القرد الأمريكي وقطعة الجبن الفلسطينية!

علم-فلسطين
علم-فلسطين

تقول الحكاية أن فأرين حصلا على قطعة مغرية من الجبن، فاختلفا عند تقسيمها، فلجأ إلى قرد حكيم لكي يقسمها بالعدل، فأحضر القرد ميزانا وقسم قطعة الجبن إلى قسمين وضع كل منها في كفة .. رجحت إحدى القطعتين قليلا .. فقضم منها جزءا وأعاد التوزين، فرجحت القطعة الثانية، فقضم منها فرجحت الأولى، وهكذا ظل القرد يقضم من القطعتين بالتتالي وهو يحاول أن يجد قسمة عادلة مائة بالمائة !!!

منذ قرار تقسيم فلسطين رقم 181 إلى دولتين، دولة يهودية على 56% ودولة عربية على 44%، وقد قبل القرد الأمريكي مبدأ القسمة، فأعطى اللصوص الغرباء أكثر من نصف مساحة فلسطين، ثم عاد فرأى أن الـ 44% خاصة الدولة العربية، هي في الحقيقة حصة راجحة، فقضم منها الضفة وغزة والقدس والجولان وسيناء في عدوان 1967 ..

ثم أعاد القرد الأمريكي قضم سيناء من كفة إسرائيل فأصبحت فلسطين موزعة بين قسمين، قسم في الضفة وقسم في غزة.

لكن غزة كانت حصانا بريا شموصا يصعب حكمها وتوقع ردات فعلها، فتم قضم غزة من حصة إسرائيل عام 2005 في انسحاب أحادي الجانب وتوجهت عيون الاستيطان الصهيوني إلى مرتفعات الضفة والأغوار وحزام القدس ..

في أربع حروب لم تكن أكثر من جرائم حرب مروعة، تم قصف وتدمير غزة على رؤوس ساكنيها .. ثم انتقلت معركة القسمة إلى قضم الشيخ جراح وسلوان ..

اليوم يرى القرد الأمريكي أنه أفرط في التغاضي عن قدرات غزة، فقرر دعم كفة السلطة في الضفة .. وتلكم يا أصدقائي هي حكاية تقسيم فلسطين إلى دولتين، لم يبق من حصة الفلسطينيين فيها سوى كفة قطاع بائس، محاصر ، يعاني الفقر والبطالة وغياب الحكم المدني الديمقراطي، بينما تعاني كفة الضفة مئات الحواجز المهينة ومصادرات الأراضي والاستيطان ونهب الموارد الزراعية والمائية، ويبدو أن حجة تقسيم فلسطين بعدالة بين أصحابها الأصليين والغزاة المحتلين، سيؤدي إلى ابتلاع كامل أرض فلسطين كما ابتلع القرد قطعة الجبن بدعوى قيامه بقسمتها فيما يقوم كل مرة بقضم جزء من كل كفة !

إن المتابع لحصة الفلسطينيين من قرار التقسيم عام 1947 مرورا بعدوان 1967 ثم مواجهات الاردن 1968 ولبنان 1978, 1982 ثم الانتفاضة الكبرى 1987والأقصى 2000 ولبنان 2006 وغزة 2008, 2012, 2014 ، 2021 ، يلاحظ تماما إصرار الفلسطينيين والعرب على مواصلة التصدي للاحتلال الاستيطاني الصهيوني، الذي لم يتوقف لحظة عن سرقة الأراضي والسطو على المقدرات والثروات، والاعتداء على حياة البشر وأمنهم وحقوقهم في العودة وتقرير المصير !!

المواجهة الأخيرة انتهت باتفاق وقف إطلاق نار هش مع تصاعد حدة الجدل حول هوية المنتصر، الاحتلال أم المقاومة، وفي الأثناء، تغيرت ملامح سياسة البيت الأبيض تجاه النظر بعدالة ومساواة إلى حقوق الفلسطينيين في الحياة دون قتل وملاحقة وتشريد، فهل تعمل الإدارة الأمريكية على إحياء حل الدولتين وحسم ملفات الحل النهائي كالقدس واللاجئين والحدود والمياه، أم أن اتصالات بايدن بالرؤساء العرب لا تزيد عن كونها محاولات قضم جديدة لأجزاء قطعتي الجبن في الضفة وغزة ؟؟!

في الأيام المقبلة سنرى مزيدا من الوضوح.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo