الدور القطري إزاء الحرب على غزة.. طبيعتُه ومستقبله

قصف المدنيين في غزة
قصف المدنيين في غزة

أدت قطر دورًا خلال الصراعِ بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال الإسرائيلي على مدار سنواتٍ ماضيةٍ، حيث استطاعت أن تخفض حدة التوترات والتصعيد في العديد من المرّات، كما أنها استطاعت إدخال العديد من الأموال والمساعدات إلى قطاع غزة سواءً كانت أموالًا مباشرة أو ضمن مشاريع تنموية.

ومع انطلاق معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023 كان لدولة قطر، دورٌ في إطلاق سراح أسرى أمريكيين وإسرائيليين لدى المقاومة في قطاع غزة. 

وفي هذا التقرير تستضيف "زوايا" نخبة من المختصين، للاطلاع على ماهية الدوري القطري السابقِ والحالي والمستقبلي، إزاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. 

الدور القطري

وقال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد إنّ دولة قطر تؤدي دورًا أساسيًا في دعم قطاع غزة من مساعداتٍ إنسانيةٍ وماليةٍ، إضافة إلى أنّها تستضيف القيادة الرئيسية لحركة حماس وعلى علاقةٍ طيبة مع الحركة منذ الشيخ "حمد" ولا تزال هذه العلاقة إلى الآن.

وبيّن أن الولايات المتحدة تمارسُ ضغوطاتٍ غير مسبوقةٍ على حركة حماس، تزامنًا مع حشودٍ إسرائيلية على الحدود مع غزة وإعلان الاحتلال نيته تدمير الحركة ومحاولات شيطنتها. 

وتحاول دولة قطر امتصاص الغضب الأمريكية بأسلوبها الخاص، تزامنًا مع دورها الفاعل في الإفراج عن الأسرى المدنيين الإسرائيليين على أقل تقدير، كما يقول "الحمد" الذي اعتقد أن قطر قد تؤدي دورًا لاحقًا في عقد صفقة تبادل أسرى تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين. 

ورأى في حديث مع "زوايا" أن الدور القطري إزاء الأحداث في غزة يلقى ترحيبًا أمريكيًا ولا سيما في موضوع الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، لافتًا أن الاحتلال الإسرائيلي يخفض صوته في هذا الاتجاه، بناءً على التفاهماتِ الأمريكية القطرية.

تاريخٌ طويلٌ من التفاهمات

ولقطر تاريخ طويلٌ من التعامل مع الحركات المسلحة أو المعارضة في إطار التفاهم والتعامل الناعم كحركة طالبان وقيادات الإخوان المسلمين ودارفور في السودان. "بحسب الحمد" الذي أشار إلى أن حركة حماس وعلاقة قطر تميزها أن القضية الفلسطينية موجودة في البنية القطرية حكومةً وشعبًا. 

وقد لا تتبنى قطر أساليب حماس أو تدعم من جانبٍ عسكري، إلا أنها تحاول أن تقدم بعض الجوانب الإنسانية والسياسية والإعلامية من خلال القنوات الفضائية، كما يقول "الحمد". 

ولفت إلى أن قطر تعمل على فتح المعابر وفك الحصار مع الدول العربية، دونَ ابتزاز حركة حماس أو إجبارها على اتخاذ مواقف في نفس الوقت.

دور مهم ولكن!

واعتقد أن نتائج الدوري القطري قد لا ترقى إلى المطالب الفلسطينية، نظرًا لتعرضها لضغوطاتٍ كونها الوسيط محاولة تقريب وجهات النظر وتشجيع الأطراف على القبولِ بالتهدئةِ. 

والدور القطري ليس بديلًا عن الدور المصري والأردني، كما أن الجانب الإيراني يحاول انتزاع الدوري القطري بطريقة فجّةٍ، معتقدًا "الحمد" أن قطر قادرة على الإنجاز في الملفات السابقة أكثر بكثيرٍ من إيران.   

  تخفيض الصراع

بدوره قال الباحث والمحلل السياسي في قضايا الصراع نزار نزال لـ "زوايا" ، إن الدور القطري يتجه دومًا نحو تخفيض الصراع في المنطقةِ، مشيرًا إلى دورها في إدخال الأموال النقدية إلى قطاع غزة، ظنًا منها أن هذه الأموال ستدعم ركائز الهدوء.

ولفت إلى أن قطر دولة ذات عدد سكان قليل في المقابل تمتلكُ مواردَ كثيرة، وتجنّد بعض أموالها تحت ظل العيون الأمريكية والإسرائيلية من أجل تخفيف التصعيد في المنطقة حيث قادت مفاوضات لتخفيض التوترات وإدخال عمال غزة لدولة الاحتلال. 

اقرأ أيضاً: ما بعد الحرب على غزة.. السؤال المغلق

وحول الدور القطري في المرحلة المقبلة، استبعد "نزال" أن يكون ذات تأثيرٍ كبير، عازيًا ذلك إلى أن الاحتلال في مرحلة حربٍ مشيرًا لتصريحات وزير جيش الاحتلال "يوآف غالانت" في أنهم يعتمدون على قوة الجيش في استعادة الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين في غزة، متجاهلًا الدور القطري. 

واعتقد أن الدور القطري في المرحلة القادمة سيقتصر على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المدنيين في غزة، مقابل إطلاق سراح الأسرى القاصرين والأسيرات الفلسطينيات. 

ونوّه إلى أن الدور القطري يضعفُ بسبب ما حصل في السابع من أكتوبر تزامنًا مع انطلاق معركة "طوفان الأقصى" حيث تعرضت دولة الاحتلال لضربةٍ موجعةٍ خدشت مؤسسات الأمنية وأن الاحتلال في هذه الأوقات لا يتكلم إلا بلغة الحرب والقوة وليست لغة المفاوضات رغم أن العديد من المصادر الصحفية تحدثت عن تهدئة أو مفاوضات أو هدنة إنسانية من تحت الطاولة.

محوري وإيجابي

وفي ذات السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية ناجي شراب، أن الدور القطري محوري وإيجابي في هذه المرحلة لعدة عوامل، أبرزها علاقاتها الجيدة مع حركة حماس التي توجد قيادتها بالدوحة، وعلاقاتها بالولايات المتحدة، وعلاقاتها غير المباشرة بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وعلاقتها الأخرى بمصر وإيران.

وبناءً على العوامل السابقة، بين "شراب" أن تلك العوامل سمحت لقطر بأداء دورها في إطلاق سراح بعض الأسرى الإسرائيليين والأمريكيين في غزة. 

وأوضح أن دولة قطر تدرك مخاطر الحرب على غزة وعلى حركة حماس أكثر من حماس نفسها، مبينًا أن الحرب الإسرائيلية ستكون ذات كلفة كبيرة على حركة حماس التي تتصاعدُ مع إطالة زمن الحرب. 

ولفت إلى أن دولة قطر حريصة على بقاء حركة حماس ووقف النار في غزة التي تملكُ مقاومتها ورقة الأسرى الإسرائيليين التي يمكن البناء عليها والتفاهم على وقف إطلاق النار والتفاوض على هدنة فيما بعد في إطار الخطوة التالية.

واعتبر أن دولة الاحتلال تثقُ في الدور القطري، إلا أن المفاوضات التي ستكون قطر الوسيطة فيها، لن تكون كالسابقِ في ظل الحرب التي فرضت واقعًا سياسيًا جديدًا، لافتًا أن الأولوية القطرية الأن هي وقف الحرب والذهاب للمفاوضات. 

ورغم أن الدور القطري ذات أهمية كبيرة ويتسم بأغلبية إيجابية ومحورية ويمتلكُ تاريخًا طويلًا من خفض التصعيد، إلا أنّه مرهونٌ أيضًا بالتغيرات الميدانية وظروف الحربِ ولا سيما أن الاحتلال قد تلقى ضربةً موجعةً من المقاومة في السابع من أكتوبر الماضي

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo