النشاط الإيراني في الضفة يقلق السلطة

النشاط الإيراني
النشاط الإيراني

بينما تهدد إسرائيل بشن عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، إذا لم تقم السلطة الفلسطينية بدورها في ضبط الحالة الميدانية الآخذة بالتصعيد، كشف مصدر أمني فلسطيني لموقع "زوايا" عن معلومات "مقلقة" لدى الأمن الفلسطيني، حول تزايد النشاط الإيراني في الساحة الميدانية بالضفة في الفترة الأخيرة، عبر أدوات ووسائل مختلفة.

وحسب المصدر، فإن الضلوع الإيراني يقلق السلطة، من منطلق سيره بوتيرة غير مسبوقة من المحاولات وبأكثر من أسلوب، في ظل ظرف "حساس" تواجهه السلطة التي تشهد تراجعا في دورها، وضعفا في سيطرتها، نتيجة عوامل ظرفية وموضوعية مختلفة، أبرزها صراعات أقطاب حركة "فتح"، سرا وعلانية، على خلافة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بموازاة تطورات الضفة اجتماعيا واقتصاديا، وحتى سياسيا وميدانيا، وهو الأمر الذي دفع أوساطا أمنية إسرائيلية إلى الإقرار بأن ثمة متغيرا على نحو لافت في الضفة، اتصالا بصعود قوى على الأرض مثل الجهاد الإسلامي وحماس وغيرهما في مناطق معينة، في مقابل تراجع قدرة "فتح الرسمية" على أن تكون فاعلا وحيدا وكبيرا.

مع الإشارة إلى أن اجتماعا­­­­­ في بيروت قبل أشهر، بحضور ممثل عن الحرس الثوري الإيراني، وقيادات من حركتي "حماس" و"الجهاد"، وحزب الله، تطرق إلى موضوع "خلافة عباس" في السلطة، والمناخ القائم في الضفة، وفق ما كشفه رئيس مركز الدراسات العربية الإيرانية الدكتور علي نوري زادة.

اقرأ أيضا: جنرال إسرائيلي: أوامر إطلاق النار تترك للميدان وجنودنا بحاجة للشجاعة

بدوره، قال مدير العلاقات العامة في مفوضية التعبئة والتنظيم بحركة “فتح” منير الجاغوب لـ "زوايا" إنه ليس على علم بحقيقة ومستوى النشاط الإيراني في الضفة، إلا أنه يعتقد أن هذا النشاط مقيد ومحدود فيها.

إيران أعلنت نيتها تسليح الضفة؟

صحيح، أن إيران ليست هي المسؤولة عن مجمل المشهد الحاصل في الضفة، لكن الحالة ذاتها إضافة إلى معلومات أمنية فلسطينية وإسرائيلية عن تصاعد هذا الجهد الإيراني، هو المستجد، خاصة أن التطورات الحاصلة في الضفة تمثل مناخاً مناسباً لنية طهران، بدليل إعلان القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، في تصريحه للموقع الإلكتروني لمكتب المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي قبل ثلاثة أسابيع، عن أن الضفة الغربية سوف تتسلح، أيضاً، ضد الإسرائيليين.

وجاء اعتقال القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي بسام السعدي من مخيم جنين مطلع الشهر الماضي، ليضيء أكثر على مزاعم جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، والتي ادّعى فيها أن السعدي كان مشغولا ببناء قوة عسكرية مؤثرة بالضفة، "بإيعاز إيراني، عبر قيادات الجهاد في قطاع غزة". وهو أمر حاول الاحتلال أن يسوغ به شنه عملية عسكرية ضد "الجهاد" في غزة، لتقويض نشاط الحركة في الضفة، وأيضا للبعث برسالة إلى طهران من مغبة الإقتراب من ساحة الضفة.

بيدَ أن معلومات أمنية إسرائيلية جديدة عن قرار لدى حركة "حماس" بتعزيز نشاطها في الضفة، وبعثها برسالة إلى "الجهاد الإسلامي" بهذا الخصوص من أجل التنسيق المشترك مؤخرا، وفق ما تحدث عنه مراسل القناة الإسرائيلية 14 باروخ يديد.. قد عاظم قلق إسرائيل، وفق المزاعم، فقرر جيشها تكثيف استخدام الطائرات المُسيرة بالضفة، على نحو غير مسبوق، لتقوم بمهمة الرصد والإستهداف في آن واحد.

الضفة أكثر قلقا لإسرائيل

بغض النظر عن صحة ادعاء الاحتلال من عدمه، فإن الشيء الواضح هو أن الضفة الغربية باتت مقلة، بشدة، للأمن الإسرائيلي، بل أكثر من غزة وحزب الله اللبناني، كما نقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن جهات عسكرية إسرائيلية. ولعل القلق من الضفة ليس من طبيعة السلاح ولا عدد المقاتلين، بقدر ما هو موقعها الجيو-سياسي الذي يجعل الإشتباك من نقطة صفر، ومُربكا أكثر، ما يعني أن تأثير المواجهة فيها أضعاف معارك غزة، وحتى جولات التصعيد مع حزب الله.

اقرأ أيضاً: مختصون لـ"زوايا": إصلاح النظام السياسي الفلسطيني مرهون بالوحدة والثورة ضد الاحتلال

وأكدت مصادر من "حماس" فعالية المواجهة في الضفة، مرات عديدة، إذ أقرت أن الحركة اتجهت بعد حرب غزة الأخيرة إلى إعطاء أهمية مضاعفة لميدان الضفة، على الأقل تكتيكيا؛ إدراكا للجدوى.

من جانبه، يرى الباحث الإستراتيجي الدكتور عنان وهبة، في حديث لـ "زوايا" ، إن الحضور الإيراني في الضفة ما زال محدودا، وعبر الجهاد الإسلامي فقط؛ بفعل الضربات الإسرائيلية "الإحترازية والوقائية".

لكن الدوائر الأمنية في تل أبيب، تراقب بكثافة، كل محاولة إيرانية للتواصل مع فلسطينيين، أو إرسالا للأموال، أو تزويدا بمعلومات وخبرات عبر شبكة الإنترنت ووسائل رقمية.

الضفة كساحة مستجدة للحرب الأمنية "الخفية" بين إسرائيل وإيران

وتبدو الضفة ساحة مهمة في الحرب الأمنية الخفية بين إيران وإسرائيل، في ظل جهود الأخيرة، دبلوماسيا وأمنيا، لإحباط أي عودة للإتفاق النووي الإيراني، أو على الأقل، تمرير بنود ترغب بها تل أبيب في هذا الاتفاق، وتعديل أخرى، بحجة أمنها.

لذا، لم تكن الضفة ولا المنطقة برمتها بعيدة من إتفاق إيران النووي، والذي تخوض إسرائيل معركة دبلوماسية من أجل فرض شروطها في أي اتفاق ستتم بلورته، إن لم يكن بالإمكان منعه، إذ خرج رئيس جهاز الإستخبارات الإسرائيلية "الموساد" دافيد برنياع، بطريقة علنية غير معهودة، لتحذير أميركا وأوروبا، كما إيران، عبر إعطاء شرعية استباقية لأي تحرك أمني أو عسكري إسرائيلي ضد إيران، وأن الإتفاق لن يكون مانعا.

تحذير تل أبيب يعني أنها تدرك بأن الإتفاق النووي بات حتميا وإن كان مُؤجلا، لكن رئيس "الموساد" تولى مهمة التحذير من أن أي محاولة إيرانية للمس بإسرائيل وأمنها، سيؤدي إلى تكثيف اللعب الإسرائيلي في الداخل الإيراني، استخباراتيا وعسكريا.

وتستند إسرائيل في مزاعمها، بأن الإتفاق النووي، بصيغته الحالية، سيُمكّن إيران من جني أموال بقيمة "تسعة" مليارات دولار في السنة الأولى، مدعية أن جزءا صغيرا من المبلغ كافٍ لخلق أوجه جديدة للتهديد الإيراني تجاه إسرائيل. وعززت الدولة العبرية مخاوفها، في أحاديث مغلقة مع الإدارة الأمريكية مؤخرا، عبر استعراض التهديد الإيراني ضدها، في كل مكان.

ووسط الخلافات الأمريكية-الإسرائيلية حول الاتفاق، تحاول تل أبيب التأثير على واشنطن، عبر "تشبيك ملفات الأمن مع الاقتصاد في إطار الاتفاق النووي، وضمانات بشأن ساحات لبنان وسوريا وغزة، والضفة الغربية".

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo