التقسيم والتغلغل المشبوه

كُتاب: الدور الإسرائيلي في السودان طعن مصر وتهديد السعودية

الجيش السوداني
الجيش السوداني

أجمع كتاب فلسطينيون وعرب أن الاقتراح الإسرائيلي بالتوسط لوقف القتال بين الجيش السوداني بقيادة "عبد الفتاح البرهان"، وقائد قوات الدعم السريع "محمد حمدان دقلو" (حميدتي)، يخفي وراءه دور "إسرائيل" وأجهزة استخباراتها في إضعاف السودان وتفكيكه، وخشية "تل أبيب" من تجميد علاقات التطبيع مع السودان الذي تعدّه بوابة لها لتعزيز نفوذها وحضورها في القارة الأفريقية.

وأكد "نهاد أبو غوش" الكاتب الفلسطيني والمختص في الشأن الإسرائيلي أن أصابع العبث الإسرائيلية لم تتوقف يوما في تقسيم السودان، حيث سعت للهيمنة على جنوب السودان من أجل مواصلة التغلغل في افريقيا، ولعبت دورا مشبوها في تأجيج الخلافات التي وصلت إلى درجة قيام شركات السلاح الإسرائيلية بدعم الطرفين المتقاتلين هناك.

وأضاف الكاتب أن دولة الاحتلال دعمت الحركات الانفصالية في عدد من الدول العربية، ومن بينها دعم الحركات الانفصالية ليس في جنوب السودان فقط، بل في دارفور، وفي شرق البلاد أيضا.

كما شمل التآمر على السودان ووحدة أراضيه ومصالحه الاستراتيجية دعم إسرائيل لمشروع سد النهضة الاثيوبي، وتشجيع أديس ابابا على المضي في هذا المشروع من دون اي مراعاة لمصالح مصر والسودان ومن دون التفاهم معهما.

ورأى "أبو غوش" أن التمادي وأطماع "إسرائيل" في السودان، لم يكن لولا تفكك النظام الرسمي العربي، والأطماع الذاتية والأنانية لأمراء الحرب والجنرالات الذين ما زالوا يتحكمون في مقدرات السودان منذ عقود، ويقودون بلدهم كارثة إلى أخرى.

اقرأ أيضاً: معهد واشنطن: "إسرائيل" في ورطة بعد توقف نفط "كردستان العراق"

وأشار إلى أن قطبي الحرب الراهنة في الخرطوم، هما شريكا الأمس في الانقلاب على المكونات المدنية في مجلس السيادة، وهما الرمزان الصارخان للتطبيع المهين لتاريخ السودان وهويته وانتمائه التاريخي.

حسم ملف التطبيع

من جهته قال "رامي منصور" الإعلامي الفلسطيني ورئيس تحرير موقع "عرب 48" إن دولة الاحتلال تريد حسم ملف التطبيع مع الخرطوم، خلال فترة حكم العسكر، لإدراكها أنه في ظلّ حُكم مدنيّ ديمقراطيّ، لن يسهل التطبيع، بل إنّ ذلك قد يؤجّله إلى أجل غير مسمّى، لأنّ الرأي العامّ السودانيّ منحاز لفلسطين.

وأشار إلى أن مطامع إسرائيل في السودان، واضحة نظرًا لموقع هذا البلد الاستراتيجي، الذي يفتح أمام إسرائيل نفوذًا على البحر الأحمر، والقارّة الإفريقيّة، والأراضي الخصبة بالموارد، وكذلك إقامة قاعدة إستراتيجيّة في الحديقة الخلفيّة لمصر، وفي الساحل الموازي لأكبر دولة عربيّة في الخليج العربيّ، السعوديّة.

وبين أن الإعلام الإسرائيليّ يتحدث عن أنّ وزارة الخارجيّة تتولّى الاتصال بالبرهان، فيما يتولّى الموساد العلاقة مع حميدتي، على اعتبار أنهما كيانان منفصلان، وليسا حاكميْن للسودان فعليًّا، فهما رئيس مجلس انتقاليّ ونائبه، وذلك قبل الصراع الحاليّ.

إحراج الأطراف العربية

بدوره رأى د. "عبد الحميد الموافي" الكاتب والصحفي المصري أن حديث "إيلي كوهين" وزير خارجية إسرائيل عن الوساطة لحل الأزمة في السودان يفتقر إلى الجدية ويتسم بالخداع وبمحاولة إحراج كل الأطراف العربية، فضلا عن أنها تخدم "إسرائيل" ولو بعد عدة سنوات أخرى إذا تطورت العلاقات العربية الإسرائيلية بشكل أكبر.

ووصف الاقتراح الإسرائيلي بالمهزلة والفقاعة الذي يهدف إلى محاولة جذب السودان بعيدا عن الدائرة العربية بأي شكل، خاصة وأن الخرطوم هي من احتضنت قمة اللاءات العربية الثلاثة بعد نكسة 1967، "لا صلح لا اعتراف لا تفاوض"، كما أنها تدرك أهمية وقيمة السودان الاقتصادية والاستراتيجية.

وأوضح الكاتب المصري أن "إسرائيل" عملت وتعمل على تأجيج الخلافات بين العرب بكل السبل، وأنه لا يمكن النظر إلى الاقتراح الإسرائيلي بجدية ولا التعويل عليه، لأن إسرائيل تدرك جيدا أن ذلك أمر بالغ الصعوبة، مشيرا أنه ليس مصادفة أن تحذر مصر أكثر من مرة من أي تدخل خارجي في السودان.

ودعا الأطراف العربية إلى التعاون الفاعل لإيقاف القتال والتفاوض للتوصل إلى حل يوقف تداعيات ما حدث والأسباب التي تقف وراءه، وقطع الطريق بشكل عملي أمام طموحات إسرائيل أو غيرها من القوى الإقليمية للتدخل في السودان، لأن ذلك لن يكون في صالح السودان ولا في صالح حاضر ولا مستقبل العرب في النهاية.

تقسيم السودان

وأكد "حسين شبكشي" الاعلاميّ ورجل الأعمال السعودي أن التقسيم السوداني هدف من أهداف "إسرائيل" لتهديد مصر من حدودها الخلفية، موضحا أن تواصل "إسرائيل" مع "عبد الفتاح البرهان" و"محمد حمدان دقلو" (حميدتي) يأتي في هذا الإطار.

اقرأ أيضاً: "أحمد سعدات": الانفجار الشامل قادم

وقال في مقال له إن المتابع للاستراتيجية الإسرائيلية يعلم أن دول حوض نهر النيل في القارة الأفريقية تعتبر "ضرورة ومهمة للأمن القومي الإسرائيلي"، وأحد أهم أسباب التعاون المهم والعميق بين إسرائيل وإثيوبيا.

وكشف "شبكشي" أن السودان نال اهتمام إسرائيل منذ بداياتها، حيث قررت الانتقام من الخرطوم، على قاعدة "عدو عدوي صديقي"، واتخذت قراراً استراتيجياً في مطلع الستينات، بدعم عسكري ومالي كامل للتمرد في منطقة جنوب السودان.

وفي أكتوبر عام 2015، سمحت الرقابة العسكرية في تل أبيب بصدور كتاب إسرائيلي، تضمن تفاصيل تدخل جهاز الاستخبارات "الموساد" في تقسيم السودان، وبناء القوة العسكرية والاقتصادية لدولة الانفصاليين في الجنوب.

وبين الكاتب السعودي أن "إسرائيل" رأت في السودان عقدة شائكة تتطلب علاجاً خاصاً، وبالأخص أنه يتشكل من ديانات وإثنيات متعددة، موزعة بين الشمال العربي والمسلم، والجنوب المسيحي، الأمر الذي يسهل عملية تقسيمه.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo