ما الدلالات؟

انتخابات جامعات الضفة.. انعدام الفوز الساحق وبقاء الثنائية

الانتخابات في جامعات الضفة
الانتخابات في جامعات الضفة

انتهى الصخب الذي أحدثته انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت ومن قبلها جامعة النجاح الوطنية، والتي أفضت إلى فوز الكتلة الإسلامية الذراع الطلابية لحركة "حماس"، بتقدمها بعدد قليل من المقاعد على الشبيبة ذراع "فتح" الطلابية.

وفي إطار محاولة قراءة الانتخابات الطلابية ونتائجها بعمق وموضوعية، طرح موقع "زوايا" سؤالين مفادهما: هل تعكس الانتخابات الجامعية مزاج الشارع الفلسطيني بالضرورة؟، وهل هي أداة قياس حقيقية لتوجهات سكان الضفة الغربية في ظل تعطل الانتخابات التشريعية منذ تاريخ استحقاقها قبل ثلاثة عشر عاما؟

مؤشر "مهم"..لكنه ليس وحيدا

يرى رئيس شبكة الأقصى الإعلامية التابعة لـ"حماس" وسام عفيفة أن انتخابات الجامعات تُعتبر مؤشرا على مزاج الشارع الفلسطيني وتوجهاته السياسية.

واعتبر عفيفة في حديثه لموقع "زوايا" أن فوز الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت بمثابة "دليل على التفاف الشارع حول خيار المقاومة ورفضه خيار المساومة والتنسيق الأمني".

لكنّ عفيفة قال في الوقت ذاته "إنه بالرغم من اعتبار بعض المراقبين لانتخابات جامعة بيرزيت مؤشرا على توجهات الشارع الفلسطيني في تأييده للفصائل الفلسطينية ومشاريعها السياسية، فإنه لا يمكن الاعتماد عليها فقط في تحديد حجم "حماس" وغيرها من الفصائل، وإنما هي مؤشر مهم في القياس مع غياب الانتخابات العامة".

اقرأ أيضاً: ماذا بقي من السلطة الفلسطينية في قطاع غزة؟

ورأى وسام عفيفة أن هناك عدة عوامل تؤثر على نتيجة انتخابات المجالس الطلابية، وأنه لا يمكن الاعتماد على عامل واحد فقط لتفسير النتائج، ولم يستبعد أن يكون دافع بعض المصوتين لصالح الكتلة الإسلامية هو معاقبة حركة "فتح" والسلطة، بسبب سلوكها وطنيا وإداريا، وبغض النظر عن انتماء هذه الفئة لـ"حماس" سياسيا وفكريا.

الجامعات مُعطى مهم.. لكنها مختلفة عن التشريعية

من جانبه، قال الخبير في شؤون الانتخابات طالب عوض لموقع "زوايا" إن انتخابات الجامعات تبقى مؤشرا مهما للانتخابات العامة، لكن ليس بالضرورة أن تعكسها تماما، بالنظر إلى أنها تجري في الضفة الغربية من دون قطاع غزة، وربما مزاج الشارع الضفاوي مختلف عن الغزاوي حينما تتاح له فرصة الاقتراع، فضلا عن أن فئة عمرية محددة هي من تشارك في انتخابات الجامعات، ما يجعلها ليست عينة شاملة للشارع الفلسطيني.

ناهيك عن عامل ثالث يكمن في أنّ أي انتخابات تشريعية قادمة ستشهد كثرة في عدد القوائم المشاركة بالانتخابات، ما يجعل المعطيات ونسبة حرق الأصوات أكثر، علاوة على أن نظام التمثيل النسبي التي ستجري وفقه أي انتخابات عامة مقبلة لا يضمن أي فوز كاسح لأي طرف كان.

تُحمّل أكثر مما تحتمل!

ويتفق عارف جفال من مرصد العالم العربي للديمقراطية والانتخابات مع الرأي القائل إنه لا يجب تحميل انتخابات الجامعات أكثر مما تحمل، مشيرا إلى أنه من الصعوبة بمكان أن يعكس الاقتراع الجامعي نفسه على الانتخابات العامة.

وتابع: "لا يمكن التنبؤ بنتيجة الانتخابات بعد سنوات من آخر انتخابات".

وأكد جفال أن نتيجة الانتخابات الجامعية أثبتت أن تدخل الأطراف السياسية في الانتخابات الطلابية يؤثر بشكل سلبي لصالح طرف دون آخر.

وشدد جفال على أنّ عزوف ما يقارب ثلث الطلاب، خاصة في جامعة النجاح، عن المشاركة يجب أن يفتح باب النقاش داخل الجامعة، لإتاحة الفرصة لكتل مستقلة من أجل المنافسة.

مُراقَبة إسرائيلية لانتخابات الجامعات!

إسرائيليا، تراقب تل أبيب الانتخابات الجامعية الفلسطينية ونتائجها بكل حذافيرها، ورصد موقع "زوايا" مقالات إسرائيلية عديدة عن هذه الانتخابات، أبرزها مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، إذ اعتبرت فيه أن "نتائج الانتخابات تشكل ضوء تحذير واضح لكل من فتح والسلطة الفلسطينية"، بغض النظر عن دلالات "انتصار" "حماس" في عدد من جامعات الضفة الغربية ومآلاتها.

وفي مقال آخر، رأت "هآرتس" أن انتخابات الجامعات بمثابة فحص للنبض السياسي للشعب الفلسطيني المنقسم جغرافيًا وسياسيًا مع تزايد التكهنات حول مستقبل رئيس السلطة الثمانيني محمود عباس، والذي تظهر استطلاعات الرأي قبل أكثر من سنة أن نحو 80 بالمئة من الفلسطينيين يريدون منه الاستقالة من رئاسة السلطة.

استقطاب "الثنائية"..باقِ!

الحال أنّ انتخابات الجامعات تُذكّر الفلسطينيين مرارا أنهم لم يتحرروا من قبضة الاستقطاب بين ثنائية "حماس" و"فتح"، بالرغم من الأحاديث المستمرة عن انكفاء فئات واسعة من الشارع الفلسطيني، وخاصة الشباب، عن الأحزاب والفصائل ونبذها، بسبب مسؤوليتها جميعا عما آل إليه الحال الفلسطيني من انقسام وتشظي، والإضرار بالقضية الوطنية. إذ لا زالت نتائج انتخابات الجامعات تؤكد بقاء هذه الثنائية، وأن لكل منهما حجمه الكبير في الشارع الفلسطيني رغم كل شيء.

01.webp

اقرأ أيضاً: كيف تحاصر دولة الاحتلال أطفال القدس داخل منازلهم؟

مع العلم، أن الثنائية تسيطر على الفلسطينيين ليس الآن، وإنما منذ قرن من الزمان، ونستذكر هنا الثنائية التي شكلتها عائلتا الحسيني والنشاشيبي إبان الانتداب البريطاني، وفي خضم المعركة ضد المشروع الصهيوني، لدرجة أن قرى وبلدات فلسطينية كانت تعطي ولاءها ل"آل الحسيني"، وأخرى تمنح ولاءها ل"آل النشاشيبي"، وكانت لكلا العائلتين مقاربتها الوطنية الخاصة بها، تماما كما هو حال "فتح" و"حماس" الآن.

لذا، لا يمكن الحديث أن فوز "حماس" من خلال ذراعها الطلابي في جامعة النجاح وبيرزيت كان كاسحا، بل هي جولات من المنافسة تتأثر نتيجتها طبقا للظرف السياسي والأمني الاجتماعي، من دون تلاشي أي طرف من هذه الثنائية.

ويستدعي هذا الحال توقفا حقيقيا بشأن ضرورة التوافق على صيغة حقيقية من الشراكة تعزز ديمقراطية شاملة من شأنها أن تقلل أو توقف فاتورة الخسائر الوطنية المتعاظمة سنة وراء سنة.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo