التطوع بغزة.. فرصة إيجابية يشوبها الاستغلال

الطلبة الخريجين بغزة
الطلبة الخريجين بغزة

أعلنت لحنة متابعة العمل الحكومي التي ترأسها حركة حماس في قطاع غزة عن فتح باب التطوع في مؤسساتها ضمن برنامج وخطة لاستيعاب المتطوعين في الوزارات لمدة محددة، حيث سارع آلاف الخريجين والشباب العاطلين عن العمل للتسجيل الكترونياً، عبر ما أُطلق عليها منصة "مبادر".

ولم تُلزم الحكومة بغزة نفسها بأي تعهدات لهؤلاء المتطوعين بالتوظيف، وذلك من خلال اللائحة الناظمة التي أصدرتها بخصوص هذا التطوع، وهو النهج ذاته الذي تسلكه معظم المؤسسات الأهلية والقطاع الخاص في استيعاب المتطوعين، الأمر الذي يُشعرهم بالإحباط ويحد من آمالهم بفرص العمل.

ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في الربع الثالث 2022، بلغ معدل البطالة بين المشاركين في القوى العاملة (15 سنة فأكثر) حوالي 25٪ في الربع الثالث 2022، في حين بلغ إجمالي نقص الاستخدام للعمالة حوالي 31٪، وفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية .

ولا يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ هذا المعدل 47٪ في قطاع غزة مقارنة بـ 13٪ في الضفة الغربية، أما على مستوى الجنس فقد بلغ معدل البطالة للذكور في فلسطين 20٪ مقابل 43٪ للإناث.

تباين.. استغلال وانتماء

وفي التفاصيل، فقد تباينت آراء الشباب والخريجين ومن بعدهم المختصين والخبراء، حول منصة “مبادر” التي أطلقتها حكومة غزة للتطوع في الهيئات الحكومية والمؤسسات الفلسطينية والسلطات المحلية، حيث هناك من يؤيد الالتحاق بالبرنامج التطوعي سعياً للهدف المُعلن وتفعيل فكرة العمل التطوعي، الذي يعزز الشعور بالانتماء الوطني ويعزز الشعور بالمواطنة ويعزز التقدم الاجتماعي، بالإضافة إلى دمج الشباب بشكل فعال في خدمة المجتمع ككل.

بينما يرى البعض الآخر أن فتح باب التطوع لدى الحكومة بغزة في هذا الوقت بالذات، يأتي نتيجة لعجز الأخيرة عن توفير الكوادر البشرية في وزاراتها وهيئاتها بعد شكواها في يوليو 2022 من انخفاض الإيرادات وتأثير ذلك على رواتب موظفيها والنفقات، معتبرين الخطوة "استغلالاً للمتطوعين"، كما هو الحال في الكثير من المؤسسات الأهلية والقطاع الخاص التي تمارس ذات النهج.

اقرأ أيضاً: أزمة مالية تلوح بالأفق بغزة.. مفتعلةٌ أم حقيقية؟

ومن جملة الشباب المشتكين من التطوع في غزة، كان "أمجد جابر" والذي كتب على صفحته على فيس بوك "والله إنها حقيقة وليس مجرد كلام عابر، أنا ضد التطوع فى غزة، لأن التطوع يعنى أن تقدم للحكومة جهدك ووقتك وبالمقابل أنت لا تحصل على شيء، حرفيا لا شيء حتى مواصلات ما بتاخذ منهم، سوى شهادة خبرة غير مطلوبة ولا أهمية لها في مقابلات التوظيف في غزة".

وأضاف "العالم في الدول الأخرى تنظر للمتطوع وكأنه ملاك لأنهم فاهمين شو يعني تضحى ب ٨ ساعات من وقتك يومياً بدون مقابل وبتسد عجز الشواغر، فأنت بتطوعك تُفقِد نفسك وتُفقِد الآخرين حقهم في التوظيف، وأنت بتطوعك بتسد العجز في الشواغر لفترة ثلاث أو ٦ شهور، بالتالي الحكومة غير مُجبرة على أنها توظف موظفين، لأنه العجز في العمل أنت وغيرك مغطيينه، حرفياً احنا لازم نقاطع التطوع"، على حد تعبيره.

WhatsApp Image 2022-11-20 at 11.22.54 AM.jpeg

وبالمقابل، فقد سارع محمود أبو حصيرة بالتسجيل للتطوع عبر المنصة الحكومية "مبادر" وذلك حتى يعزز من وجوده في الوزارة التي عمل بها مصوراً فوتوغرافياً لمدة ستة أشهر على بند البطالة، مشيراً إلى أنه يهدف وراء هذا التطوع إلى حجز مقعد له في الوظائف الحكومية حال الإعلان عنها، حيث يكتسب بذلك مزيدا من الخبرة واحتساب مدة تطوعه في علامات القبول.

أما تسنيم المشهراوي، فهي الأخرى تبادر بالسؤال عن زمن بدء المشروع التطوعي في المؤسسة التي سجلتها، حيث تأمل أن يتم قبولها للتطوع في التخصص الذي يلائمها، مشيرة إلى أنه سبق لها أن تطوعت في مؤسسة حكومية فترة الدراسة الجامعية، حيث أن التطوع في السابق كان يعتمد على موافقة رئيس المؤسسة أو مدير الوحدة أو الإدارة.

تطوع دون توظيف

ولم يجد جمال العقيلي مدير عام الشباب في الهيئة العامة للشباب والثقافة، حرجاً في الإعلان "بأن فتح باب التطوع الحالي في مؤسسات الحكومة لا يعني التزام الأخيرة بتوظيف المتطوعين"، نافياً ما وصفها "الاتهامات المرسلة بأن هذا التطوع استغلال لحاجات الخريجين والشباب في ملء نقص الكادر البشري لدى الوزارات، وإنما لتطوير قدراتهم التدريبية وتأهيلهم لسوق العمل مع المحافظة على حقوقهم".

وأوضح العقيلي في حديث لـ"زوايا" أنه لسنوات طويلة قامت (حكومة غزة) بمنع التطوع في الوزارات والدوائر الحكومية بشكل نهائي، وذلك بسبب أن التطوع كان يؤدي دئماً إلى اعتقاد المتطوع بأن له الحق في الوظيفة العمومية في نهاية تطوعه، مما أثر على مستوى الوظيفة الحكومية، عاداً أن المتطوع لديه رغبة في العطاء لكن قد يكون ليس هو الأكفأ، حيث أن الوظيفة الحكومية تخضع لمعايير الكفاءة والنزاهة والأفضلية.

وذكر أنه بعد محاورات ومداولات طويلة وافقت لجنة متابعة العمل الحكومي بغزة على فتح باب التطوع، لكن على أن تكون هناك لائحة تنظم هذا التطوع، حيث في الفترة السابقة لم يكن هناك أي نظام ينظمه، فالمتطوع ليس له حقوق أو واجبات منصوص عليها، بمعنى أنه إذا أصيب أو انتهى عمله فليس له حقوق، مبيناً أن الحكومة شكلت لجنة عليا لعمل لائحة للتطوع وقد وضعت اللجنة اللائحة وتمت الموافقة عليها، وعليه تم فتح باب التطوع لإتاحة الفرصة أمام الشباب للتسجيل الإلكتروني من خلال منصة التطوع "مبادر".

ويرى العقيلي أن التطوع قيمة إنسانية ووطنية وأخلاقية يجب أن يبقى مفتوحاً، وذلك لإتاحة الفرصة أمام الشباب في بناء وطنهم والعطاء لشعبهم ووطنهم، كما أن التطوع له قيمة هامة لصالح الشباب في صقل مهاراتهم وإكسابهم الخبرة اللازمة التي يفتقدها الخريجون ويصطدمون بالهوة الواسعة بين العلم النظري والحياة العملية، مشددا بقوله "التطوع مصلحة متبادلة ما بين الوطن والشباب لبناء قدراتهم وصقل مهاراتهم".

الشروط والحقوق

وأوضح أن منصة التطوع "مبادر" تمكن الشباب من التسجيل الكترونياً، بشرط أن يكون عمر المتقدم 18 عام فأكثر وحسب الشروط والفرص المتاحة، حيث قامت الوزارات والدوائر المختصة بإرسال حاجتها من المتطوعين والتخصصات، وبالتالي يقوم المتقدم باختيار التخصص الذي يلائمه، مشيراً إلى أن عملية التطوع ليس لها علاقة قطعياً بالتوظيف، فالتطوع هو عمل طوعي بلا أجر ينتهي بانتهاء فترة التطوع.

وسرد العقيلي أهم ما نصت عليه لائحة التطوع التي أعدتها اللجنة الحكومية، وهي أن مدة التطوع ( 6 شهور) فقط ويمكن تجديدها لمرة واحدة فقط، كما نصت أن للمتطوع حقوق وأهمها الاحترام والشفافية من بداية التسجيل، حيث يتم الاختيار وفق نماذج وظيفية ومقابلات لاختيار الأفضل، فضلاً عن أن اللائحة تحفظ سرية معلومات المتطوع وتكافؤ الفرص، إضافة إلى عدم استغلال المتطوع، فالأخير ممنوع أن يتم استغلاله في مهمة غير التي تطوع بها، حسب تعبيره.

والجديد هنا –حسب العقيلي - أن المتطوع يُمنح التأمين الصحي منذ تطوعه إلى انتهاء فترة التطوع، ولو قُدر أن يصاب خلال التطوع فإنه يُمنح تأمين حتى شفائه ولو انتهت فترة التطوع يبقى التأمين سارياً.

ومن أهم ما نصت عليه اللائحة أن المتطوع يمنح شهادة خبرة بالفترة التي تطوع فيها، حيث تم الإيعاز لديوان الموظفين بقبولها في عملية التوظيف الرسمي ويُحسب عليها درجات، علماً أنه يُمنح شهادة شكر وتقدير في نهاية خدمته وطنه طوعياً وبدون مقابل مالي.

وقال العقيلي "المتطوع يجب أن لا يتكلف أموالاً نتيجة تطوعه، بحيث إذا تكلف أثناء العمل مواصلات وغيرها فإنها تدفع له، كما يجب توفير للمتطوع ما يُوفر للموظف من تسهيلات وأدوات، وأن تتهيأ له كل الظروف للعمل ولإنجاز ما تطوع لأجله".

وأشار العقيلي إلى وجود إقبال كبير على منصة "مبادر" من آلاف المسجلين، حيث هناك العديد من التخصصات والفرص التي قدمت الوزارات والدوائر المعنية والبلديات حاجتها من المتطوعين، مؤكداً أن عملية قبول بعض المتطوعين بدأت بالفعل، فمنهم من بدأوا بالعمل في وزارة الصحة.

وأكد العقيلي أن متابعة العمل الحكومي فتحت باب التطوع، لخدمة الشباب في ظل الضغط الكبير المتمثل في الحصار والاحتلال والانقسام وقلة ذات اليد، حيث تتطلع في كل قراراتها لخدمة الشباب، منوهاً أن الاسبوع الأخير شهد تخفيض رسوم ترخيص السكن الشبابي لـ 50% رغم أن ذلك يكلف الحكومة كثيراً.

ولفت العقيلي إلى توجه حكومته للعمل على زيادة دعم المشاريع الصغيرة والخاصة بالشباب والخريجين، حيث شكلت لهذا الغرض لجنة عليا لرسم سياسيات إدارة المشاريع الصغيرة، والتي تنطلق من خلال صناديق عديدة لدعم الشباب وصندوق الاستثمار الفلسطيني وصندوق في وزارة الزراعة وصندوق في وزارة المرأة ، عاداً أن هذه الصناديق تعمل على المشاريع الصغيرة بشكل جيد، ولكنها تحتاج الكثير من الدعم لتوسيع عملها، لأن حاجة الشباب كبيرة.

 أسباب مشروعة ولكن؟

وحول ما إذا كانت لهذه الخطوة سالفة الذكر، هدف إضافي لسد العجز في الكوادر البشرية وعدم القدرة على استيعاب موظفين جدد، فقد عبر محسن أبو رمضان مدير مركز حيدر عبد الشافي للثقافة والتنمية، عن اعتقاده بأن السببين المذكورين مشروعين وهما "ملء الشاغر وفي نفس الوقت تشجيع العمل التطوعي"، على اعتبار أنه ممكن بعد ذلك اختيار أفضل الكفاءات من الخريجين وإعادة توظيفهم أو تسكينهم في المؤسسات الحكومية، منبهاً أنه من الواضح أن الأخيرة بحاجة إلى كوادر شابة وخريجين جدد، لكن من الواضح في ذات الوقت أنه لا توجد لدى الحكومة بغزة موازنات مالية تستطيع أن تغطي رواتب الموظفين ونفقات الوزارات.

كما عبر أبو رمضان لـ"زوايا" عن اعتقاده بأن التطوع سيكون مرحلة انتقالية يتم من خلالها اختيار أفضل المتطوعين وتسكينهم في المؤسسات الحكومية، بما يعني أن التطوع لن يكون بشكل دائم بقدر ما هو مؤقت، حيث أنه من الطبيعي أن بعضهم سيستمر في التطوع لفترة زمنية محددة لاختيار الأفضل منهم وتسكينهم في هذه المؤسسات الحكومية.

وعلى كل الأحوال-حسب أبو رمضان- فإن تشجيع وتعزيز العمل التطوعي مهم في استثمار هذه الطاقات بدلاً من الكوادر الوظيفية التي تتطلب نفقات مالية أعلى من النفقات الخاصة بالمتطوعين.

وحول استغلال القطاعات الحكومية والأهلية والخاصة للمتطوعين، فقد رفض أبو رمضان ما وصفه الالتباس في إطلاق هذا المصطلح على مفهوم "استغلال المتطوعين"، لأنه صارخ في تعريفه ووصفه للحالة، عاداً أن المفهوم بحاجة إلى إعادة فحص وتصحيح وهذا يعتمد على آلية العلاقة المبنية على الوضوح والشفافية مع المتطوع سواء من قبل الحكومة أو المنظمات الأهلية أو القطاع الخاص.

وأضاف: "إذا كانت الأمور واضحة بأن التطوع يعني تطوعا دون أية استحقاقات وأبعاد، فهذا أنه سيكون مفيدا للمتطوع ليحصل على شهادة تطوع يستفيد منها في المستقبل سواء في الدراسة أو الوظيفة على سبيل المثال لا الحصر".

وأردف أنه لا يوجد مفهوم جمعي للتطوع، فمثلاً المؤسسات الأهلية لا تعزز مفهوم الربط بين التطوع والتوظيف، بل تحدد بشكل واضح هدفها، وحينما تريد التوظيف تعلن ذلك بصورة شفافة عبر وسائل إعلامية وإعلانية مختلفة.

وبما يخص المؤسسات الحكومية، فقد ساد الانطباع وخاصة في بداية تأسيس السلطة الفلسطينية، بأن التطوع هو مرحلة انتقالية مؤقتة وأنه بالضرورة ينتهي بالتوظيف، عاداً –أبو رمضان- أن هذا المفهوم ليس جمعياً، ولكنه ارتبط بغزارة التوظيف في فترة السلطة، حيث كانت هناك وزارات شاغرة وكانت الأخيرة معنية باستيعاب أكبر عدد ممكن من الموظفين، وجزء من ذلك جاء لتعزيز القاعدة الجماهيرية للسلطة بما يتضمن ذلك تطوير وتعزيز الانتماء السياسي لها.

وأضاف: "إذا أفصحت الحكومة عن طبيعة التطوع ما إذا كان مؤقتاً ويلحقه عقود وتوظيف ولم يتحقق ذلك فإن ذلك يعد استغلالاً، أما إذا لم تفصح عن كل ما سبق فإن ذلك ليس إلزامياً لها ولكن عليها أن تعطي المتطوعين حوافز وبدل مواصلات".

اقرأ أيضاً: تزامناً مع المونديال.. ما هي فرص الحرب في عهد نتنياهو؟

أما فيما يتعلق بالقطاع الخاص، فيرى أبو رمضان أن عدم الإيفاء بالحد الأدنى من الأجور ومستلزمات قانون العمل، بحاجة إلى إعادة دراسة بحيث لا يتم استثمار المتطوعين لفترة طويلة دون إعطائهم الحد الأدنى من حقوقهم، بما في ذلك الحد الأدنى من الأجور، وأيضاً إمكانية تثبيتهم إذا كانت القدرات المالية للمؤسسة تستوعب التوظيف.

وحول إيجابيات وسلبيات التطوع، فقد عبر أبو مضان عن اعتقاده بأن التطوع مليء بالإيجابيات، لأنه يعزز انتماء الإنسان لوطنه سواء عبر التطوع في منظمة أهلية أو خاصة أو حكومية أو في إطار مبادرات مجتمعية محددة، عاداً التطوع هو شكل من أشكال استثمار رأس المال البشري وتحويله إلى رأس مال اجتماعي وإعطائه من الجهد المعرفي والعقلي والذهني والجسدي في سبيل المصلحة العامة.

ويشجع أبو رمضان ظاهرة العمل التطوعي و إعادة تخصيص مفهومه على قاعدة واضحة عنوانها أنه خدمة للمجتمع ولا يحصل به المتطوع على مقابل، بل هو بالعكس يعطي وقته وجهده، مشدداً على أهمية حماية المتطوع من خلال تطبيق القوانين الفلسطينية، لأنه حين يعمل في منشأة أو منظمة أهلية أو مؤسسة حكومية –على سبيل المثال- يمكن أن يتعرض إلى إصابات وظروف معينة، وبالتالي يجب أن يكون هناك قوانين لحمايته والحفاظ على المتطوع جسدياً، وكذلك محاولة تأمينه معيشياً إذا توفرت القدرات المالية للمنشأة أو المؤسسة الأهلية أو الحكومة والعمل على توظيف هذا المتطوعين لاحقاً.

 منفعة متبادلة

أما سعيد النمروطي خبير التنمية البشرية والعلاقات العامة، فقد علق على البرنامج الحكومي المفتوح للتطوع قائلا: "هذا مفهوم إيجابي ولكن يجب أن يصاحبه استفادة حقيقية متبادلة للخريجين من المؤسسة وتدريبهم وتأهيلهم لسوق العمل من جانب، ومن جانب آخر منفعة للمؤسسة من الخريج واستثمار إمكانياته، كما يجب أن يكون هناك فرصة ناتجة عن هذا العمل التطوعي وليس مجرد استغلال الخريجين والشباب في مشاريع معينة لشهرين أو ثلاثة وينتهي بهم الحال دون تحقيق الفرص المرغوبة للمتطوعين المميزين".

ويرى النمروطي في حديثه لـ"زوايا" أنه حتى لو الحكومة كانت تشكو من العجز في الكادر البشري ويتهمها البعض باستغلال طاقة الخريجين دون قدرتها على توظيفهم، فإنها يجب أن توفر الحد الأدنى من الفائدة للمتطوعين، من خلال تغطية نفقات المتطوع التي يتكلف بها من مواصلات واحتياجات خاصة كالطعام، مضيفاً "التطوع لا يعني استهلاك المتطوع من الصباح إلى المساء دون الاستعداد لدفع تكاليفه الرمزية" .

وعبر النمروطي عن اعتقاده بضرورة تجهيز خطة حكومية تنظم العمل التطوعي في المؤسسات العامة والخاصة بما يحفظ كرامة الخريجين والشباب من كلا الجنسين، وفي ذات الوقت بما يعود بالنفع والفائدة على هذه المؤسسات سواء حكومية أو أهلية أو قطاع خاص، مؤكداً بأن السير في هذين الخطين المتوازيين من شأنه أن يحقق المنفعة المتبادلة للمتطوع بالتدريب والتأهيل لسوق العمل وللمؤسسة بما يحقق أغراضها حسب إمكاناتها المتاحة.

واعتبر النمروطي أن العمل التطوعي شهد في فترة الثمانيات ازدهاراً واضحاً وكان له صدى وتأثيرا إيجابيا جداً، وكانت قيمته الوطنية والمجتمعية ذات مستوى عال، حيث كان من الملاحظ أن اللجان وفئات الشباب وفئات أخرى يشاكون في العمل التطوعي سواء في البناء أو التنظيم الفصائلي أو الوظيفة العامة وفي كل المناحي والقطاعات.

لكن النمروطي أشار إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً كبيراً في مفهوم العمل التطوعي وفي معناه الإيجابي، والذي نعتبره جزءا من المنظومة الوطنية الرافعة، منوهاً إلى أن الفترة الحالية مرتبطة بتزايد عدد الخريجين وما يواكبها من الاستغلال لقدراتهم وحاجتهم إلى سوق العمل، وبالتالي صارت الكثير من مؤسسات القطاع العام والأهلي والخاص تستفيد من الخريجين دون أن تقدم لهم العوائد المرجوة ولو بحدها الأدنى.

ولفت إلى أن بعض هذه المؤسسات –المذكورة بالعموم-لا تدفع حتى أجرة المواصلات للمتطوعين الذين يعملون لديهم لأشهر عديدة أو حتى سنوات.

وفيما يتعلق بحماية حقوق المتطوعين، فقد دعا النمروطي الحكومة في غزة، إلى سن نظام أو تشريعات واضحة حتى لو بصيغة إجمالية للحفاظ على حقوق المتطوعين، بحيث تحدد سقف مدة التطوع وطبيعة العمل الذي يتناسب مع شهادات وخبرات وإمكانيات المتطوعين وساعات وظروف عملهم، فضلاً عن تفعيل الحقوق المنصوص عليها في السلامة والأمان وتغطية تكاليف المتطوعين.

كما شدد النمروطي على أن كل هذه عوامل يجب أن تتوفر في منظومة عمل إيجابية، ولو وضعت بشكل سليم فإنها تخدم كل الأطراف في القطاعين العام والخاص ومن ثم المتطوعين الذي يأملون الحصول على فرصة عمل.

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo