أطلق السفير الفلسطيني السابق نبيل معروف مبادرة تهدف إلى تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط عبر تشكيل تحالف إقليمي بين القوى الكبرى في المنطقة، ممثلة في السعودية، ومصر، وتركيا، وإيران.
وأكد معروف أن هذه الدول تتحمل مسؤولية تاريخية تجاه شعوب المنطقة، نظرًا لإمكانياتها الكبيرة، مشيرًا إلى أن العلاقات المتوترة والمنافسات بينها أدت إلى إضعاف المنطقة وزيادة التدخلات الخارجية في شؤونها.
الشرق الأوسط والتجربة الأوروبية
وأوضح أن القوى الإقليمية في الشرق الأوسط تمر بمرحلة حساسة، لاسيما مع استئناف العلاقات بين السعودية وإيران في مارس 2023، وهو ما رآه فرصة تاريخية لبناء تحالف قد يسهم في إعادة تشكيل مستقبل المنطقة، مشددا على أن هذه العلاقات لا تزال تواجه تحديات كبيرة، خصوصًا في الملفات المتشابكة مثل سوريا واليمن ولبنان.
وأضاف معروف أن القوى الإقليمية في الشرق الأوسط يمكنها الاستفادة من التجربة الأوروبية، مشيرًا إلى أن بريطانيا، فرنسا، وألمانيا كانت في حالة تنازع مستمر عبر التاريخ، لكنها أدركت في النهاية أن الحروب والصراعات لن تخلق سوى الدمار. وعليه، تعاونت وأسست الاتحاد الأوروبي، الذي ساهم في تحقيق الاستقرار والتنمية، الأمر الذي يمكن للقوى الإقليمية في الشرق الأوسط ا اتباعه لتحقيق أهداف مشتركة.
المبادئ الأساسية للتحالف الإقليمي
أوضح معروف أن التحالف الإقليمي الذي اقترحه يرتكز على سبعة مبادئ رئيسية. المبدأ الأول: هو احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية
المبدأ الثاني: في تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة من خلال تحسين البنية التحتية وتطوير الاقتصادات المحلية، بما في ذلك خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة، الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تقليل التوترات السياسية والاجتماعية.
وفيما يتعلق بالمبدأ الثالث، أكد معروف ضرورة تنسيق السياسات الخارجية لهذه الدول لمواجهة القوى الدولية، مشيرا إلى أن توحيد الموقف الإقليمي من شأنه حماية مصالح المنطقة وتقليل التدخلات الخارجية.
أما المبدأ الرابع، فقد شدد على أهمية الحفاظ على التنوع الديني والثقافي في المنطقة، مع إبراز دور المسيحيين كجزء أساسي من التركيبة السكانية وضرورة ضمان حقوقهم الكاملة ومنع هجرتهم.
وأوضح معروف أن المبدأ الخامس يتعلق بإعادة بناء الفرد من خلال وضع خطط تربوية وتوعوية تستهدف معالجة المشكلات الاجتماعية التي ساعدت على تدخل الغرب، مما أدى إلى تفشي التآمر والاقتتال.
أما بالنسبة للمبدأ السادس، فقد أشار إلى أهمية دراسة أفضل السبل لانضمام دول المنطقة إلى المبادرة، مع وضع أنظمة تأخذ في الاعتبار الظروف الثقافية والدينية، مستفيدين من معايير الانضمام للاتحاد الأوروبي لتحقيق تنمية متوازنة.
وأخيرًا، تناول المبدأ السابع إمكانية تشكيل "المفوضية العليا لدول الشرق الأوسط" كهيئة سياسية دولية تمثل المنطقة بالكامل.
صعوبة تنفيذ المبادرة
ورغم تفاؤله بالمبادرة، أقر معروف بأن تشكيل هذا التحالف ليس بالأمر السهل، مؤكدا أن الدول الأربع لديها مصالح متباينة وعلاقات معقدة مع القوى العالمية.
وأشار إلى أن إيران تواجه عقوبات دولية وتعتمد على تحالفاتها مع روسيا، بينما تسعى تركيا إلى الحفاظ على علاقتها مع الغرب، في حين تعمل السعودية على تحقيق توازن دقيق في علاقاتها الدولية، فيما تسعى مصر إلى الحفاظ على دورها القيادي في العالم العربي.
بوادر تحسن العلاقات الإقليمية
وعلى الرغم من هذه التحديات، لفت معروف إلى وجود إشارات مشجعة على تحسن العلاقات بين القوى الإقليمية. وأشار إلى أن العلاقات بين السعودية وإيران بدأت في التحسن بشكل ملحوظ، بينما تسعى مصر وتركيا إلى إيجاد أرضية مشتركة لتخفيف التوترات بينهما. واعتبر أن هذه التطورات قد تكون مقدمة لحوار أوسع على المستوى الإقليمي.
فرصة تاريخية لتنمية الشرق الأوسط
وفي ختام تصريحاته، أكد معروف أن نجاح هذا التحالف الإقليمي قد يُحدث تحولًا كبيرًا في الشرق الأوسط. وقال إنه في حال تحقيق التحالف، يمكن أن يتحول الشرق الأوسط إلى قوة إقليمية مؤثرة، قادرة على حل النزاعات، بما في ذلك النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، الذي شهد جمودًا لسنوات طويلة. وأضاف أن تقليل التدخلات الخارجية سيمنح هذه الدول فرصة لتركيز جهودها على التنمية واستغلال مواردها بشكل أكثر فعالية.
وأكد السفير السابق أن هذه المبادرة تُعد فرصة تاريخية للمنطقة لتحقيق الاستقلالية في قراراتها وتحديد مصيرها بعيدًا عن تأثير القوى الخارجية. لكنه شدد في الوقت نفسه على أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة سياسية قوية ورؤية استراتيجية واضحة من قادة الدول المعنية.