بعد اتهامه بالخيانة

مصير "الملك بيبي" بعد طوفان الأقصى

مظاهرات ضد نتنياهو في  "إسرائيل"
مظاهرات ضد نتنياهو في "إسرائيل"

انشغل الاعلام العبري والعالمي منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى في الحديث عن المصير السياسي وسيناريوهات النهاية التي تنتظر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في اليوم التالي لانتهاء الحرب فـ "الملك بيبي" كما يطلق عليه والذى شغل منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ إسرائيل بلغت 16 عاما، يواجه العديد القضايا التي سوف تطيح به سياسيا ابرزها المسؤولية عن الفشل والإخفاق العسكري والأمني في 7 من أكتوبر/تشرين الأول، والذى حاول التنصل من نتائجه وتحميل المسئولية للجيش والامن ناهيك عن قضايا الفساد التي تلاحقه قبل هذا التاريخ بالإضافة الى ما احدثه من انقسامات على خلفية قانون "المعقولية" وأخيرا الضغوط التي يواجهها على وقع ملف الاسرى لدي المقاومة في غزة .

دعوات بالمحاسبة والرحيل

حالة الرفض داخل الأوساط السياسية لنتنياهو تسبق تاريخ الحرب لكنها اتسعت وتيرتها على وقع هذا الإخفاق، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت إن هجمات حماس كانت "نتيجة لغطرسة الحكومة الحالية"، مضيفا ان نتنياهو في نهاية المطاف مسؤول عن أي شيء يحدث وأي شيء لا يحدث، وهو مسؤول على وجه الخصوص لأنه ضم إلى حكومته شركاء شوفينيين وحشيين، وجعلهم مسؤولين عن الأمن الوطني".

الوزير العمالي السابق حاييم رامون، طالب "نتنياهو ووزراءه بالاستقالة بعد انتهاء القتال في غزة، لأنهم المسؤولون عن الفشل الذي شهدته الدولة يوم السبت الأسود، بعد أن أخفق بإسقاط حكم حماس منذ 2009 حين استلم الحكم، وقدم وعودا بذلك لم يحققها، وبسبب سياسته هذه تظهر إسرائيل وهي "تسجد" أمام حركة مسلحة، رغم أنه قاد عدة حروب ضد الحركة، دون جدوى، والنتيجة أن نتنياهو وحكوماته تخلت عن أمن جميع الإسرائيليين.

المطالبة برحيل نتنياهو عن المشهد تكاد تكون هي الكلمة الأكثر تداولا في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية ، الكاتبة الإسرائيلية سيما كدمون قالت في مقال لها في صحيفة يديعوت أحرونوت بعنوان "استقل"، "إننا لسنا بحاجة إلى اعتذار رئيس الوزراء ببنيامين نتنياهو عن الفشل الذي حدث" بعد عملية "طوفان الأقصى"، "لسنا بحاجة إلى اعتذارات من شخص نعرف أن كل كلمة تخرج من فمه سياسية أو أنها مصلحته، وكل ما نريده هو أن يذهب. أن يستقيل. ليس بعد نهاية الحرب، وليس بعد لجان تحقيق، بل الآن".

في السياق دعت صحيفة هآرتس العبرية، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى الرحيل، فتحت عنوان "فقط ارحل يا نتنياهو"، اعتبرت الصحيفة في افتتاحيتها أن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل مقابل استمرار حكمه "باهظ للغاية". فيما دعا الكاتب في صحيفة "معاريف" بن كسبيت إلى الإطاحة بنتنياهو فورا، وقال "لقد أحدث نتنياهو ما يكفي من الضرر، ويجب عزله من السلطة"، مضيفا لا يمكن أن نسمح لأنفسنا الإبقاء عليه في رأس الهرم"

المعلق السياسي الإسرائيلي أميت سيغال، الذي وصف بأنه أحد الصحفيين المقربين من نتنياهو قال إن نتنياهو "لا يمكنه الفرار من إخفاقه الممنهج وسياسة التسامح مع حماس من أجل تحقيق الاستقرار في غزة".

فيما طالب وزير الدفاع الليكودي السابق موشيه يعلون في منشور على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن نتنياهو يجب أن يدفع ثمن فشله وطالبه بالاستقالة.

من جهته كتب الباحث مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية مهاب عادل حسن أن نتنياهو وشركاؤه في الاتئلاف الحكومي يسعون إلى الإبقاء على الوضع الراهن، والعمل على تخفيف الضغوط الداخلية والقفز إلى الأمام، من خلال استغلال العملية العسكرية الأخيرة، وحشد وتعبئة الداخل لمواجهة الخطر الوجودي الذي طال استقرارهم على نحو غير مسبوق. بيد أن هذا المسار من شأنه تحقيق استقرار هش للائتلاف الراهن لأنه لن يلغي المسئولية عن تداعيات العملية العسكرية.

اتهامات بالخيانة

لم يتوقف الجدل حول نتنياهو وشخصيته عند حدود الانتقاد للرجل وسياسته بل وصلت الى مستوي الاتهام بالخيانة والتورط المباشر في ما جري يوم 7 من أكتوبر فما ما ينتظر نتنياهو سوف تحدده كما يبدو لجنة يجري تحضيرها للتحقيق في إخفاقات الحرب وربما كلمة "نتنياهو كان يعلم" والتي ضجت بها مواقع التواصل تعد ابرز الإشارات التي اطلقت حيال تحميله مسئولية الإخفاق بعد تداول فيديوات نشرها مجندون إسرائيليون بشأن "استحالة" اختراق الجدار الأمني المجهز بأحدث وسائل الرقابة والكشف والاستشعار دون أن يتلقى الجيش تحذيرا بذلك.

في الإطار طالبت الحركة الديمقراطية المدنية في إسرائيل المستشارة القضائية للحكومة جلي بهاراف ميارا، بفتح تحقيق فوري في شبهات حرق وثائق من قبل ديوان رئاسة الحكومة في أعقاب معركة طوفان الأقصى.

وقالت الحركة إن لديها شبهات حول قيام ديوان رئاسة الوزراء بتوجيه من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بحرق وثائق أو منع تسجيلات، وخطوات أخرى من شأنها أن تصعب عمل لجان التحقيق التي ستشكل بعد الحرب على غزة.

أكد الصحفي المتخصص في الشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، أن طرح فكرة الخيانة من الداخل يحدث لأول مرة في تاريخ دولة الاحتلال، خاصة أن مشاهير إسرائيليين روجوا لهذه الفكرة، بينهم إعلامية من إذاعة "غالي تساهل" واسعة الانتشار.

في السياق أعلن حساب "Checkers Twitter" الذي يقوم بمسح المواقع الإلكترونية بحثًا عن الأخبار المزيفة، وهو تابع لليمين الإسرائيلي، أن عشرات التغريدات تنتشر مثل النار في الهشيم معظمها من مستخدمين مجهولين، جاء في أحدها: "هناك خونة بيننا، هذا واضح وضوح الشمس". وتبنى هذا الادعاء أيضًا حساب "إسنات زوهر" على تويتر، الذي يتابعه أكثر من 27 ألف شخص، فنشر في إحدى تغريداته: "هناك خونة بيننا على أعلى المستويات". ونشرت أوريت آزاني ليفي: "كانت هناك خيانة من الداخل، ولن ينجح أحد في إقناعي بخلاف ذلك".

انقسامات وتصدعات داخلية

لم تكن الحرب اخفاق نتنياهو الوحيد فما حدث سياسيا من ازمات وانقسامات بنيوية طالت إسرائيل على خلفية ما سمى بالإصلاحات او التعديلات القضائية والتي اعتبرت مساسا بديمقراطية الكيان هي من أعلنت عن نهاية مستقبله السياسي بعد حركة الاحتجاجات حيث شهدت الأشهر التسعة التي سبقت السابع من أكتوبر.

يقول المحاضر في العلوم السياسية بجامعة بار إيلان الإسرائيلية والباحث في كلية لندن للاقتصاد طوبي غرين ان إرث نتنياهو تهشم بسبب الانقسام الذي زرعه من خلال الإصلاحات القضائية والإخفاقات المتعددة التي جعلت هجوم السابع من أكتوبر ممكناً"، مضيفا ان "إسرائيليون كثر يعتبرون أن هاتين القضيتين مترابطتان".

بدوره يقول الكاتب احمد الجندي والواضح أن بعض الأحداث التي تسهم في تفكّك المجتمع الإسرائيلي نابعة من تصرّفات نتنياهو والدائرة المحيطة به، وأسلوب إدارته التآمري؛ فقد اتهم الصحافي في معاريف، بن كسبيت، نتنياهو بأنه أو تابعين له أرسلوا رجالا للتحرش بمتظاهرين من أهالي الأسرى، بدعوى أن تكون مصلحة إسرائيل أولا وآخرا، واعتبر بن كسبيت أن المذنب الحقيقي في ذلك هو نتنياهو ودائرته الذين يشجّعون على التحريض المستمر، وهم السبب في التفكيك الداخلي للسردية الإسرائيلية، وإفساد النسيج الجميل للمجتمع الإسرائيلي الذي كان هنا يوما.

المحرر في الموقع الإخباري "واللا" نير كيفنيس، اعتبر أن مسيرة نتنياهو السياسية المثيرة للجدل ترافق إسرائيل في الحرب على غزة من خلال الخلافات وتباين المواقف حول شخصه ونهجه. وقال إن نتنياهو يعمل في ظل الحرب على الجبهة السياسية لتعزيز الرواية "رئيس وزراء حذر ومسؤول، قادته إلى الإخفاق مجموعة من الجنرالات الفاشلين الذين لم يقدموا التحذير في الوقت المناسب".

المختص في الشؤون الإسرائيلية بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، نمرود جورين، يرى ان لا مستقبل سياسي بنيامين نتنياهو، معتبرا إنه "بدلا من تفاعل نتنياهو بإيجابية مع الجمهور الإسرائيلي وتحمل المسؤولية عما جرى فإن يعمل فقط من أجل بقائه السياسي".

ويعتقد جورين، أن "إفرازات الحرب ستحدد مستقبل نتنياهو السياسي"، ولكنه لا يستبعد أن يتم ذلك "حتى قبل انتهاء الحرب"، التي يقول نتنياهو، إنها "ستستمر طويلا".

على الجانب الآخر، أجرت مؤسسة "Agam Research"، استطلاع رأي أوضحت فيه أنه ألقى نصف الإسرائيليين باللوم الرئيسي في أحداث 7 أكتوبر على حكومة نتنياهو، كما أظهر استطلاع آخر أجرته صحيفة معاريف الإسرائيلية أن 80% من الإسرائيليين، بما في ذلك أكثر من ثلثي ناخبي حزب الليكود، يعتقدون أن نتنياهو يجب أن يتحمل المسئولية علنًا.

إلّا أن بعض الإسرائيليين يرون أنه من السابق لأوانه استبعاد نتنياهو لقدرته على التفوق على المعارضين.

نتنياهو الذى تعود على النجاة السياسية في كل مرة يواجه فيها القضاء حول تورطه في قضايا فساد او حتي خصومه السياسيين يبدو انه لن يفلح هذه المرة ثمة اجماع في ان يغادر الرجل المشهد السياسي باي صورة كانت مهزوما في الحرب او فاسدا وملاحقا بالسجن.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo