عودة حماس لسوريا..تناقض المواقف والثمن الكارثي

وفد من حماس يلتقي بشار الأسد في سوريا
وفد من حماس يلتقي بشار الأسد في سوريا

شكل إعلان حركة حماس رسمياً في منتصف أغسطس الماضي عن عودة علاقتها مع النظام السوري بعد عشرة أعوام من القطيعة، ردود فعل غاضبة من الفلسطينيين وشخصيات عربية من أكثر المدافعين عن الحركة، منتقدين تبريرات حماس في عودتها للنظام السوري الذي سفك وقتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء وهجَّر ملايين السوريين واللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء، منذ اندلاع الثورة السورية في منتصف عام 2011.

وتوج قرار الحركة باستئناف العلاقات مع سوريا، بلقاءٍ جمع وفداً من الفصائل الفلسطينية بينهم قيادة حركة حماس برئاسة خليل الحية عضو المكتب السياسي بتاريخ 19 أكتوبر، بعد أن رفض الأسد لقاء حماس بشكل منفرد. وبحسب مصادر خاصة فإن أمين عام حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة هو من رتب اللقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وكان من أوائل المنتقدين لقرار حماس بالعودة للنظام السوري، وزير الحكم المحلي في أول حكومة شكلتها حماس برئاسة إسماعيل هنية (الحكومة العاشرة) عيسى الجعبري، الذي تبرأ من قرار حماس بشأن عودة العلاقات مع النظام السوري المجرم، موضحاً أن قراره جاء اقتداء بنهج الرسول صلى الله عليه وسلم، بالتبرؤ من الفعل القبيح"، وليس من الفاعل الذي فيه خير كثير".

عيسي الجعبري.jpg

وأكد الجعبري بعد هجوم الداعية وجدي غنيم على حركة حماس وتبرؤه منها للسبب ذاته، بأن قناعته أنه لا توجد ضرورة ملحة تسوّغ هذه العلاقة، وأن المفاسد التي ستترتب عليها أكبر بكثير من المتوقع منها.

اقرأ أيضاً: عودة حماس إلى سوريا.. صدام المبادئ والمصالح

في ذات السياق، وصف الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني المقيم في الأردن ياسر الزعاترة، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي – تويتر قرار عودة حماس للنظام السوري بأنها "تعكس خللا في البوصلة وفي التقدير في آن، فضلا عن تجاهل مشاعر الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، ومن بينهم أبناء حركة حماس نفسها."

ياسر الزعاترة.jpg

بدوره عقب الكاتب والصحفي الأردني ياسر أبو هلالة على لقاء حماس بالأسد قائلا:" أسوأ ما في زيارة الحية والفصائل لبشار الأسد إنها أعطت فرصة للأنذال من الصهاينة العرب الأخفياء المتنكرين للقضية الفلسطينية فرصة لمهاجمة حماس، لمقاتلتها إسرائيل، لا لتحالفها مع إيران.

ياسر ابو هلالة.jpg


أما الكاتب السياسي والصحفي ماجد عبد الهادي فعلق على صورة المصافحة بين وفد حماس والرئيس السوري بشار الأسد على حسابه على تويتر قائلا:" يداه الملطختان بالدم لن تنظفهما المصافحة الآثمة، وعلى زواره أن يحملقوا منذ الآن في أيديهم، ليدركوا أن ما علق بها من عار جرائمه، لن يزول.

ماجد عبد الهادي.jpg

من جهته، أرفق الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني إبراهيم حمامي، في تغريدة له على حسابه على موقع تويتر، تصريحات مصورة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، مبرراً موقف حماس المقاطع للنظام السوري قائلاً:" حتى حينما حددنا موقفنا من ما يجري في سوريا حددناه لأننا لا يمكن أن نكون إلى جانب نظام يقتل شعبه، ومن وقف معنا في الحق لا نقف معه في الباطل".

موجهاً سؤاله إلى رئيس وفد حماس الذي التقى بشار الأسد خليل الحية قائلاً:" السيد خليل الحية: هل هذا من "المواقف الفردية التي لم ولن تقرها الحركة" حسب تصريحك بعد لقاء ومصافحة السفاح قاتل السوريين والفلسطينيين؟ أرجو التوضيح

ابراهيم حمامي.jpg

محمد أمين صحافي فلسطيني

مشهد بائس أن يصطف ممثل أكبر فصيل فلسطيني مقاوم يسعى للتحرر في طابور التسليم على رئيس نظام قتل شعبه لمطالبته بالتحرر! بعيدا عن الأخلاق فإن السياسية تعني البراعة في البراغماتية، ما المصلحة في التهافت على إقامة علاقة مع نظام لا يحكم وإنما تتقاسم بلاده قوى إقليمية ودولية!!

من جهنه عبر أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر ورئيس مؤسسة مشارق ومغارب، محمد المختار الشنقيطي عن رفضه للقاء حماس بالرئيس السوري مرفقاً صورة اللقاء على حسابه على تويتر قائلاً:" إذا كنتَ تتوقع من إخوتك أن يتألموا لآلامك، ويضمّدوا جراحك، فاحذر من أن تستهتر بآلامهم، وتصبّ الملح على جراحهم، وأنت مبتسمٌ ابتسامة عريضة، تَجْمع بين الابتذال والبلاهة السياسية.

أما المصري والباحث السياسي هيثم غنيم فقد اعتبر أن قيادات "حماس" أصبحوا من المنافقين الذين حبطت أعمالهم وباعوا دينهم، وقال: "كلما توالت الأحداث، سقطت الأقنعة وانكشفت وجوه المنافقين أكثر وتباينت صفوف الحق والباطل، هؤلاء الذين باعوا دينهم وباتوا عراة المبادئ، وأثبتت الأيام ومحن المسلمين أنهم وأعمالهم كسراب بقيعة وفقاعات زائلة"، وأضاف: "كَذبوا كعهدنا بهم وقالوا "لخدمة أمتنا وقضاياها العادلة" فلا كان سعيهم لخدمة أمة الإسلام ولا هو خدمة منهم لأي قضية عادلة."

قرار عودة حماس تخلي عن القدس

من جانبه، أكد المجلس الإسلامي السوري المعارض، أن حركة حماس قررت إعادة العلاقات مع النظام السوري، غير آبهة بنصائح علماء الأمة ولا بمشاعر ملايين السوريين الذين عذّبهم وهجّرهم وقتل ذويهم هذا النظام.

واستنكر المجلس خطوة حماس، معتبرا أن الحركة انحرفت بوصلتها عن القدس وفلسطين، مؤكدا في الوقت ذاته أن قضية فلسطين هي قضية كبرى من قضايا الأمة، ولا تقل عنها قضايا دمشق وبغداد وصنعاء وبيروت التي تحتلها مليشيات إيران الطائفية. على حد تعبير البيان.

وأضاف أن "التفريط بهذه القضايا لأجل قضية واحدة ضرب من الخذلان والتنكر وتفريق الأمة ما يضر بوحدتها".

انعكاسات سلبية للقرار على القضية الفلسطينية

من جانبه رأى أستاذ السياسة وحل النزاعات الإقليمية في الجامعة العربية الأميركية أيمن يوسف أنه "على رغم وجود مكاسب استراتيجية لحماس لكن للقرار آثاراً سلبية وفور إعلانه ظهر استياء من الحاضنة الشعبية التقليدية للحركة".

ووصف يوسف إجراء "حماس" بـ "سقطة وخطيئة سيكون ثمنها كارثياً" و "قد يلقي بآثار سلبية على القضية الفلسطينية حيث ستزيد حدة الانقسام، خصوصاً لأنها اختارت حضن إيران بينما السلطة الفلسطينية في الحضن العربي"، مشيراً إلى أن "ذلك يسبب نوعاً من العزلة للحركة لأنها تعزز نفوذ إيران في المنطقة".

وأوضح يوسف أن "سوريا منعزلة عن بعض الدول العربية وهو قد ينعكس سلباً على حماس التي تتبنى استراتيجية الانفتاح على الجميع، لذلك تتنافى تلك الاتصالات التي تجريها الحركة مع الأطراف العربية على قاعدة دعم فلسطين". بحسب صحيفة اندبندت عربية.

يشار إلى أن العلاقات بين حركة حماس والنظام السوري توترت عام 2012 على إثر الثورة السورية التي واجهها النظام بالبراميل المتفجرة وقتل خلالها مئات الآلاف من المدنيين السوريين وشرد الملايين من السوريين واللاجئين الفلسطينيين في مخيمات سوريا، والتي رفضت حماس التي كان يرأس مكتبها السياسي آنذاك خالد مشعل، ورفض طلب النظام السوري بإصدار موقف يؤيد النظام، واضطرت الحركة تحت التضييق والخناق السوري الى الخروج من سوريا في فبراير 2012م، وكان القرار جماعياً في الحركة ودافع جميع أعضاء المكتب السياسي عن القرار وبينهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي الحالي، قبل أن يتم مراجعة الموقف في العام 2017 مع تولي يحيى السنوار قيادة حماس في قطاع غزة، وإسماعيل هنية رئاسة المكتب السياسي، وتخليه عن تصريحاته الموثقة وكأنه لم يصرح بها.

اقرأ أيضاً: دراسة: رغم الأنظمة القمعية.. المعارضة العربية للتطبيع لا زالت قوية

يذكر، أن خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس والذي التقى الرئيس بشار الأسد في دمشق بتاريخ 19 أكتوبر، قال في مؤتمر صحافي عقب اللقاء:" "أي فعل فردي هنا أو هناك هو فعل خاطئ لا تقره قيادة الحركة ولم تقره"، مؤكدا "إننا متفقون مع سيادة الرئيس على أن نتجاوز الماضي ونذهب إلى المستقبل". أي أنه يشير إلى أن قرار مقاطعة سوريا سابقاً لم يكن قراراً جماعياً بل فردياً في إشارة لخالد مشعل وهو أمر تكذبه وتنفيه أدبيات الحركة منذ نشأتها التي لا تتخذ قرارات مصيرية إلى بالإجماع.

ورغم المصالحة إلى أن السؤال الأهم بعد أن وصف الرئيس بشار الأسد في تصريحات صحافية سابقة عام 2013 حركة حماس غدرت وخانت سوريا بموقفها المنحاز للثورة السورية.

 هل سيفتح بشار الأسد أبواب سوريا إلى حماس كما كانت في السابق؟ أم أن هناك ضريبة يجب أن تدفعها قيادة حماس للحصول على الرضى السوري لتتمكن من فتح مكتب لها وهو أم لم تكشفه سوريا وحماس معاً؟.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo