طالبا بتقوية السلطة

جنرالان إسرائيليان: الضفة جبهة معقدة وجيشنا لم ينجح هناك

اعتداءات الاحتلال بالضفة الغربية
اعتداءات الاحتلال بالضفة الغربية

كشف جنرالان إسرائيليان أن دولة الاحتلال تعيش حالة من التخبط وتواجه إشكالية حقيقية في العمل لكبح جماح العمليات المسلحة في الضفة الغربية، مقران بأن عملية "كاسر الأمواج" التي أعلن عنها جيش الاحتلال شمال الضفة -لإحباط الهجمات الفلسطينية- لم تنجح، رغم الجهود التي تقوم بها من خلال استمرار الاعتقالات، وزيادة الإجراءات الأمنية على طول خط التماس، بما في ذلك إغلاق الثغرات في الجدار العنصري الفاصل.

وخلال مقال مشترك نشره موقع القناة الـ12 العبرية للجنرالين "عاموس يادلين" رئيس شعبة الاستخبارات سابقاً، و"أودي أفنتال" الباحث والعسكري السابق، أكدا أن جيش الاحتلال لديه مجال محدود للمناورة، ويواجه مشكلة في العمل وحده في الضفة من جهة، أو إشراك السلطة الفلسطينية معه من جهة أخرى، وبالتالي هو لا يتحمل أي عملية فلسطينية أخرى، ولا عملية واسعة النطاق في الضفة ستسفر عن سقوط العديد من الخسائر بين الجانبين، خاصة عشية الانتخابات.

مهمة معقدة

وأضافا أن عمليات الجيش كبحت نسبياً موجة الهجمات الفلسطينية مؤخرا، لكنها أسفرت عن اشتداد الاحتكاك مع الفلسطينيين، وقفزة في نطاق استخدام الأسلحة النارية ضد الجيش، وزيادة كبيرة فيها مقارنة بالسنوات السابقة، ما أدى لاتساع دائرة المواجهة، كما وصفها "رونان بار" رئيس جهاز الأمن العام- الشاباك، بقوله:" إننا أمام دائرة مغلقة من محاور معادية متعددة، ما يتطلب إجراءات إسرائيلية مضادة كل ليلة، وبالتالي يستدعي عودة عمل أجهزة الأمن الفلسطينية لنشاطها الأمني الفعال في مدن الضفة، باعتبارها مصلحة أمنية إسرائيلية وللسلطة الفلسطينية نفسها".

وأكد الجنرالان أن إعادة عمل أجهزة الأمن الفلسطينية يشكل من جهة تحديًا حقيقيًا لوجود السلطة الفلسطينية كحكومة، ومن جهة أخرى مصلحة إسرائيلية فلسطينية مشتركة، لكنها لا تزال مهمة معقدة للغاية، وبالتالي تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها في ورطة متشابكة من المعضلات في مواجهة تطورات الضفة الغربية على المستويات التكتيكية والعملية والاستراتيجية؛ لأن أجهزة الأمن الفلسطينية في عملها ضد هجمات المقاومة تواجه خطرا على مشروعيتها الوطنية بين الفلسطينيين.

وحذر الخبيران من منطقة أُخرى قابلة للاشتعال، وبصورة خاصة في فترة الأعياد، وهي منطقة القدس والمسجد الأقصى، وتابعا:" خبرة الأعوام السابقة علمتنا أن ما يبدأ بمواجهات في الأقصى، من الممكن أن ينتهي بتصعيد واسع أكثر في الضفة غزة، بالإضافة إلى موجة إدانات في العالم العربي".

ضعف وتفكك السلطة

وعلى المستوى الاستراتيجي، شدد الجنرالان الإسرائيليان أن المعضلة الإسرائيلية تتوسع حتى وصلت مؤخرا إلى ما تمر به أجهزة أمن السلطة الفلسطينية من ضعف متزايد، وزيادة في مشكلة شرعيتها، ما قد يسفر مع مرور الوقت عن تفكك السلطة الفلسطينية كنظام حكم، وقالا إن تراجعها مرتبط بأربع عمليات:

أولها زيادة ضعف مشروع السلطة السياسي والتفاوضي مع إسرائيل، وثانيها تصاعد مسار المقاومة المسلحة التي تقدمها حماس، وثالثها وصول ثقة الجمهور الفلسطيني بالسلطة ومسارها السياسي إلى مستوى متدنٍ غير مسبوق، وكذلك على خلفية الفساد الراسخ فيها، والوضع الاقتصادي المزمن الذي تعاني منه، ورابعها تضاؤل الاهتمام الدولي والإقليمي.

وأشارا إلى أن الامتناع الإسرائيلي من لقاء الرئيس الفلسطيني، والتصميم على إغلاق كل أفق سياسي، يدفعان بقيادة السلطة، التي تبحث عن أي أجندات ممكنة، إلى خطوات عدائية في الساحة الدولية: الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، ما ينعكس سلباً على الدافع لدى أجهزة السلطة الأمنية التي تحاول عادةً احتواء المواجهات، وتحفظ التنسيق الأمني.

تقوية استقرار السلطة وإشراكها

ورأى الكاتبان أن تقوية السلطة والإبقاء على هامش عمل أكبر لأجهزة الأمن التابعة لها، مع الاستمرار في عملية كاسر الأمواج وإغلاق خط التماس وحفظ التوازن بطريقة محسوبة في المسجد الأقصى، هي الحل الأفضل خلال فترة الأعياد اليهودية، وصولاً إلى الانتخابات.

ودعيا الحكومة الاسرائيلية القادمة اتخاذ عدة خطوات، بهدف تقوية استقرار السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، ورؤية يوم "ما بعد أبو مازن"، وحسم قرارها بشأن تجديد المسار السياسي مع السلطة الذي يشكل المركّب الجوهري لاستمرار وجودها.

وتابعا:" يتوجب على حكومات إسرائيل بناء قنوات تواصُل ناجعة لقيادات السلطة، في مقابل الطلب منها وقف دفع رواتب الأسرى وعوائل الشهداء، والخطوات ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي".

تجارب الماضي

وفي السياق طالب الجنرالان "عاموس" و"أفنتال" بإعادة نجاحات الماضي، كـ"اتفاق المطلوبين" و"مشروع جنين"، عام 2008، عندما نقلت إسرائيل إلى أجهزة أمن السلطة السيطرة على كل منطقة جنين شمال الضفة، بعد التزامها بإعادة الهدوء في المنطقة. حيث قاد مبعوث الرئيس الأميركي جورج بوش حينها، الجنرال جونز، جهوداً متعددة أمنية - مدنية - واقتصادية، لتقوية سيادة الأجهزة الأمنية، وكانت النتائج مذهلة، بحسب وصف الجنرالان.

وأضافا أن الظروف لاستعادة هذا النجاح تفرض تحديات أكبر لأن النظام السياسي الإسرائيلي منقسم، وهناك رفض إسرائيلي لإدارة مفاوضات، وحكومة فلسطينية ضعيفة، وازدياد التحديات من جانب حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".

وخلصا أنه لا بديل لإسرائيل إلا المبادرة إلى خطوات تخدم الأمن وتمنع الانجرار إلى دولة واحدة، لأن الأحداث التي جرت مؤخراً في شمال الضفة وتوسُّعها إلى داخل الأراضي المحتلة عام أثبتت أن حفظ الاستقرار لوقت طويل في هذه المنطقة ليس مؤكداً.

يذكر أن ما تبديه الأوساط الأمنية الإسرائيلية من مخاوف خلال فترة الأعياد، يجعل الإسرائيليين غير واثقين من أنهم سيجتازون موسم العطلات القادمة بأقل قدر من التوتر، في ظل ما تشهده الضفة الغربية من أحداث ميدانية متلاحقة.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo