لماذا وافقت "إسرائيل" على تطوير "غاز غزة"؟

تطوير حقل غاز غزة
تطوير حقل غاز غزة

أعطت "إسرائيل" موافقتها المبدئية على تطوير حقل الغاز المتواجد قبالة سواحل قطاع غزة، وربطتها بالتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية ومصر.

الموافقة جاءت خلال تصريح لرئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو"، قرر فيه السماح بتطوير حقل غاز "غزة مارين" المتواجد قبالة سواحل غزة، فيما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، أن قرار تطوير حقل الغاز اتُخذ في قمة شرم الشيخ، بتوصيات من الجهات الأمنية الإسرائيلية.

تحييد غزة

وفي هذا الإطار، استبعد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن يبدي "نتنياهو" استعدادًا حقيقيًا لتمكين الفلسطينيين من استثمار الغاز، أو أن تسمح "إسرائيل" بأن يكون هناك استقرار أمني وتنمية في فلسطين.

وأكد أن المنطقة كلها تتجه نحو تغيير الاستراتيجيات والتحالفات، وأن "اسرائيل" تستعد لحروب كبيرة، ولا تقبل أن يكون هناك تنمية فلسطينية بدون أهداف سياسية.

وأشار "عوكل" عبر"زوايا" إلى أن قطاع غزة يتعرض لحصار محكم منذ سنوات، وأن الحديث الإسرائيلي عن تنمية اقتصادية يهدف لمصادرة الحقوق السياسية.

ونوه إلى أن الحكومة الإسرائيلية تريد تحييد غزة عما يدور في الضفة والقدس المحتلتين، لا سيما مع وجود تهديدات إسرائيلية جدية بشن عملية واسعة شمال الضفة.

اقرأ أيضاً: "إسرائيل" خدعت العالم وبدأت بضم الضفة "مدنيًا"

وتابع: "لا يمكن الثقة بالحكومة الاسرائيلية ولا بأية اتفاقيات أو معاهدات أو تفاهمات، فالاحتلال يريد أن يحيد غزة عبر تحسين الأوضاع الاقتصادية، ليظفر بالهدوء، من خلال إعطاء ورقة للوسيط المصري للضغط على حركتي حماس والجهاد الاسلامي لمنع تدخلهما بما يجري في الضفة".

مصدر مهم للسلطة

كما شكك الخبير الاقتصادي د. "محمود أبو الرب" في النوايا الإسرائيلية حول تطوير حقل الغاز قبالة سواحل قطاع غزة، ورأى أن "إسرائيل" تتطلع إلى هدنة طويلة الأمد في غزة.

وقال خلال تصريح لـ "زوايا" إن إعلان "نتنياهو" جاء نتيجة جهود السلطة الفلسطينية وجمهورية مصر، وحركة حماس بغزة، مشيرًا إلى أن استخراج الغاز هو مهمة أساسية مطلوبة من الحكومة الفلسطينية، لأنها تشكل مصدرًا مهمًا لخزينة السلطة، وصندوق الاستثمار الفلسطيني.

وأضاف "أبو الرب" أن استخراج الغاز سيكون خطوة إيجابية ونقطة تحول في استخدام الثروة الكامنة لمصلحة الشعب الفلسطيني، لكنه استدرك قائلاً: "إن القرار ليس بيد السلطة الوطنية، ولا بيد الشعب الفلسطيني، لكنه بيد "اسرائيل" التي يمكن أن تتنصل من وعودها في أية لحظة".

عدة رسائل

أما د. "طارق فهمي" أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، رأى أن الحكومة الإسرائيلية نقلت رسائل مباشرة لعدة أطراف من خلال هذا القرار.

وقال خلال حديثه لـ"زوايا": "في تقديري الرسالة الأولى كانت لحركة حماس، حيث أرادت "إسرائيل" أن تكافئها على عدم مشاركتها في المعارك الأخيرة التي خاضتها حركة الجهاد الإسلامي في غزة، لذلك قدمت لها قوائم تحفيزية برفع الحصار بشكل تدريجي".

أما الرسالة الثانية فهي للسلطة الفلسطينية لدفعها لإعادة التنسيق الأمني بصورة كاملة، ودعمها في إطار ما يجري مع غزة، والطرف الثالث هو مصر، التي وُجهت لها الرسالة الإسرائيلية، كونها تعتبر شريكا مباشرا ووسيطا تتعاون معه كل الأطراف، وذلك لضمان قبول حركة حماس في غزة بالاتفاق وعدم وضع عراقيل أمام تنفيذه.

اقرأ أيضاً: "زوايا" يكشف: الانتخابات الطلابية جاهزة والمحلية "غير ناضجة" في غزة

وأضاف "فهمي" أن الرسالة الرابعة فهي موجهة للإدارة الأمريكية التي تضغط على "اسرائيل" لتقديم تسهيلات للسلطة واستبدال السلام السياسي بالسلام الأمني والاقتصادي.

وبين الكاتب المصري أن الاتفاق مرتبط بمكونات الائتلاف الحاكم في "إسرائيل" الذي لن يسمح بتمريره بدون مقابل وثمن من الأطراف المعنية، مؤكدًا أن تطوير العمل في حقل الغاز سيعود بالفائدة على السلطة الفلسطينية، وحركة حماس في غزة لأنه سيوفر بديلًا عن شراء الكهرباء سواء من "إسرائيل" أو مصر.

مصلحة أمريكية

من جهته قال "أكرم عطا الله" الكاتب والمحلل السياسي إن الحرب الروسية الأوكرانية جعلت من الغاز مشكلة عالمية، مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية للضغط باتجاه إبرام اتفاق إسرائيلي لبناني حول الغاز.

وأوضح خلال حديثه لموقع "زوايا" أن الاتفاق تم بسرعة، لأن واشنطن أرادت ذلك، ليكون بديلًا عن الغاز الروسي الذي تحتكره موسكو.

وأضاف "عطا الله" أن ذلك ينطبق على حقل الغاز في بحر قطاع غزة، مؤكدًا أن الاتفاق على استخراجه لا علاقة له لا بفعل سياسي فلسطيني ولا بحركة حماس في غزة، وإنما بحاجة السوق الدولية وأمريكا، لتخفيف حدة الاحتكار الروسي للغاز التي تزود به أوروبا.

وأوضح أن الجانب الفلسطيني طرف رئيسي في هذا الملف، وأن "اسرائيل" لا يمكن أن تتصرف فيه لوحدها، كما تعتبر مصر شريكا حيث جرى الحديث عن نقل هذا الغاز من خلال القاهرة.

ولم يستبعد المحلل السياسي "عطا الله" أن تكون مصر قد تحدثت عن هذا الملف، خلال زيارة الفصائل الفلسطينية الأخيرة إلى القاهرة، مجددًا تأكيده على أن ملف الغاز، لا علاقة له بالمصالحة، ولا بعملية السلام، بقدر ما هو حاجة أمريكية بشكل مباشر.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo