قذائف الهاون سلاح أرهق الاحتلال بمعركة "ثأر الأحرار"

اطلاق قذائف الهاون من المقاومة الفلسطينية
اطلاق قذائف الهاون من المقاومة الفلسطينية

أخذت معركة "ثأر الأحرار" تصاعداً تدريجياً في استخدام القوة الصاروخية والرقعة الجغرافية المستهدفة فيها، وإلى جانب الرشقات الصاروخية التي تطلقها الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة، أدخلت قذائف الهاون على خط ساحة القتال، وأطلقتها على المستوطنات الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة، والثكنات العسكرية المنتشرة على الحدود الشرقية، وعلى مدار أيام المعركة المستمرة كثفت الفصائل من إطلاقها.

وفي المجمل، أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي عن استهدف جنود الاحتلال في موقع "ناحال عوز" العسكري بعشرات قذائف الهاون من العيار الثقيل، وأطلقت فصائل المقاومة الأخرى عدداً من القذائف باتجاه موقع صوفا العسكري شرق رفح، كما وتعرض موقع كيسوفيم العسكري لضربات مشابه من السلاح نفسه، ونقلت إذاعة الجيش خبراً عن سقوط عدد من قذائف الهاون على منطقة مفتوحة في غلاف غزة.

استخدام مستمر وفعال

يقول عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة إن المقاومة لم تتوقف بتاتاً عن إطلاق قذائف الهاون والتي تأتي إلى جانب إطلاق الصواريخ، وبلا شك أربك الهاون حسابات رئيس الحكومة اليمينية المتطرفة بنيامين نتنياهو ووزير حربه يؤآف غالانت، وسببت لهم صداعاً حاداً، وبددت الإنجاز الذي تغنوا بأنهم حموا الثكنات العسكرية من هذا السلاح.

ويضيف أبو ظريفة في حديث مع لـ"زوايا" إن "المقاومة أدخلت قذائف الهاون في التصعيد العسكري مع إسرائيل مرتين هذا الشهر، الأولى عند ردها على ارتقاء الأسير خضر عدنان في 3 مايو، والثانية منذ اليوم الأول لإعلان معركة ثأر الأحرار، وقصفت فيها مواقع عسكرية محصنة من وجهة نظر الإسرائيليين لكنها اخترقت بفعل هذا السلاح الذي يغضب الاحتلال".

اقرأ أيضاً: "وحدة الساحات" شعارات وحسابات سياسية فاقت الأمنيات

ويؤكد أبو ظريفة أن لفصائل المقاومة معلومات مؤكدة عن وقوع إصابات في جنود الاحتلال بفعل قذائف الهاون، ولكن الاحتلال لم يفصح عنها، لأنه يتبع سياسة التكتيم الإعلامي، مشيراً إلى أن هذا السلاح زاد من حالة التخبط عند الجنود وقياداتهم.

ويشير إلى أن المقاومة لن تتوقف عن استخدام قذائف الهاون والصواريخ ذات المديات المتنوعة، طالما أن القصف الإسرائيلي مستمر ولا زال يستهدف أبناء قطاع غزة، مشدداً على أن هدم المنازل يقابله المزيد من الضربات الموجعة لـ"إسرائيل"، واستخدام المزيد من القوة وتنوعها، وأن المعركة إذا استمرت ستحمل في طياتها المزيد من المفاجآت العسكرية.

مصدر قلق لإسرائيل

وعلى المستوى الإسرائيلي الرسمي، أقرت المؤسسة الأمنية أنها تعرضت لقذائف هاون، بل شمل الجيش هذا السلاح في إحصائياته حول عدد الصواريخ التي تعرضت لها "إسرائيل" في أيام العملية العسكرية، وبات يستخدم في بياناته مصطلحي صاروخ وقذيفة صاروخية، في إشارة إلى قذائف الهاون، وهذه المرة الأولى التي تشمل فيه هذا السلاح ضمن الإحصائيات والبيانات العسكرية.

وشكلت قذائف الهاون التي تطلقها فصائل المقاومة مع كل عملية عسكرية مصدر قلق كبير لقوات الاحتلال خاصة للجنود المتمركزين في محيط قطاع غزة، وصنعت فارقاً كبيراً في المواجهة إلى جانب الوسائل الأخرى، كالصواريخ البعيدة، والطائرات الهجومية المسيرة، إذ ذكر المحلل العسكري في القناة 12 العبرية شاي ليفي أن إطلاق قذائف الهاون باتجاه مستوطنات الغلاف يمثل تهديداً و تحدياً كبيراً لإسرائيل لأنه يعتبر سلاح بسيط وسريع التفعيل ويصعب تحديد موقعه واعتراضه، لأن صفارات الإنذار لا تفعل أثناء استخدامه، مؤكداً أن القذائف باتت ذات قوة تفجيرية ومديات مختلفة.

ومنذ بدء معركة ثأر الأحرار، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي من غاراته على نقاط إطلاق قذائف الهاون، وعلى مدار المعركة كان يعلن عن قصف عدة نقاط إطلاق قذائف هاون تابعة لحركة الجهاد في قطاع غزة، وبحسب حديث المراقبين العسكريين لـ"زوايا" فقد أكدوا أن ثلث الغارات الإسرائيلية كانت على نقاط إطلاق قذائف الهاون، ما يدلل على أن هذا السلاح يشكل إرهاقا للاحتلال وفارقا في المعركة، موضحين أنه يمكن بناء نقاط إطلاق قذائف هاون بدقائق ومن أي مكان لسرعة التعامل مع هذا السلاح.

شاهد قديم ومستمر

وتعد قذائف الهاون الشاهد المستمر على جميع الحروب التي خاضتها الفصائل الفلسطينية في غزة مع الاحتلال الإسرائيلي، ويقول الباحث في الشؤون العسكرية يوسف الشرقاوي إنه بدأ استخدام قذائف الهاون لأول مرة عام 2001، وتصاعد الاعتماد عليها عام 2003، ودخلت على خط المواجهة بشكل كبير وفعال في عدوان عام 2008.

ويضيف الشرقاوي في حديث لـ"زوايا": "كانت قذائف الهاون السلاح الرئيس لفصائل المقاومة في بدايات الأمر، ومع تطور الصواريخ محلية الصنع أصبحت السلاح الثاني الذي تعتمد عليه الأجنحة العسكرية بعد الرشقات الصاروخية، والهاون من الوسائل القتالية التي أثبتت قدرتها على تحقيق أهداف جيدة وهذا ما أشغل إسرائيل في قراءة وتحليل ماذا حقق هذا السلاح للمقاومة".

أنواع مختلفة لاستخدامات متعددة

ويتابع الشرقاوي إنه حسب المتابعة رصد أن المقاومة في غزة لديها ثلاث أنواع من الهاون، وهي قذائف عيار 60 ملم، وهذه تستخدم ضد أهداف مباشرة يمكن رؤيتها بالعين المجردة، وعادة تستخدم ضمن الاشتباكات المباشرة.

والنوع الثاني، بحسب الشرقاوي، من عيار 81 ملم، وعادة ما يستخدم لاستهداف الحشود والتجمعات والمواقع العسكرية، ويطلق بعد عمليات الرصد التي يجريها عناصر المقاومة المتمركزين على الحدود، بينما النوع الثالث من عيار 120 ملم الذي يستخدم لنفس الهدف، بالإضافة إلى أنه يمكن أن يصل إلى مناطق قريبة من المستوطنات، ويطلق حسب الخرائط التي تملكها الفصائل الفلسطينية للمواقع العسكرية الإسرائيلية، وعادة ما يكون موجه وفق خطوط طول وعرض معينة، ولهذا النوع قوة تفجيرية كبيرة.

ولا يستبعد الشرقاوي أن تكون المقاومة لديها قذائف من الأعيرة الكبيرة مثل 160 ملم و240 ملم، موضحاً أنه بالعادة يتم تلقيم مدفع الهاون بالقذيفة من الفوهة، إلا الأعيرة الثقيلة ومنها 120 ملم فإنها من الأسفل وذلك لثقل وزنها.

ويضيف الشرقاوي "تطلق قذائف الهاون عدة أنواع من المدفع نفسه، وأيضاً في عدة اتجاهات، وهذه القذائف لها ثلاثة أنواع إما المتفجرة أو المشظية، أو المضيئة، ويمكن لهذا السلاح أن يستخدم ضد المباني لما له من قوة تفجيرية إذ تنتشر الشظايا في دائرة قطرها 50 متر".

مميزات عسكرية

ولسلاح الهاون مميزات متعددة، بحسب الشرقاوي، ومنها أنه لا يمكن رصد أماكن إطلاقه ويرجع ذلك إلى أنه يعتمد على الرماية القوسية التي تستخدم عند قذفه وهذا يساعد على تجاوز القبة الحديدية، كما أنه لا يصاحب القذيفة كمية لهب كبيرة عند الإطلاق، أو خيط دخاني كما في الصواريخ أرض أرض التي تطلقها الفصائل، بل يخرج من فوهة المدفع كمية منخفضة للغاية من اللهب، لا يمكن رصدها خاصة إذا أطلقت في النهار، أما في الليل فإنه يمكن تزويد المدفع بخافض للهب، أو وضعه في فوهة الأنفاق التي تستخدمها المقاومة.

اقرأ أيضاً: "معركة غزة": ما حقيقة "محور المقاومة" ووحدة الساحات؟

ومن بين مزايا الهاون الأخرى أنه يحدث أضرارا جيدة إذا سقط في ثكنات عسكرية، ويشير الشرقاوي إلى أن الاحتلال الذي يمتلك ثلاث منظومات لاعتراض الصواريخ المنطلقة من قطاع غزة لا يستطيع اعتراض القذائف قبل السقوط، إذ إن الفترة بين إطلاق القذيفة وسقوطها لا تتعدى بضع ثوان.

ويوضح الشرقاوي أن قذائف الهاون صنعت فارقاً كبيراً في المواجهة الحالية، إلى جانب الوسائل الأخرى، وشكلت إزعاجاً للاحتلال الإسرائيلي التي تنظر لهذا السلاح بأن له عيب واحد من وجهة نظرها، وهو عدم وجود فترة زمنية للابتعاد أو الاختباء بعد إطلاق القذائف، مؤكداً أن المقاومة في غزة عملت على إدخال تحسينات كبيرة على قذائف الهاون بهدف تجويد خدمته.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo