مراجعة شاملة

دعوات لمشروع سياسي وتحرك شعبي بالداخل المحتل لمجابهة نتائج انتخابات

الكنيست الاسرائيلي
الكنيست الاسرائيلي

حصلت القوائم العربية في انتخابات الكنيست الإسرائيلي الـ25 على 10 مقاعد موزعة بين قائمتي "تحالف الجبهة العربية للتغيير" و"القائمة العربية الموحدة"، فيما لم يتجاوز "التجمع الوطني الديمقراطي" نسبة الحسم.

ووصلت نسبة التصويت في المجتمع العربي إلى نحو 54%، وهي نسبة لم يتوقعها أحد، ففي انتخابات 2021 تراجعت نسبة التصويت الى 43%، وبدا واضحاً أن حالة الإحباط من التأثير على السياسات الإسرائيلية.

ويعود ارتفاع نسبة التصويت في أوساط المجتمع العربي إلى مجموعة من الأسباب أهمها، الخشية من صعود حكومة إسرائيلية يمينية، كما أسهم خوض التجمع الوطني الديموقراطي لانتخابات الكنيست وحده، في رفع نسبة التصويت، فيما أسفر استجداء القوائم العربية لأهالي الداخل في يوم الانتخابات للخروج للتصويت، لا سيّما بعد ما ورد من معطيات ومعلومات عن ارتفاع نسبة التصويت في المجتمع اليهودي والخطر الذي يتهدد جميع القوائم العربية.

اقرأ أيضاً: تزامناً مع المونديال.. ما هي فرص الحرب في عهد نتنياهو؟

وأشارت أنماط التصويت في المدن المختلطة إلى أنّ حجم التأييد للقائمة الموحَّدة كان الأضعفَ بالمقارنة مع قوّة التجمّع وتحالف الجبهة والعربيّة للتغيير، ويعود ذلك إلى تداعيات هبّة الكرامة في أيّار/ مايو عام 2021، التي ولّدت موقفًا سياسيًّا فيها لا يرى في خيار الشراكة في الائتلاف الحاكم خيارًا سياسيًّا ينسجم مع ما يعانيه سكّان هذه المدن من التضييقِ عليهم، والاستيطانِ في أحيائهم، والعنصريّةِ الفظّة تجاههم.

مشروع سياسي جامع

ورأى "إمطانس شحادة" السياسي والأكاديمي الفلسطيني، والعضو السابق في الكنيست الإسرائيلي أن نتائج انتخابات الكنيست، كشفت هيمنة اليمين الفاشي الشعبوي على المجتمع والسياسة في إسرائيل، وحاجة فلسطيني الداخل إلى مشروع سياسي واضح لمواجهة هذه الهيمنة، بعيدًا عن لعبة المعسكرات والانضواء تحت سقف الأحزاب الصهيونية، والخروج من ذهنية سنوات التسعينيات والتعامل مع إسرائيل الحالية.

وقال إن نتائج الانتخابات فاجأت الأحزاب العربية بعد أن استطاع اليمين المتطرّف تحقيق أغلبية عددية في الكنيست، بعدما حقق قبلها هيمنةً على المجتمع والسياسة وصناعة القرار في إسرائيل.

وأضاف أنه ومنذ انتخابات 2009، يوجد توافق كبير بين الأحزاب الرئيسية على طبيعة إدارة الاحتلال وجوهر دولة إسرائيل وهويتها ومكانة المجتمع العربي، حيث تطرح الأحزاب الإسرائيلية الرئيسية موقفا يعارض إقامة دولة فلسطينية، ولا تحمل أي أجوبة للحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني.

وأكد السياسي الفلسطيني أن فوز اليمين المتطرّف يؤكد حاجة المجتمع العربي لبناء مشروع سياسي جماعي يستند إلى قراءة واقعية للمشروع الصهيوني ولإسرائيل الحالية، ويرتكز على حقوق المجتمع العربي القومية والمدنية، وهو ما فشلت بتوضيحه القائمة المشتركة، وأدّى، في نهاية المطاف، إلى تفكّكها.

وكشف أن فشل تجربة القائمة المشتركة كان بسبب محاولة البعض الاستحواذ عليها وجرّها إلى لعبة المعسكرات الحزبية الإسرائيلية، ونتيجة قراءة خاطئة لواقع إسرائيل والتحولات السياسية فيها، وعدم طرح مشروع يحفّز المجتمع العربي على العمل والمشاركة السياسية.

وأشار إلى أن بقعة الضوء الأهم في نتائج الانتخابات هي حصول التيار القومي الديمقراطي المتمثل بحزب التجمع الوطني الديمقراطي، على 25% من الأصوات العربية، ليشير إلى بداية مرحلة مختلفة عن السابق، وعودة الرشد إلى الحالة السياسية والحزبية لدى المجتمع العربي في الداخل.

فكر شعبوي فاشي

من جهته قال "علي حبيب الله" الباحث في التاريخ الاجتماعي إنه لا فرق بين اليمين واليمين المتطرف مقابل اليسار في إسرائيل، وأن هذا التمايز يجري داخل الصهيونية لا خارجها، فهي نقيض لوجودنا كعرب، وهو ما يجب أن يظل محسومًا على الأقل لدى تيار الحركة الوطنية في الداخل.

اقرأ أيضاً: كتاب: حكومة إسرائيل اليمينية لن تصمد وعلى الفلسطينيين استثمار الفرصة

وأضاف حبيب الله أن نتائج الانتخابات الأخيرة بينت مدى تقبل المجتمع الإسرائيلي بشكل تدريجي للفكر "الشعبوي" والفاشي الذي يحمله كل من "بن غفير" و"سموتريتش" بحصولهما على 14 مقعدا، موضحاً أن شعبوية اليمين الديني لا تعني العرب بقدر ما تعني اليهود، أما فاشيته فهي متصلة بالمواطنين الفلسطينيين العرب في البلاد لناحية تصاعد النبرة الصهيونية الفاشية تجاههم.

وأكد أن ارتفاع نسبة التصويت في المجتمع اليهودي في الانتخابات على نحو غير مسبوق في العقود الأخيرة، كشفت عن شكل صهيونية الدولة التي باتت أكثر تطابقا مع يمينها، فالنتائج لم تأتِ ببن غفير وسموتريتش وتفشي فاشيتهما فقط، إنما أيضا أسقطت حزب ميرتس من خارطة التمثيل السياسي البرلماني في الكنيست، وكذلك تراجع حزب العمل الذي بالكاد استطاع اجتياز نسبة الحسم بأربعة مقاعد.

إعادة التحرك الجماهيري

بدوره طالب "سليمان أبو إرشيد" الكاتب الفلسطيني في الداخل المحتل بضرورة إعادة بناء الحركة الجماهيرية لمواجهة نتائج انتخابات الكنيست، دون الانتقاص من العمل البرلماني، والعودة للتعامل مع التمثيل العربي في الكنيست، بوصفه تمثيل أقلية قومية في الدولة اليهودية، التي قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني، وما تزال تتنكّر لحقوقه الوطنية، وتطارده في كل المواقع، بهدف منعه من ترجمة هذه الحقوق على أرض الواقع.

وأكد أن إعادة بناء الحركة الجماهيرية يتطلب معالجة الأضرار التي تسببت بها السنوات العجاف للقائمة العربية المشتركة، عندما تغلب العمل البرلماني على الجماهيري، والقائمة الانتخابية على الهيئة التمثيلية لجماهير الداخل الفلسطيني، فلاحظنا حينها تقلُّص النشاطات الجماهيرية والمشاركة في المناسبات الوطنية، على غرار إحياء ذكرى يوم الأرض، ويوم القدس والأقصى، والمشاركة في مسيرة العودة وغيرها.

وتابع:" لا يتمّ بناء مجتمع من خلال النجومية في الكنيست فقط، وترك الشارع لعصابات الإجرام، بل يجب إعادة هيكلة شاملة تأخذ الأحزاب فيها الدور الأساسي في كلّ مواقع القرار والفعل الاجتماعي والثقافي والسياسي في مجتمعنا، ويجري خلالها إعادة بناء مجالس الطلبة، ولجان الإباء، ولجان الطلاب العرب، واتحادات المرأة والشبيبة والنوادي الحزبية، والنقابات القطاعية من أطباء ومهندسين وعمال، وصولا إلى إعادة بناء لجنة المتابعة وانتخابها من الناس بشكل مباشر".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo