إختبارات مصيرية بات على أوروبا مواجهتها في ظل التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة ومحاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة حول الملف الأوكراني.
كتاب وسياسون أكدوا أن موقف أوروبا الضعيف والمتردد في مواجهة هذه التحديات، خاصة في ظل سياسات ترامب غير التقليدية التي تهدد التحالفات التقليدية، تضع أوروبا في موقف حرج، في ظل حالة الانقسام الأوروبي الداخلي وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة، مما يعكس ضعفًا استراتيجيًّا قد تكون له عواقب بعيدة المدى
إدارة خارج الصندوق
الكاتب الصحفي أحمد أبو شادي، أكد في مقاله بصحيفة "المصري اليوم"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتمد على أسلوب غير تقليدي في إدارة السياسة الدولية، مما يضع حلفاءه التقليديين، خاصة أوروبا، في موقف صعب.
وتساءل الكاتب عما إذا كان ترامب قادرًا على تحقيق رؤيته في تغيير التحالفات الدولية التقليدية، خاصة في مواجهة معارضة الحلفاء الأوروبيين والهجوم الإعلامي المستمر عليه، وأكد أن نجاح ترامب في إدارة العالم "خارج الصندوق" يبقى محل تساؤل في ظل حالة الضعف الأوروبي.
ساعة العرب وأوروبا!
في مقاله بصحيفة "المصري اليوم"، أشار الكاتب عبدالله عبدالسلام إلى أن أوروبا تواجه تحديات كبيرة في ظل محاولاتها للعمل بعيدًا عن الإملاءات الأمريكية، خاصة بعد فشل ترامب في إجبار أوكرانيا على قبول صفقة سلام تحصل أمريكا بمقتضاها على ٥٠٠ مليار دولار من ثروات المعادن النادرة.
وأوضح "عبد السلام" أن القمة الأوروبية في لندن كشفت عن خلافات داخلية حول زيادة الإنفاق العسكري وإنشاء قوة أوروبية موحدة، مما يعكس حالة من الضعف والتردد، مشيرا إلى أن أوروبا تخشى من أن يؤدي انسحاب الولايات المتحدة إلى تركها فريسة لروسيا، كما حدث في البوسنة عندما فشلت أوروبا في إيقاف الحرب دون تدخل أمريكي.
وفيما يخص موقف ترامب من غزة، أشار "عبد السلام" إلى أن اقتراح ترامب بتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" وتهجير سكانها يعكس رؤيته الاستعمارية للقضية الفلسطينية، مضيفا أن أوروبا، رغم انتقادها لسياسات ترامب، تبدو عاجزة عن تقديم بديل حقيقي لدعم الفلسطينيين أو إيقاف التصعيد الإسرائيلي.
كما تطرق الكاتب إلى موقف العرب من الأزمة، مشيرًا إلى أن القمة العربية في القاهرة حاولت تقديم مقترحات لإعادة إعمار غزة، رغم الخلافات الداخلية بين الدول العربية، مضيفا أن العرب يواجهون تحديًا كبيرًا في توحيد صفوفهم لمواجهة سياسات ترامب التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وتساءل الكاتب: هل ستتمكن أوروبا والعرب من تجاوز خلافاتهم الداخلية ومواجهة التحديات الأمنية والسياسية بمفردهم، خاصة في ظل سياسات ترامب التي تهدد بتصفية القضية الفلسطينية؟
هل أدار ترامب ظهره لأوروبا؟!
أما الكاتب "هاني عوكل" فأكد في مقاله بصحيفة "الأيام"، أن ترامب يعيد تشكيل العلاقات الدولية بشكل جذري، معتمدًا على منطق الربح والخسارة.
وأوضح أن الرئيس الأمريكي يريد إجبار أوروبا على دفع ثمن الحماية الأمريكية، ويفتح الباب أمام تقارب مع روسيا لتحقيق مصالح اقتصادية واستراتيجية، من خلال ممارسة ضغوط على أوكرانيا للحصول على ثرواتها من المعادن النادرة، بينما يتجاهل حلفاءه الأوروبيين في مفاوضات إنهاء الحرب الأوكرانية، مما يعكس توجهه نحو تحقيق مصالح أمريكية على حساب حلفائه.
وأشار الكاتب إلى أن ترامب يبدو منفتحًا لإنهاء الحرب الأوكرانية دون مشاركة أوروبا، مما يزيد من مخاوف القارة العجوز من أن تصبح خارج دائرة صنع القرار.
وخلص "عوكل" إلى أن ترامب يسعى إلى إعادة تشكيل التحالفات الدولية لصالح الولايات المتحدة، مما يضع أوروبا في موقف دفاعي.
وتساءل: هل ستتمكن أوروبا من الحفاظ على مصالحها في ظل سياسات ترامب التي تهدد بتقويض التحالفات التقليدية؟
أوروبا في عين العاصفة!
في مقاله بصحيفة "الشروق"، أشار الكاتب خالد أبو بكر إلى أن أوروبا تعيش لحظة حرجة بعد أن أدار ترامب ظهره لها في الملف الأوكراني، موضحا أن أوروبا تواجه سؤالًا مصيريًّا حول قدرتها على حماية نفسها دون الغطاء الأمريكي، خاصة في ظل الانقسامات الداخلية وعدم القدرة على إنشاء جيش أوروبي موحد.
وأشار الكاتب إلى أن الحديث عن إنشاء جيش أوروبي موحد يعود إلى الواجهة، لكنه يصطدم بخلافات سياسية وتاريخية بين دول الاتحاد. وأوضح أن الإنفاق الدفاعي الأوروبي، رغم ضخامته، يفتقر إلى التنسيق والقيادة الموحدة، مما يحد من فعاليته.
وخلص أبو بكر إلى أن أوروبا قد تجد نفسها تحت رحمة قرارات خارجية إذا لم تعمل على توحيد صفوفها وبناء قدرات دفاعية مستقلة.
وتساءل: هل ستستفيق أوروبا قبل فوات الأوان، أم أن الرياح العاتية ستجرفها بعيدًا عن موقعها كقوة عالمية؟
تتفق وجهات نظر الكتّاب الأربعة على أن أوروبا تواجه أزمة وجودية في ظل سياسات ترامب غير التقليدية والتصعيد الإسرائيلي على غزة، مشيرين إلى أن حالة الضعف الأوروبي والانقسامات الداخلية تعكس عدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة، خاصة فيما يتعلق بموقف ترامب من غزة، والذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من خلال خطوات مثل تهجير سكان غزة ودعم الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
الكتّاب الأربعة أكدوا أن على أوروبا أن تعيد ترتيب أوراقها، سواء من خلال بناء قدرات دفاعية مستقلة أو تعزيز وحدة القرار السياسي، لتجنب الوقوع تحت رحمة القوى الكبرى، وهل ستتمكن من تجاوز أزماتها قبل فوات الأوان قبل فوات الأوان.