم فلسطيني آخر في القطاع، ليس "حماس"، حتى لو كانت أجزاء منه متماثلة مع السلطة الفلسطينية، طالما كان لهذا تشجيع أميركي، ورعاية مصرية، وتمويل خليجي.

رئيس الأركان الجديد: "حماس لم تهزم في الحرب"

في خطابه الأول كرئيس أركان، قبل ثلاثة أسابيع، أدلى الفريق إيال زمير بتصريحين مهمين: "علينا أن نستعد لحرب استنزاف متعددة الساحات"، و"حماس لم تهزم في الحرب".

هذا التصريح الأخير يحمل اعترافاً صريحاً بفشل إسرائيل والجيش الإسرائيلي في محاولة هزيمة 'حماس' التي، حسب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، أعادت بناء كتائبها مع أكثر من 20 ألف ناشط مسلح.

"حكم المطلة كحكم بيروت": توسع المواجهة إلى جبهات متعددة

تلقى تحذير زمير من "حرب استنزاف متعددة الساحات" تأكيداً سريعاً، إذ أُطلقت في غضون أقل من يوم واحد صواريخ ومقذوفات صاروخية من لبنان، ومن غزة، ومن اليمن، نحو مناطق متعددة في إسرائيل من المطلة عبر تل أبيب وحتى عسقلان.

ورغم نفي "حزب الله" أي صلة له بإطلاق الصواريخ نحو المطلة، هاجم سلاح الجو الإسرائيلي فوراً عشرات الأهداف التابعة للحزب في جنوب لبنان. وصرح وزير الدفاع كاتس: "لن نسمح بواقع إطلاق نار من لبنان على بلدات الجليل... حكم المطلة كحكم بيروت".

أزمة الامتثال للخدمة: تخوف من "الرفض الصامت"

يواجه الجيش الإسرائيلي تحدياً آخر يتمثل في بوادر رفض الخدمة التي برزت في أعقاب ما يسمى بـ"الثورة النظامية"، حيث أعلن مساعد طيار قتالي في سلاح الجو وضابط احتياط من وحدة 8200 توقفهما عن الخدمة احتجاجاً على خطوات الحكومة.

لكن التخوف الأكبر في قيادة الجيش هو من "الرفض الصامت" - حيث يمتنع آلاف المجندين عن الامتثال للخدمة، خاصة في الوحدات القتالية، متذرعين بأسباب أخرى مثل التآكل النفسي والجسدي، والعبء الزائد، وأزمات عائلية أو مهنية.

وبحسب ضابط التجنيد في أحد الألوية: "لن يكون للجيش أي سبيل في مواجهة هذا الرفض الصامت بسبب نطاقه وطبيعته".

ملخص: معادلة جديدة في الصراع

تشير المعطيات إلى أن إسرائيل تتجه نحو تغيير قواعد اللعبة في الصراع مع غزة، متبنية سياسة "الأرض مقابل الدم"، حيث ستضم تدريجياً المناطق التي تحتلها قواتها في القطاع. هذا التحول الاستراتيجي يأتي وسط انقسام داخلي غير مسبوق، واعتراف رسمي من قيادة الجيش بأن حماس "لم تُهزم" بعد 500 يوم من الحرب، وتحذيرات من "حرب استنزاف متعددة الساحات" تشمل غزة ولبنان واليمن، بالإضافة إلى أزمة امتثال متصاعدة في صفوف الجيش الإسرائيلي.

المصدر : يوآف زيتون، صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية

مواضيع ذات صلة

atyaf logo