موظفو حماس بغزة يكسرون الصمت وينتقدون حكومتهم

موظفو غزة
موظفو غزة

كسر موظفو حكومة حماس في قطاع غزة حاجز الصمت، مطالبين بجملة من حقوقهم المُعلقة منذ سنوات، متهمين حكومتهم بالتجاهل التام، ونقابة الموظفين "المعينة" بالتواطؤ مع الحكومة في ضياع هذه الحقوق.

فجميع الموظفين يطالبون بعدم تأخير صرف رواتبهم ورفع نسبتها والحصول على مستحقاتهم، فيما تطالب فئة محددة من الموظفين بإنصافهم ورفع درجتهم الوظيفية من الفئة الثالثة إلى الثانية، أما آخرون من موظفين العقود يطالبون بتثبيتهم بعد تسريحهم والاستغناء عنهم.

وحتى كتابة التقرير، لم يتلق موظفو حماس بغزة رواتبهم، مع انقضاء النصف الأول من شهر يوليو 2023، علماً أن وزارة المالية التابعة لحماس، عملت على صرف رواتب الموظفين خلال الأشهر الماضية في النصف الأول من كل شهر ميلادي بنسبة 60% وبحد أدنى 1800شيكل (الدولار يساوي 3.72).

وتُرجع الجهات الحكومية في غزة، أسباب عدم صرف رواتب كاملة إلى الحصار الإسرائيلي المشدد المفروض منذ عام 2006، إلى جانب شح الموارد المالية والاعتماد على الموارد المحلية مثل عائدات الضرائب التي يتم تحصيلها من البضائع والمواطنين.

ويعاني القطاع المحاصر من جانب الاحتلال الإسرائيلي من أزمات اقتصادية مركبة، انعكست بالسلب على أوضاع السكان الذين تتجاوز أعدادهم 2.2 مليون نسمة، إذ لامست معدلات الفقر 70%، في حين وصلت معدلات البطالة إلى 50%.

 انتقادات وتهديد بالنزول للشارع

ويسود غضب عارم في صفوف موظفي حكومة غزة، انعكس في مجمله بالتعبير على المجموعات والصفحات التي تضم هؤلاء الموظفين بمواقع التواصل الاجتماعي، منها ما وصل حد التهديد بالنزول للاحتجاج في الشارع أمام التجاهل لمطالبهم وعدم المبالاة بمعاناتهم، فضلاً عن الامتعاض الكبير مما يقولون عنه إنه محاباة القيادات والمسؤولين وأبنائهم بالامتيازات وعدم شعورهم بمعاناة الآخرين.

ومما أثار حفيظة الموظفين وأشعل غضبهم أكثر، ما نُسب من تصريح صحفي لسلامة معروف رئيس المكتب الحكومي، نفاه معروف لاحقاً، حيث جاء في التصريح " أنه لم ينقضي شهر على صرف آخر راتب للموظفين الذي كان في 15 يونيو الماضي، وبالتالي من المبكر الحديث عن أي تأخير".

"زوايا" رصد جملة من أحاديث الموظفين وتعليقاتهم ومنشوراتهم على صفحاتهم الخاصة والعامة:

الموظف أبو ساجد "الراتب راح ينزل راح ينزل، بس يكون علم للجميع ويعمم على جميع الموظفين ابتداء من الشهر القادم حملة الاحتجاجات راح تبدأ من 5 الشهر على أرض الميدان ومواقع السوشل ميديا وتطول إلى تطوله. إذا هما مش راحمينا ترحموش حد وخلي العالم تضحك علينا، انفضحنا قدام الناس صاروا عمال اسرائيل يصرفوا علينا، لعنة الله خلتونا شحادين وقليتو قيمتنا قدام الناس، وإذا أصحاب القرار بفكروا يعاقبونا على احتجاجنا وكلامنا في 1000 طريقة نرد العقوبة، فالأفضل ينزلو عن الشجرة ويحلونا".

اقرأ/ي أيضاً: تصريحات نارية.. د.غطاس: وحدة الساحات أكذوبة وبندقية فتح في الميدان

الموظف ن. شعبان "النثريات جيب كيا سورينتو 65000$ + كوبون بنزين يغطي الحركة طول الشهر + فاتورة جوال مدفوعة بالكامل من الوزارة + مظروف مالي تحت الطاولة، هذا كله شو علاقته بالعمل الاداري؟ عند الكفار الوكالة بينحط جهاز داخل السيارة أي مشوار خارج نطاق العمل بيبدأ العد والخصم مباشرة من حساب الموظف الشخصي، بالإضافة للعديد من العروض الخرافية التي تغطي جميع الموظفين سواسية من جوال وبنوك وغيره".

الموظف أبو خالد "الله يعينهم مش ملاحقين يشتروا جبات موديل السنة للمدراء عشان برستيج جب 2016 بطل نافع، والمدير بتحير إيش نوع الجب اللي بدو يجيبه".

الموظف أبو ساجد "للأسف عندما تطالب بحقك تصبح في دائرة الشك والتخوين، لماذا؟، إعطاء الحقوق ليس سهل حتى في عملك لو تأخرت تحاسب تأخذ إجازة، لماذا وما السبب تعطي كل طاقتك في العمل، وعند حقك تصبح خائن، لا تنسوا في مستأجرين في جامعات في متطلبات للحياة والكل ملاحق، نقول حسبنا الله ونعم الوكيل".

الموظف ع. زقوت "يقال إن رواتب أعضاء التشريعي والتي هي حسب القانون بعملة الدولار وليس الشيكل، تصرفها وزارة المالية بغزة على سعر صرف 4,25 منذ سنوات، وليس حسب سعر الدولار في حينه، هل هذه إشاعة أم حقيقة، نتمنى على الأخوة في وزارة المالية تأكيد أو نفي ذلك من باب الشفافية والمصداقية. أقترح على الأخوة في الحكومة اصدار قانون يسمح للموظف باستيراد سيارة أو جيب واعفاءه من الجمرك أسوة بفئات حكومية أخرى مسحوقة من الغلابة لديها إعفاء جمركي، ليقوم بعد ذلك الموظف ببيع الجيب أو السيارة، وحينه يربح الضعف ويسد جزء من ديونه".

الموظف صقر "مطلوب من القيادي والمسؤول معايشة الأزمة، زيو زي الموظف، زيو زي المواطن، إذا لزم الأمر بلاش يقضيها مشاوير وطشات قدام الكل بسيارة الحكومة أو سيارة الحركة، الجبات والسيارات والنثريات حدث ولا حرج".

الموظف ل. رجب "إن تأخر صرف رواتب موظفي غزة، وعدم وجود موعد ثابت لصرفها شهرياً، يتسبب بحالة نفسية سيئة وفقدان الأمان الوظيفي والاستقرار الأسري لعشرات آلاف الموظفين الذين يداومون يومياً في خدمة أبناء شعبهم وحمايته. إذا كانت الجهات المسؤولة عاجزة لأسباب موضوعية عن توفير الرواتب بشكل دوري ثابت، فالأولى إعادة النظر في شكل منظومة الحكم والوظائف في قطاع غزة، والتفكير في شكل جديد يتواءم مع الظروف القاهرة والمستمرة، حتى لو أدى ذلك لفرط عقد الحكومة وإعادة تشكيل منظومة إدارية مختلفة تماما عن الحالية، تضمن استمرار تقديم الخدمات بالتوازي مع القدرة على صرف رواتب الموظفين. أما مواصلة الشعور بالعجز وقلة الحيلة في هذا الملف لا يليق بقيادة سجلت تقدما رهيبا ومثيرا على الصعيدين الأمني والعسكري والعمل المقاوم".

الموظف أبو حسان "بنراسل المالية للاستفادة من المستحقات للعلاج عبر البوابة الالكترونية (الحاسوب الحكومي) الرد بكون كالتالي (مرفوض_مستفيد ٥٠٠ شيكل) قبل سنتين. هم ال٥٠٠ شيكل ببيضوا مثلا ولا شو ؟؟. صدقوني بتزيدونا مرض بهيك وضع خاصة لما يتعلق الأمر (بالقلب). والله المستعان".

الموظف ي. سلمية "اعتقد ليست مشكلتنا في الرواتب وتأخر نزولها وإن كانت هذه مشكلة، ولكن مشكلتنا أن نرى المتنفذين يتنعمون ويسرحون ويمرحون هم وأطفالهم ونحن لا نستطيع أن نلبي أدنى احتياجات بيوتنا وأطفالنا، فلو أن الكل يعاني لكنا أصبر على الصبر ولكن. والله صرت أفكر بشكل جدي في التقاعد وترك العمل الحكومي، من كتر القرف فى موضوع الراتب إلى أصلاً أنا بأخذ 50% من راتبي والبنك بيخصم 40% منهم يعنى بأستلم ربع راتبى وعندى 2 فى الجامعة، والله بلا قرف".

الموظف أبو عمر.ه " المطالبة عن طريق إقامة جسم نقابي قوي وشريف وغير مؤطر ومنظم لأي جهة أو حركة، علينا المطالبة بجسم نقابي يعمل على المطالبة بحقوقنا بشكل قوي ومؤثر النقابة على مدار السنوات السابقة لم ينتخبها أو يختارها الموظفين وإنما من يختارها الحكومة فقط لتكون أداة بأيديهم".

IMG-20230716-WA0020.jpg

 

IMG-20230716-WA0021.jpg

 

IMG-20230716-WA0022.jpg

 

IMG-20230716-WA0023.jpg

 اتهامات للنقابة بالتقصير

ورفضت نقابة الموظفين في القطاع العام بقطاع غزة، استمرار تأخر صرف رواتب الموظفين، مطالبة لجنة متابعة العمل الحكومي بصرفها في بأسرع وقت. كما رفضت النقابة بشكل مطلق في بيان صحفي، أي حديث عن تخفيض نسبة الصرف الحالية مهما كانت الظروف، بل مطالبة بزيادتها حتى الوصول إلى الراتب الكامل.

موقف النقابة هذا وغيره من التلويح بالاحتجاج، لم يشفع لها أمام الموظفين الذين يتهموها بالتقصير، ويعتبروها في أحيان كثيرة بأنها لا تمثلهم، علماً أن النقابة "معينة" ولم يسبق أن أجريت انتخابات لاختيار أعضائها من الموظفين.

IMG-20230717-WA0006.jpg

IMG-20230717-WA0007.jpg

 

IMG-20230717-WA0004.jpg

 

IMG-20230717-WA0005.jpg

 

IMG-20230717-WA0003.jpg

 

IMG-20230717-WA0002.jpg

 

IMG-20230717-WA0001.jpg

 

IMG-20230717-WA0000.jpg

وبشكل مقتضب، عقب خليل الزيان رئيس نقابة موظفي حكومة غزة لـ"زوايا" فقال "أصدرنا بيانا تلو البيان نطالب فيه الحكومة بعدم تأخير صرف الرواتب، بل وزيادة نسبتها ولن نقبل بتخفيضها بالمطلق (..) جديون في الذهاب للاحتجاج إذا لم تتم الاستجابة لمطالبنا والتخفيف من معاناة الموظفين منذ سنوات".

وحول الاتهامات لهم بالتقصير والتواطؤ مع مماطلة الحكومة، ذكر الزيان أنهم تحملوا مسؤولية النقابة في ظروف صعبة، وورثوا تركة ثقيلة ومع ذلك تم حل عديد من المشكلات وتحقيق العديد من الإنجازات منها التعديل الكبير في قانون التقاعد والنضال في قضية الفئات واستفادة الموظفين من المستحقات، مشيرا إلى أنهم يتفهمون غضب الموظفين من الظروف القاسية التي يعيشونها، وأكد قائلا "سنواصل النضال من أجل تحقيق مطالبهم وحقوقهم".

اقرأ/ي أيضاً: موظفو غزة.. ضائقة تتفاقم ومصير مجهول بين فصيلين منقسمين

ولفت إلى أن نقابته منتخبة من جمعية عمومية أقرتها وزارة العدل، ومع ذلك طالبت الموظفين مراراً وتكراراً بالانتساب للنقابة حسب قانون الانتخابات، وبالتالي تهيئة الظروف لإجراء انتخابات ينبثق عنها مجلس نقابة جديد، مؤكداً أن أعضاء نقابته ليسوا طلاب مناصب ومواقع ويطمحون بتسليم الأمانة فور إجراء انتخابات للنقابة وتجديد الثقة بأعضاء جدد يحملون هموم الموظفين.

 الفئات والعقود

ومن جانب ذي صلة، تتسع دائرة الغضب في وجه حكومة حماس، من قبل موظفي الفئة الثالثة الذين حصلوا على قرار قضائي بإنصافهم وعددهم 526 موظفا، حيث صدر عن المحكمة الإدارية وعن المحكمة العليا قرار ينص على حق موظفي هذه الفئة بالانتقال للفئة الثانية ضمن الوظيفة العمومية.

وأظهرت مقاطع الفيديو لاحتجاجات موظفين الفئة الثالثة داخل مقر ديوان الموظفين وسط صيحات غضب ومطالبات بتطبيق القانون.

وهناك احتجاج في صفوف عدد من المنتسبين لوزارة الداخلية في سلك الشرطة الفلسطينية، الذين عملوا فترة "طوارئ كورونا" على بند العقود وعددهم 500 عنصر، فقد تم تثبيت عدد 200 منهم فقط، وتم تسريح الـ300 الباقين والاستغناء عن خدماتهم بشكل كامل، حيث يطالب هؤلاء بالتثبيت نظير خدمتهم وأسوة بزملائهم.

الحكومة تلتزم الصمت

وفي ضوء ما سبق، فإن لجنة متابعة العمل الحكومي التي تدير القطاع وشؤون الوزارات والموظفين تلتزم الصمت، ولم يخرج عنها أي تصريح أو بيان يوضح سبب تأخرها في صرف الرواتب. لكن مصدرا في الحكومة ذكر لـ"زوايا" أنه سيتم الإعلان عن صرف الراتب خلال الأسبوع الجاري.

وأشار المصدر إلى أن قيمة العجز تزداد شهراً بعض شهر، وأن السيولة الموجودة لا تكفي لصرف دفعة الراتب، وساق بعض المبررات لعدم صرف رواتب الموظفين حتى الآن.

وذكر المصدر من هذه الأسباب "أن مخصص المنحة القطرية الخاص بالموظفين لم يصل، وأن وزارة المالية بغزة لا تجبي إلا القليل من الايرادات الداخلية، وأن أسعار السلع الواردة من مصر ارتفعت بشكل كبير، وأن الجهات التي تقترض منها الحكومة غير جاهزة للإقراض"، حسب زعمه.

ولاحقا في اليوم التالي لإعداد التقرير، خرج وكيل وزارة المالية بغزة عوني الباشا في مقابلة خاصة لإذاعة صوت الأقصى، وقال "أشكر الموظفين الذين صبروا طوال مدة الحصار وهم يتلقون أقل من نصف راتب وهم يستحقون منا كل خير"، مضيفاً "الراتب حق لكل موظف ولكن الأزمة المالية والحصار أثر على ذلك".

وتابع "نعمل على التخفيف من حدة الحصار الذي فرض علينا، ونقوم بالصرف فئات لعدم وجود سيولة كافية بالصرف(..) نحن كي لا نؤخر كنا نقوم بالصرف في وقت معين فئة تلو الأخرى لغاية أربع فئات نتيجة لعدم السيولة".

وأردف "نقوم بالاستدانة من البنوك والبنك الوطني يعطينا 40 مليون شيكل حتى نصرف الرواتب، وأن أزمات البنوك تعود علينا سلبًا وهذا من الأسباب المؤثرة إضافة لارتفاع سعر الدولار(..) نحن في شهر ٦ كان لدينا عجز بين النفق والإيراد وهذا العجز دائم وأثر بشكل كبير، ونحن في وزارة المالية وفي الحكومة نبذل جهود كبيرة لصرف الرواتب وبآخر هذا الأسبوع سنصرف رواتب شهر 6".

ووعد الباشا "خلال مدة قريبة سنوفي بالتزاماتنا للموظفين والموردين، ونسعى ونتطلع لأن يقوم العالم لرفع الحصار عن قطاع غزة ودعم صمود أبناء شعبنا، داعياً قطر لصرف المنحة القطرية الخاصة بالموظفين ونشكرهم على العمل في الفترة السابقة لذلك، كما دعا مصر لزيادة التبادل التجاري بيننا وبينهم وتخفيض سعر الوقود والغاز".

واللافت هنا، أن قضية موظفين غزة بشكل عام، عصية على الحل في ظل التحديات والمشكلات التي تعتريها منذ سنوات، لكن الأمل يبقى معقوداً على إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة الوطنية، حتى يتم حل معضلة موظفي قطاع غزة العالقة منذ نحو 17 عاماً، سواء أولئك التابعون للسلطة في رام الله أو التابعون لحكومة غزة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo