"زوايا" تكشف كواليس زيارة أبو مرزوق لغزة.. هل ينتهي الانقسام؟

موسي أبو مرزوق
موسي أبو مرزوق

بعد حضوره اللقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في تركيا، ومشاركته في اجتماع الأمناء العامين في مصر، وصل رئيس مكتب العلاقات الدولية لحركة حماس موسى أبو مرزوق قطاع غزة، في زيارة أثارت تساؤلات حول أهدافها.

لم تعلن حركة حماس عن أسباب زيارة أبو مرزوق لغزة، ولم تتحدث عن أهدافها، لكن من المؤكد أن شخصية كبيرة مثله تحظى بقبول عند جميع مستويات الحركة، خاصة أنه كان يشغل سابقاً منصب رئيس الحركة، جاءت للقطاع لبحث ملفات مهمة من الصعب مناقشتها بين القيادات عن بعد.

زيارة عائلية سياسية

وبحسب القيادي في حماس حماد الرقب، الذي رافق أبو مرزوق خلال جدول أعماله في غزة، أوضح لـ"زوايا" أن رئيس مكتب العلاقات الدولية جاء لغزة في زيارة عائلية، واستغلتها الحركة للقيام بأنشطة سياسية، لكن عضو المكتب السياسي في التنظيم سهيل الهندي يقول عكس ذلك بأن "الشخصية وصلت لدراسة ملفات لها علاقة بالمصالحة، وتسهيل تشكيل حكومة جديدة".

اقرأ أيضاً: إشارات سعودية.. وترقب فلسطيني ومشاورات مصرية أردنية

بغض النظر عن ذلك، فإن أبو مرزوق نفسه، قال لـ"زوايا" في تصريح مقتضب بعد مشاركته في حفل توقيع كتاب "أنا هنا للتوصل لاتفاقات لها علاقة في غزة، نجتهد لإنهاء الانقسام الفلسطيني وترتيب البيت الوطني".

على كل حال، فإن زيارة أبو مرزوق لغزة وإن كانت تحمل في طياتها لقاء عائلته، فإنه من المؤكد جاء لتحقيق أهداف سياسية، فهذه الشخصية نادراً ما تزور القطاع، بالإضافة والأهم أنه وصل للقطاع في ظل تطورات في ملفات كبيرة، أبرزها موضوع غاز غزة، وتوسع عمل حماس في الضفة الغربية، بالإضافة إلى فتح حماس قنوات اتصال جديدة مع دول في المنطقة.

وإلى جانب ذلك فإن أبو مرزوق وصل غزة، بعد لقاء جمع قيادات فتح مع حماس في تركيا، وأيضاً بعد لقاء العلمين الذي شارك فيه الأمناء العامين للفصائل، وهذا يدلل بحسب الباحث السياسي حسن عصفور الذي تحدث لـ"زوايا" إلى أنه "جاء لغزة لاستكمال إجراءات المصالحة".

توافق على المصالحة من بوابة حكومة جديدة

ووفقاً لعصفور، فليس كل ما في لقاء عباس هنية أُعلن للإعلام، كما أنه لم يتم الإفصاح عن جميع ما دار في لقاء الفصائل الأخير، موضحاً أن قائدي فتح وحماس لم يلتقيا لمجرد التأكيد على مبادئ منظمة التحرير أو الشرعية الدولية وأنه لا سلاح سوى الذي تملكه السلطة الفلسطينية، وإن كان لمجرد ذلك فإن هذا هراء ولا يمكن عقد الاجتماع لهذا الغرض.

يؤكد عصفور الذي كان وزيراً سابقاً يشغل شؤون المفاوضات أن "لقاء عباس هنية حمل في طياته شكل المرحلة المقبلة على صعيد المصالحة الفلسطينية، والتي تتمثل في تشكيل حكومة جديدة أو تطوير الحكومة الحالية"، لافتاً إلى أن الرئيس معني بقوة بهذا الخيار لأسباب منها: تغير بسيط في شكل الخريطة الدولية، وتقارب بين الدول العربية، واستغلال ضعف إسرائيل الحالي، ومحاولة إنجاز شيء قبل حدوث أي طارئ له، معتبرا أن هذه العوامل تدفعه باتجاه إنهاء حقبة الانقسام.

في الواقع، نشرت حماس على لسان عضو المكتب السياسي لحركة حماس حسام بدران أن لقاء عباس هنية كان جيداً، لكنها لم تذكر المصالحة الفلسطينية، وهذا عكس ما تحدث به الناطق باسم حركة فتح حسين حمايل الذي أكد أن الرئيس أعطى الضوء الأخضر لإنهاء الانقسام بجميع أشكاله.

وعن وجود أبو مرزوق في غزة، يشير عصفور إلى أن قيادات حماس في الخارج أيدت التوجه الدولي الرامي لإنهاء الانقسام والذي تدعمه روسيا كثيراً، وجرى الاتفاق عليه فلسطينياً، لكن هناك تيار من حماس يرفض هذا التوجه خاصة أولئك المستفيدين من الحكومة الموجودة في القطاع، ولهذا وصل أبو مرزوق لإقناعهم بضرورة تشكيل حكومة ولشرح شكل المرحلة الجديدة.

ويوضح عصفور أن حماس تبدو جاهزة لإنهاء الانقسام، ومتطلبات المرحلة المقبلة تستوجب منها ذلك، مع الحفاظ على دورها في غزة والمنطقة بشكله الحالي، لكن كفصيل سياسي وليس جهة حكم، وحصلت على تأييد إقليمي بهذا، ومن ذلك المنطلق يسعى أبو مرزوق للتوصل لهذا القرار، لافتاً إلى أنه لو فشل في مهمته فإن ترتيبات أخرى ستشهدها المنطقة.

من ضمن معلومات عصفور فإن على عباس التزامات أخرى تجاه حماس، وبدأت هذه الأمور تظهر للعلن كبادرة حسن نية يقدمها الرئيس لحماس وغزة، في سبيل دفع عجلة إنهاء الانقسام الداخلي.

لإقناع قيادات معارضة

من جانب آخر، فإن "زوايا" حصلت على معلومات من قيادي حمساوي تفيد بأن أبو مرزوق يحمل في جعبته ثلاث ملفات جزء منها جرى تداوله في لقاء عباس وهنية، الأول ضرورة إنهاء الانقسام عن طريق تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإقناع قيادات الحركة بالذهاب إلى انتخابات محلية كما في الضفة الغربية، وشكل المنطقة في المرحلة المقبلة، أما الملف الثاني له علاقة بتطور حماس في الضفة الغربية والإقليم، والثالث استكمال ملفات اجتماع الأمناء العامين.

جلس أبو مرزوق مع قيادات حركته السياسية والعسكرية، وأطلعهم على خفايا لقاء عباس هنية وتفاصيل اجتماع الأمناء العامين، وشرح لهم ما هو مطلوب من عباس، وما الأمور التي عليهم عدم معارضتها، بحسب ما يؤكده القيادي الحمساوي حماد الرقب.

مصالحة وبوارد حسن نية

ويوضح الرقب أن حماس قدمت لعباس رؤيتها بخصوص المصالحة وفقاً لما تم الاتفاق عليه من إصلاح منظمة التحرير والذهاب لانتخابات، لكنه طلب تنفيذ عملية الاقتراع المحلية كما جرى في الضفة الغربية، لافتاً إلى أن قضية المصالحة جاهزة وباتت تنتظر التنفيذ فقط في ملفات منظمة التحرير والمجلس الوطني والحكومة وقضايا الدم.

من جانبه، يؤكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس سهيل الهندي أن أبو مرزوق بحث ملف الانتخابات المحلية وضرورة تنفيذها كما جرى في الضفة الغربية، كبادرة حسن نية في سياق المصالحة، لكنه يوضح أنه لا يوجد خطوات في إطار الانتخابات التشريعية وأن هذا الملف تحول إلى تشكيل حكومة جديدة.

ويشير الهندي إلى أن أبو مرزوق الذي يحظى باحترام واسع بين جميع أعضاء الحركة، يسعى لإقناع الجميع بملف الحكومة، وأن على عباس إجراء إصلاحات في نظامه داخل غزة والضفة الغربية وبدأ في إقالة المحافظين، وإضافة تعديلات في موضوع حكومة محمد اشتية.

اقرأ أيضأ: مختصون: "بدنا نعيش" فاجأ الجميع وحماس تدفن رأسها في التراب

لكن الهندي يلفت إلى أنه من غير الواضح موقف عباس حول الحكومة، وأيضاً لم يتم التوصل إلى شكل الائتلاف الوزاري الجديد، لكن هناك إجماع على ضرورة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية، وهذا ضروري لمواجهة إسرائيل على الساحة الدولية.

ثمة خطوات ميدانية سياسية ملفتة جرت أثناء زيارة أبو مرزوق لغزة، وكان من بينها الاتصال الهاتفي الذي تلقاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وهذا أيضاً لم يكن بعيداً عن هدف زيارة موسى أبو مرزوق لغزة.

ومن الأمور الأخرى إقالة المحافظين، والتي يؤكد حولها مستشار رئيس الوزراء عبد الإله الأتيرة أنها جاءت من ضمن نتائج لقاء الرئيس مع هنية، وأنها في سياق تغييرات كبيرة في السلطة الفلسطينية استعداداً لمرحلة سياسية مهمة.

يقول الأتيرة لـ"زوايا": "ينوي الرئيس عباس تغيير حكومة اشتيه وتشكيل حكومة جديدة، في إطار تحقيق المصالحة الفلسطينية، لقد تلقينا تعليمات مهمة شأنها عدم عرقلة أي مسار لإنهاء الانقسام، يبدو أن جميع الأطراف بما فيها جهات إقليمية تدعم هذا المسار".

ويضيف "لا أعلم إذا كان هذا اتفاق مع حماس، ولا يوجد أي معلومات عن شكل الحكومة المقبلة إذا ما كانت وفاق وطني أو تكنوقراط أو مزيج بينهما، لكن المؤكد وحسب مشاركتي في اللقاءات الاستشارية فإن عباس ذاهب للمصالحة دون انتخابات ومن بوابة شخصيات جديدة".

ومن بين الأمور التي ظهرت في زيارة أبو مرزوق، كان موافقة حماس على إجراء الانتخابات المحلية، وقال عضو المكتب السياسي لحماس زكريا أبو معمر في لقاء تشاوري حول الانتخابات المحلية "منذ أكثر من عام وافقنا على ضرورة إجراء انتخابات الهيئات المحلية، هذه خطوة إلى الأمام على صعيد تحقيق الشراكة والتقدم في مسار المصالحة الوطنية، ولذلك أكدنا على ضرورة التوافق الوطني من أجل إنجاح هذه الانتخابات"

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo