الجنائية الدولية.. هل تحسم قضية "أبوعاقلة"؟

استشهاد شيرين ابوعاقلة.jpg
استشهاد شيرين ابوعاقلة.jpg

«شيرين أبوعاقلة».. لا أحد يستطيع نسيان مأساة مقتلها بدم بارد من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلى، ولا يمكن أن تسقط قضيتها بالتقادم، إسرائيل تحاول حثيثاً أن تنفد بفعلتها دون عقاب على اعتبار أنها فوق القانون، دولة مارقة تجاوزت كل الحدود. قضية «شيرين» تخص كل أحرار العالم وحقوق الإنسان، «شيرين» اغتيلت غدراً وتحاول إسرائيل إغلاق ملف التحقيق فى مقتلها أيضاً بنفس قدرتها على لىّ الحقيقة وتزويرها.

لقد رفعت شبكة قناة الجزيرة دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى ضد القوات الإسرائيلية، بشأن مقتل الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبوعاقلة، بعد تحقيق أجراه فريقها القانونى فى القضية، الذى أثبت بما لا يدع مجالاً للشك تورط قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى فى الاغتيال عمداً، لذا كان لا بد أن ترفع القضية كى تحدد الجنائية الدولية هوية المتورطين بشكل مباشر فى مقتل «شيرين»، فأحكام المحكمة الجنائية الدولية، تنص على إجراء تحقيق مع الأشخاص المسئولين ومحاسبتهم، وألا تقع عليهم المسئولية نفسها كما لو كانوا هم من أطلقوا النار، فى حال تخاذلهم بشأن القضية، وهذا ما أكده محامى الجزيرة «رودنى ديكسون كيه سى».«شيرين لم تكن صحفية عادية، أو مجرد مراسلة فلسطينية، تغطى أحداث الأراضى الفلسطينية المحتلة والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، لكنها كانت مرآة الحقيقة التى تزعج إسرائيل، فى نقل الحدث بشجاعة وموضوعية دون تزييف، كانت تنقل الصورة التى تحاول إسرائيل تجميلها أمام العالم، وتحاول خداعه بتبرير أفعالها الهمجية ضد الشعب الفلسطينى المحتل، «شيرين» كانت تسبب صداعاً لإسرائيل، بتقاريرها الجريئة، وقصصها الموضوعية، وما زالت حتى بعد مقتلها.

إسرائيل تكابر وترفض إجراء أى تحقيق يؤكد تورط جنود جيشها، رغم أن كل التحقيقات التى أجريت فى هذا الصدد، تدحض الادعاءات الإسرائيلية حول مقتل الصحفية الفلسطينية عن طريق الخطأ، سواء كانت مستقلة كوسائل إعلام أمريكية هى: سى إن إن، واشنطن بوست، أوسوشييتد برس، أو من شهود العيان واللقطات المصورة التى توثق حادثة قتل «أبوعاقلة»، وإصابة زملاء لها كانوا معها وقت الحادثة فى مخيم جنين فى الضفة الغربية المحتلة، وحتى نتائج التحقيق الأمريكى «FBI» الذى خلص لنفس النتيجة، وأكد تورط قوات جيش الاحتلال الإسرائيلى باستهدافها بشكل مباشر.

غرور إسرائيل يصور لها أنها فوق القانون، وتصريحات «يائير لابيد»، رئيس الوزراء المنتهية ولايته، تؤكد ذلك بعد أن رد على قناة الجزيرة قائلاً: «لن يتم السماح لأحد بالتحقيق مع جنود إسرائيليين. ولن يحقق أحد مع جنود جيش الدفاع الإسرائيلى، ولن يعطينا أحد دروساً فى أخلاقيات القتال، وبالتأكيد ليست شبكة الجزيرة».إسرائيل تستبق الأحداث المتوقعة فى المحكمة، وتتبرأ من مقتل «أبوعاقلة»، وتصر على أنها لن تكون مسئولة عن اغتيالها، وترفض إجراء أى تحقيق مع الأشخاص الذين تورطوا فى إطلاق النار أو من أعطاهم الأوامر، ولن تسمح باستنطاق ضباط أو جنود إسرائيليين متورطين فى القضية، تحسباً لأى إجراء يمكن أن يسهم فى إدانة ضباط وجنود جيش الاحتلال. فبعد تسلم المحكمة الجنائية الدولية لملف القضية، يقوم المدعى العام للمحكمة فى المرحلة الأولى بتقيمه، والتأكد من وجود أساس للدعوى، ثم يقرر لاحقاً بدء التحقيق من عدمه، وخلال هذه المرحلة تقوم المحكمة بإرسال ملف القضية إلى الطرف المدعى عليه (جيش الاحتلال الإسرائيلى) وسماع رده على ملف القضية والبيانات المرفقة فيه، وفى المرحلة الثانية، وفى حال قرر المدعى العام فتح تحقيق بالقضية، فإنه يقوم بتوجيه الاتهام للجناة، أى الجندى الذى أطلق النار ومن أعطاه الأمر بذلك، والمرحلة الثالثة تطالب فيها المحكمة إسرائيل، بتسليمها المتهمين لمحاكمتهم، وفى حال الرفض يمكن للمحكمة الجنائية محاكمتهم غيابياً، أما المرحلة الرابعة فإنه فى حال إدانة المتهمين ستقوم المحكمة بالتعميم عليهم، لدى كل الدول الموقعة على اتفاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، وستكون تلك الدول ملزمة بإلقاء القبض عليهم فى حال دخلوا أراضيها، وتسليمهم للمحكمة فى لاهاى، وتبقى أوامر الاعتقال بحق المتهمين نافذة مدى الحياة، ما لم يقرر قضاة المحكمة لاحقاً خلاف ذلك. إن الإدارة الأمريكية التى أدانت الجريمة واعترفت بارتكاب إسرائيل لأركانها مكتملة، تعارض رفع قناة الجزيرة ملف مقتل «شيرين» والتى تحمل الجنسية الأمريكية إلى المحكمة الجنائية الدولية؟! مجددةً معارضتها التحقيقات التى تطال إسرائيل، بذريعة أن المحكمة الجنائية الدولية يجب أن تركز على جوهر اختصاصها، وهو أن تكون الملاذ الأخير لمعاقبة الجرائم الفظيعة وردعها. فهل هناك جرائم أفظع مما ترتكبه إسرائيل بحق الفلسطينيين ليحين حسابها؟!.

المصدر : الوطن المصرية

مواضيع ذات صلة

atyaf logo