وهم الاحتلال المؤقت

"إسرائيل" خدعت العالم وبدأت بضم الضفة "مدنيًا"

ضم الضفة الغربية
ضم الضفة الغربية

اتهم رئيس الوزراء الفلسطيني "محمد اشتيه"، الحكومة الإسرائيلية بأنها تعيد احتلال الضفة الغربية، عبر الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح التوسع الاستيطاني، والاعتقالات والاقتحامات المتكررة للمدن الفلسطينية والمسجد الأقصى المبارك.

وقال "اشتية" "خلال استقباله في رام الله، النائب الأول لوزير الخارجية الياباني "شيجيو يامادا"، بينما تقف دول العالم مع حل الدولتين تقوم "إسرائيل" بتدمير ممنهج لهذا الحل من خلال المزيد من الاستيلاء على الأراضي والتوسع الاستيطاني.

وفي السياق أكدت كاتبتان إسرائيليتان أن تحويل إدارة الضفة الغربية من سلطة عسكرية "الإدارة المدنية والجيش"، إلى سلطة مدنية يترأسها الوزير المتطرف "بتسلئيل سموتريتش"، أنهى وهم الاحتلال المؤقت للضفة.

بمثابة إعلان للسيادة الإسرائيلية على الضفة

وبينت "داليا شيندلين" الكاتبة في صحيفة هآرتس، و"يائيل بيردا" الاستاذة في الجامعة العبرية، في مقال لهما ترجمه "وليد حبّاس" الباحث في مركز "مدار" للدراسات الإسرائيلية، أن الاتفاق الحكومي الإسرائيلي في شباط 2023، بتولي "سموتريتش" سلطات مدنية على الحياة في الضفة، كان بمثابة إعلان للسيادة الإسرائيلية على الضفة.

اقرأ/ي أيضاً: ترجمة خاصة من الوضع الأمني الى الانقلاب القضائي.. حكومة نتنياهو ملطخة بالدماء

كما اعتبرته ثلاث منظمات إسرائيلية مدنية وحقوقية، ضماً قانونياً للضفة الغربية، وأشارت إلى أن هذا التغيير رسخ نظام الأبارتهايد والذي يشمل منظومتي قانون غير متكافئتين للإسرائيليين والفلسطينيين، وقوى السيطرة الإسرائيلية الدائمة على الضفة.

الضم انطلق بالفعل

وكشف المقال أن نقل إدارة الضفة إلى سلطة مدنية، جاء تتويجًا لعقود من السياسات التي كرست سيطرة "إسرائيل" على الأراضي الفلسطينية، وقالت الكاتبتان:" لا حاجة لإسرائيل الآن إلى الإعلان رسمياً عن ضم الضفة، فالضم انطلق بالفعل".

وبين المقال أن تغيير سلطة الاحتلال عزز الاستيطان ورسخ مكانة المستوطنين في الضفة، بينما بقى الفلسطينيون تحت السيطرة العسكرية.

كما أصبح لدى الوزير الإسرائيلي سلطة تقرير من يمكنه بناء المنازل والمدارس والمباني العامة وأي مبان سيتم هدمها، وهي صيغة أخرى لتوسيع الاستيطان اليهودي وقمع الحياة الفلسطينية.

خط ضبابي

وتطرقت الكاتبتان الإسرائيليتان إلى الأيديولوجيا المتطرفة التي يحملها الوزير "سموتريتش"، والذي بنى حياته السياسية على العنصرية العلنية ضد العرب، ونشر عام 2017 خطة الحسم، لإخضاع الفلسطينيين بالكامل للسيطرة الإسرائيلية.

وأوضح المقال أن "إسرائيل" أوجدت صورة نظام احتلال مؤقت - منفصل عن الدولة – كخدعة، وجعلت الخط الفاصل بين السيطرة المدنية والعسكرية في الضفة ضبابيا منذ العام 1967.

وأضاف أن "إسرائيل" تمكنت من إقناع المجتمع الدولي بأنها تحكم الضفة، وقطاع غزة من خلال نظام عسكري متميز وقابل للتفكيك، وهو ما فعلته بالفعل عام 2005، بالانسحاب من مستوطناتها من غزة.

حيث فسر العديد من الفلسطينيين الانسحاب من غزة على أنه دليل على أن الاستراتيجيات العسكرية قد نجحت، بينما سمح ذلك، بالإضافة إلى وجود عملية السلام لإسرائيل بأن تصور احتلالها للضفة على أنه احتلال مؤقت.

أنهت التزام "إسرائيل" بحل الدولتين

وأشار المقال إلى أن "إسرائيل" بدأت تشير إلى نيتها إنهاء الحكم العسكري عند توقيع اتفاق أوسلو عام 93، لكنها تشبثت بالغموض، ولم تذكر أبداً دولة فلسطينية أو أي ترتيب للوضع النهائي من شأنه أن يحسم حدود "إسرائيل" النهائية، واليوم أوضحت الحكومة الجديدة نواياها بشأن المنطقة، وأنهت التزام "إسرائيل" بحل الدولتين.

وخلُص المقال إلى أن الهدف الحقيقي لخطة الإصلاح القضائي التي تطرحها حكومة "نتنياهو" اليمينية، هو إزالة العقبة الأخيرة أمام السيادة اليهودية الدائمة على الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الأرض.

تفعيل خطة 1E

الأمن والتفوّق الديموغرافي

من جهته أكد "رمزي بارود" الصحفي الأمريكي من أصل فلسطيني أن "إسرائيل" ليست مهتمة بدولتين أو دولة واحدة أو بأي حل لاحتلالها العسكري وفصلها العنصري في فلسطين، وأنها تعمل من أجل غاية محددة، من شأنها أن تُرضي سعيها إلى الأمن والتفوّق الديموغرافي.

سحق التطلعات السياسية والحقوق المدنية للسكان الفلسطينيين.

وأضاف في مقال له أن "إسرائيل" لا تهتم كثيرًا بأن خطواتها تتعارض إلى حد كبير مع القانون الدولي، وأن ما يهم الحكومة الحالية، هي المصلحة اليهودية التي ترتبط بسحق التطلعات السياسية والحقوق المدنية للسكان الفلسطينيين.

اقرأ/ي أيضاً: "المعشّر": الجيل الفلسطيني يقود انتفاضة مسلحة بدون قيادة

وأشار "بارود" إلى أن حكومة "نتنياهو" تريد إعادة تفعيل خطة "E1" رُغم الاعتراض الأميركي، حيث سيزيد تفعيل الخطة من توسيع حدود بلدية القدس، ويقلل من أي وجود ديموغرافي فلسطيني في المدينة، ما سيؤثر في أيِّ حلٍّ سياسي يشمل شرق القدس.

وأوضح الصحفي الأمريكي أنه على الرغم من أن البناء الإسرائيلي في شرق القدس توقّفَ تحت الضغط الدولي، إلا أن الحكومة الإسرائيلية وجدت طرقًا لإبقاء الخطة على قيد الحياة، حيث فعلت ذلك من خلال التوسعِ المستمر في مختلف المستوطنات باسم "التوسّع الطبيعي"، ومصادرة الأراضي الفلسطينية والهدم القاسي للمنازل الفلسطينية.

عزل القدس

وبين "بارود" أن الولايات المتحدة أكثر قلقًا بشأن العواقب السياسية، وليس الإقليمية للقرار الإسرائيلي بإعادة تفعيل خطة "E1"، وهي منطقة من الضفة واقعة داخل الحدود البلدية للمستوطنة الإسرائيلية "معاليه أدوميم".

حيث حذر وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، من أي تحرك نحو ضم الضفة الغربية، وتعطيل الوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة، كونه يضر بآفاق حل الدولتين، وهو حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.

فصل المجتمعات الفلسطينية عن بعضها البعض

ورأى الكاتب أن ثمن الخطط الإسرائيلية الكبرى في القدس وبقية الضفة ليس إنسانيًا فقط، انما سياسيٌّ في الأساس، ويهدف إلى فصل المجتمعات الفلسطينية عن بعضها البعض، وعزل القدس تمامًا، وضمان أغلبية ديموغرافية يهودية لأجيال مقبلة.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo