"النخالة" أميناً عاماً بالتزكية.. كيف تُجري "الجهاد الإسلامي" انتخاباتها؟

زياد النخالة
زياد النخالة

تأكد فوز الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة، بولاية ثانية في قيادة الحركة، ومدتها أربعة أعوام، حيث أنه من المتوقع التجديد للنخالة بالتزكية في الانتخابات القيادية المرتقبة أوائل مارس 2023، وذلك بعد عدم تقديم أي قيادي آخر في الحركة أوراق ترشحه.

يُذكر أن حركة الجهاد الإسلامي انتخبت النخالة أميناً عاماً لها خلفاً لرمضان شلح في الـ28 من أيلول/سبتمبر 2018. ويعد "النخالة" الأمين العام الثالث للجهاد، بعد شلح ومؤسس الحركة فتحي الشقاقي.

"زوايا" يطرح ظروف تزكية النخالة والمعطيات التي أدت إلى أن يكون هو المرشح الوحيد الذي لم ينافسه أحد، والآليات التي تجري بها انتخابات "الجهاد" على مستوى قواعد الداخل والخارج، فضلاً عن الدلالات لهذه الانتخابات على المستوى الداخلي والخارجي.

وذكر مصدر فلسطيني مطلع على شؤون الحركات الإسلامية، ولا سيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي، أن الأخيريتين تتكمان دائماً على إجراءات وآليات انتخاباتهما وعلى مرشحيهم وعلى النتائج إلى حين إقرارها من مجالس شورى الحركتين، وذلك تحت مبررات أنهما مستهدفتان من الاحتلال الإسرائيلي.

وتطرق المصدر في حديثه لـ"زوايا" إلى انتخابات الجهاد المزمع عقدها بداية مارس المقبل فقال: "إنها تجري للمرة الثالثة كسابقاتها في ظروف سرية، حيث لا يتم الإعلان فيها عن المرشحين لشغل المكتب السياسي للجهاد، إلا في داخل أطر الحركة الداخلية سواء في الداخل أو الخارج، وقبل موعد الانتخابات بأيام قليلة".

لكن المصدر أشار إلى أن انتخابات الجهاد تشمل خمسة أقاليم في قطاع غزة، يتم من خلالهم إفراز سبعة أعضاء ورئيس لكل إقليم، ومن ثم تجري الانتخابات في الضفة الغربية والخارج بنفس الآلية تقريباً، حيث أن الضفة تجري فيها هذه الانتخابات بشكل سري جداً، لسيطرة الاحتلال على الأرض (دون أن يذكر المصدر عدد الأقاليم والأعضاء هناك)، ويلي ذلك كله (المرحلة الأخيرة) اختيار مجلس الشورى العام للحركة، والذي من خلاله يتم انتخاب أعضاء المكتب السياسي، وصولاً لانتخاب أمين عام الحركة، حسب المصدر.

إجراءات وانعكاسات

وحول ظروف تزكية النخالة أميناً عاماً للجهاد، فقد برر ذلك خضر جبيب عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي قائلاً: "إنه لم يتقدم أحد منافساً له، الأمر الذي أدى إلى تزكيته ليكون أميناً عاماً للجهاد، وهذا يدلل أن هناك رضا عاما من قيادات وكوادر الحركة على أدائه وخطابه وهو جدير بهذه الثقة".

وأشار حبيب في حديث خاص لـ"زوايا" إلى أنه في أوائل مارس القادم، سُتجري حركة الجهاد انتخاباتها لاختيار أعضاء مكتب سياسي عام جديد للحركة، مبيناً أن هذه الانتخابات ستجري بالتزامن في داخل فلسطين وخارجها، ذلك عكس ما قال المصدر سالف الذكر أنها تجري على مراحل.

حددت شروطاً جديدة لمن يسمح لهم بالانتخاب وكذلك للمرشحين

ونوه إلى أن هذه الانتخابات تجري كما هو معهود دائماً، حيث يتم فتح صناديق الاقتراع في يوم محدد، وتقوم الهيئة المشرفة بالرقابة والفرز والإعلان عن نتيجة الاقتراع، منبهاً إلى أن من يحق لهم الانتخاب يخضعون لمعايير تؤهلهم لاختيار المكتب السياسي.

وكانت تقارير إعلامية ذكرت، أن الحركة الجهاد غيرت من نظام العملية الانتخابية برمتها، وحددت شروطاً جديدة لمن يسمح لهم بالانتخاب وكذلك للمرشحين. ومن هذه الشروط: الدرجة العملية، الدورات العلمية والتنظيمية، عدد سنوات الانتماء للحركة، والنشاطات التي قام فيها لصالح الحركة، والاعتقال. وكل واحد من هذه الشروط تعطي صاحبها عدداً معيناً من النقاط، وعلى العضو أن يجتاز 20 نقطة ليتمكن من المشاركة في الانتخابات.

وفي رده على انعكاسات هذه الانتخابات على المستوى الداخلي والخارجي، فقد ذكر حبيب أن الانتخابات هي الأداة المعتمدة دولياً لاختيار الزعماء والقيادات، عاداً أن حركته جزء من الحركات الإسلامية التي تقوم بهذا الدور وتؤمن بضرورة أن ينتخب الجمهور قياداته، فحين ينتخب الجمهور قيادته فإنه يكون شريكا في التعيين والقرار، الأمر الذي يضفي انسجاماً ما بين القاعدة والقيادة.

اقرأ أيضاً: كاتب مصري: عواصم السلام الإبراهيمي لا تفعل شيء تجاه القدس

وقال حبيب: "هناك ترحيب كبير جداً على المستوى الشعبي، حيث أن شعبنا ينحى كثيراً باتجاه انتخاب القيادات (..) الجهاد حركة تحرر وطني بمرجعية إسلامية فهي من أوجدت الجهاد والقتال والمقاومة في وجه المحتل الصهيوني الذي يحتل الأرض ويدنس المقدسات، حيث جعلت ثقافة المقاومة سائدة لدى الجمهور الفلسطيني، رغم أن كثيرا من القوى في الداخل والخارج تعتبر أنه لا فائدة من المقاومة في مواجهة عدو مدجج بأحدث ترسانة من الأسلحة وأدوات القتل والرعب الفتاكة"، حسب تعبيره.

التوقيت والدلالات

وبخصوص الآليات والطريقة التي تجري بها الانتخابات على مستوى قواعد الداخل والخارج، فقد أشار الكاتب والمحلل السياسي أحمد عبد الرحمن إلى أن سريتها وعدم نشرها في وسائل الإعلام، بسبب الأوضاع الأمنية، لا سيما وأن حركة الجهاد وقادتها على رأس قائمة المستهدفين من قبل الاحتلال".

وعقب عبد الرحمن المقرب من الجهاد عقب لـ"زوايا" على تزكية النخالة، بالقول: "حق الترشح للأمانة العامة أو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي مكفول لجميع أبناء الحركة ممن تنطبق عليهم شروط الترشح، وليس هناك ما يمنع من تقديم أي منتمي للحركة لأوراق ترشحه حتى على مستوى الأمانة العامة".

وأشار عبد الرحمن إلى أن هناك الكثير من الكوادر والقيادات في الجهاد التي تملك الكفاءة والمقدرة على شغل هذا المنصب، والقيام بواجباته ومسؤولياته وهي كثيرة وحساسة، ولكن يبدو أن الثقة التي يشعر بها كل أبناء الحركة على اختلاف مواقعهم التنظيمية بالأمين العام الحالي، قد جعلتهم يحجمون عن الترشح لهذا المنصب المهم، وذلك إيماناً منهم بقدرته على قيادة سفينة حركتهم إلى بر الأمان في ظل الأوضاع المعقدة التي تمر بها القضية الفلسطينية نتيجة الكثير من التحديات الداخلية والخارجية.

ونبه عبد الرحمن إلى أهمية توقيت انتخابات الجهاد، فقال: "إنها تأتي نتيجة الظروف التي تعيشها الحركة، في الأشهر الأخيرة تحديداً، والتي تعرضت خلالها لضربات موجعة، في أكثر من ساحة من ساحات الوطن"، لافتاً أنها قدمت فيها خِيرة قادتها، في غزة والضفة، وتحديداً في معركة "وحدة الساحات" في الخامس من آب/اغسطس من العام الماضي.

هناك متابعة حثيثة واهتمام كبير بانتخابات الجهاد من أكثر من طرف

وتابع: "إضافة لما تعانيه الحركة من أزمات اقتصادية، وضغوط وابتزازات محلية وإقليمية، وحملات تشويه تستهدف فكرها وجهدها وجهادها، مشيدا بإجراء "الجهاد" للانتخابات، بحسب اللائحة الداخلية للحركة، التزاماً منها بحق المنتسبين إليها وأعضائها في التعبير عن رأيهم، واختيار من يرونه الأصلح لقيادة حركتهم في هذه الظروف الصعبة والحساسة.

وذكر عبد الرحمن أن هناك متابعة حثيثة واهتمام كبير بانتخابات الجهاد من أكثر من طرف، حيث يهتم الكثيرون بما يمكن أن تفرزه من نتائج لتحديد كيفية التعامل مع الحركة، ووضع الخطط المستقبلية لنوع العلاقة معها.

وأول المهتمين -حسب عبد الرحمن- هو العدو الصهيوني، الذي ينظر لحركة الجهاد، لا سيما في الفترة الأخيرة بأنها تقود المواجهة ضده في أكثر من ساحة على مستوى الوطن، ويعتبرها رأس الحربة في المواجهة طويلة الأمد بينه وبين الشعب الفلسطيني.

ولفت إلى أن هناك دولاً إقليمية وازنة تهتم بتلك الانتخابات، وخاصة تلك التي لها علاقة بالملف الفلسطيني، وهي تسعى على الدوام لإبقاء خطوط اتصالها مع الحركة مفتوحة ومتواصلة دون انقطاع، لما للحركة من دور محوري ومفصلي في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، وتحديداً على صعيد المواجهة مع الكيان الصهيوني.

اقرأ أيضاً: خطة "ليفين".. مزيد من التضييق والتنكيل بفلسطيني الداخل

أما على المستوي الفلسطيني الداخلي شعبياً وفصائلياً، فقد أوضح عبد الرحمن أنه يُنظر إلى انتخابات الجهاد الإسلامي باهتمام كبير، خصوصاً في ظل معرفة الفلسطينيين بدور الحركة في مقاومة الاحتلال والحفاظ على السلم الأهلي، والتقليل من تبعات الانقسام، والمساهمة في التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية التي يعيشها شعبها وحاضنتها الشعبية، رغم الأزمة المالية التي تعاني منها الحركة.

ويرى عبد الرحمن أن "الحركة تعتبر إضافة نوعية للمجموع الوطني الفلسطيني، ولم تكن يوماً عامل توتير للجبهة الداخلية، إضافة لدورها المهم في مواجهة الاحتلال في كل الميادين"، منوها إلى أنها "رغم التغيرات الكثيرة التي طرأت على صعيد الوضع الفلسطيني الداخلي وعلى مستوى الإقليم ظلت وفية لمبادئها وتحالفاتها، واحتفظت بقراراها بعيداً عن التدخلات الإقليمية كما حدث مع البعض، وظلت بوصلتها نحو القدس رغم عديد العقبات التي اعترضت طريقها"، حسب زعمه.

على خطى الشقاقي

من ناحيته، عقب الكاتب والمحلل السياسي عبد الله العقاد، على اختيار النخالة أميناً عاماً للجهاد الإسلامي لولاية ثانية، بالقول " إن حركة الجهاد لا زالت تعتمد على روح الزعيم، وهذه الحالة ترسخت في عهد المؤسس والأمين العام الشهيد فتحي الشقاقي باعتباره الفيلسوف والقائد والمُنظر، وبالتالي بقيت الحركة كلها مُجمعة على أدبيات هذا القائد الملهم، وعند استشهاده كان قاطعاً هذا الالتماس للميراث الثقافي للشقاقي".

وأشار العقاد إلى أنه جاء خلفاً للشقاقي الأمين العام الراحل رمضان عبد الله شلح، الذي حرص على مأسسة الحركة، ورغم ذلك بقيت بشكل نسبي الحالة الإلهامية لدى مؤسسات الجهاد مرتبطة بالشقاقي.

وذكر العقاد لـ"زوايا" أن النخالة بالكريزما الحالية التي يتمتع بها، فهو يعيد إلى الجهاد هذه الحالة الإلهامية، حيث أنه –النخالة - أقرب إلى الشقاقي في النهج والممارسة من غيره، فضلاً عن أنه جريء في قراراته وقاد الحركة في مرحلة عصيبة.

ولفت العقاد إلى أن الجهاد الإسلامي يحاول بكل قوة الاقتداء بالنماذج الناجحة لحركات التحرر الوطني ومنها حركة حماس باعتبارها فصيل وطني وإسلامي شريك لهم في الوطن والمقاومة، عاداً أن التنافس بين الفصيلين الكبيرين في هذا المضمار "صحي وإيجابي" ويعجل من النصر في معركة التحرير.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo