الموْت عطش

الاحْتلال يَستخْدِم الميَاه سِلاحًا فِي حَربِه على غَزَّة

مواطنون يصطفون لتعبئة المياه خلال الحرب على غزة
مواطنون يصطفون لتعبئة المياه خلال الحرب على غزة

حذر الباحث الأكاديمي براين بيرلمان من خطورة أزمة المياه التي يعاني منها قطاع غزة، باعتبارها الأسوأ منذ أكثر من عقد من الزمن، مشيرًا إلى أن المواطنين في القطاع يواجهون صعوبات هائلة في تلبية احتياجاتهم الأساسية من المياه.

وأوضح أن الأزمة كانت موجودة حتى قبل تصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي في أكتوبر 2023، وأن أكثر من 96% من المياه الجوفية في غزة غير صالحة للاستهلاك، وفقًا لمعايير السلامة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية.

البنية التحتية تحت الحصار والتدمير

بيرلمان أكد أن البنية التحتية للمياه في غزة كانت تعاني من هشاشة شديدة قبل الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، ولكن الوضع ازداد سوءًا نتيجة الضربات المباشرة وغير المباشرة على المنشآت الحيوية.

وأوضح أن الحصار المفروض على القطاع يمنع دخول الإمدادات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك المياه النظيفة والوقود اللازم لتشغيل محطات التحلية، لافتًا إلى أن إغراق الاحتلال الأنفاق بمياه البحر ساهم في زيادة ملوحة المياه الجوفية، وجعلها غير صالحة للاستهلاك.

منع دخول مواد معالجة المياه

وأشار بيرلمان إلى أن تصنيف الاحتلال مادة الكلور، المستخدمة لمعالجة المياه، كمادة "مزدوجة الاستخدام" وحظر إدخالها إلى غزة منذ يناير 2024، فاقم أزمة المياه بشكل كبير، بعدما عجزت محطات معالجة المياه عن العمل بكفاءة.

ولفت إلى أنه على الرغم من الجهود المحدودة التي بذلتها وكالة "الأونروا" لإدخال كميات صغيرة من الكلور في سبتمبر 2024، إلا أن هذه الإمدادات لم تكن كافية لتلبية احتياجات المواطنين في القطاع.

التأثير الصحي الكارثي

وأكد بيرلمان أن تداعيات أزمة المياه وصلت إلى مستويات كارثية وخطرة على الصحة العامة، مشيرًا إلى أن تدمير البنية التحتية للصرف الصحي أدى إلى تسرب مياه الصرف الصحي إلى شوارع غزة والبحر المتوسط، بمعدل يومي بلغ نحو 60 ألف متر مكعب في مارس 2024.

وأوضح أن هذا الوضع أدى إلى تلوث واسع النطاق لمصادر المياه، مما تسبب في انتشار أمراض خطرة مثل التهاب الكبد الفيروسي "أ"، الذي بلغ عدد الحالات المشتبه فيها أكثر من 100 ألف إصابة منذ أكتوبر 2023.

وأضاف أن تفشي شلل الأطفال عاد إلى غزة لأول مرة منذ 25 عامًا، حيث تم تسجيل أول حالة إصابة في أغسطس 2024 بعد رصد الفيروس في مياه الصرف الصحي، الأمر الذي يعكس مدى خطورة أزمة المياه والصرف الصحي.

توصيات عاجلة وحلول طويلة الأمد

وشدد بيرلمان على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من حدة الأزمة، من خلال السماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود، بما يشمل توفير المياه النظيفة، الوقود، والكلور، إلى جانب مساحيق النظافة الصحية وأدوات معالجة المياه المنزلية.

كما دعا إلى دعم استخدام أنظمة تحلية المياه الصغيرة التي تعمل بالطاقة الشمسية لمساعدة العائلات الأكثر احتياجًا.

وأضاف أن إصلاح البنية التحتية المتضررة يتطلب تزويد المهندسين المحليين وعمال الصرف الصحي بالموارد اللازمة للقيام بمهامهم بشكل آمن، مشددًا على أن هذه الإصلاحات هي خطوة أولية لكنها غير كافية لحل الأزمة بشكل جذري، حيث يتطلب حل هذه الأزمة جذريًا إعادة بناء شاملة للبنية التحتية، من خلال توفير تمويل دولي وجهود تنسيق كبيرة.

وحذر بيرلمان من أن عدم وجود جهة قادرة على قيادة هذه الجهود سيؤدي إلى تأخير الحلول، مما سيزيد من معاناة السكان.

سلاح المياه وانتهاك القانون الدولي

وأكد بيرلمان أن ما يحدث في غزة هو مثال صارخ على استخدام إسرائيل المياه كسلاح ضد الفلسطينيين، مما يشكل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي الإنساني، محذرًا في الوقت ذاته من أن عدم التدخل السريع لمعالجة هذه الأزمة قد يؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها، داعيًا المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف هذه الجريمة.

المصد: independentarabia

المصدر : اندبندنت عربية
atyaf logo