تنكيل وابتزاز الأسرى 

شهادات لجنود الاحتلال تكشف دور "الإدارة المدنية" الأمني

وحدة "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال
وحدة "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال

كشف شهادات لجنود مسرحين، خدموا سابقا في وحدة "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال بمنطقة الضفة الغربية، طبيعة الدور الأمني الذي تمارسه الإدارة بحق الفلسطينيين، بحسب تقرير لمنظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية.

واستخدم الجنود "تصاريح العمل" الممنوحة للفلسطينيين في الضفة الغربية للعمل في الداخل المحتل كأداة للحصول على معلومات وأحيانا كأداة عقابية جماعية، بهدف تأليب الرأي العام بالضفة الغربية ضد عمليات المقاومة. 

وأفاد الجنود في شهاداتهم لمجموعة "كسر الصمت بأن "الإدارة المدنية" ألغت "بشكل عشوائي" تصاريح دخول إلى "إسرائيل" بحوزة فلسطينيين، وأنه أتيح لجنود برتب عسكرية متدنية الاطلاع على معلومات حساسة عن فلسطينيين.
 
كما كشفت الشهادات تدخل المستوطنين وتأثيرهم على ممارسات "الإدارة المدنية" بكل ما يتعلق بهدم البيوت في المنطقة "ج"، إلى جانب التنكيل بالأسرى الفلسطينيين من خلال منع زيارات عائلاتهم لهم، وسحب تصاريح دخولهم لـ"إسرائيل" من أجل العمل.

سحب تصاريح أهالي الأسرى 

وجاء في شهادة أحد الجنود أن "الإدارة المدنية قررت، عام 2017، إلغاء جميع تصاريح زيارات عائلات فلسطينية للأسرى في سجون الاحتلال في أعقاب إعلان الأسرى حينها عن إضراب عن الطعام، وذلك من أجل ممارسة ضغوط على الأسرى ليوقفوا الإضراب.

وأضاف الجندي نفسه أنهم "طلبوا منا شطب تصريح أي قريب عائلة أراد زيارة أسير شارك في الإضراب".

اقرأ أيضاً: "هبة مايو".. تكشف خفايا صراع فلسطيني طويل لاستعادة مدينة "اللد"

وأشار جندي آخر إلى أنه بعد العمليات المسلحة في الضفة الغربية طُلب من الجنود إلغاء مئات تصاريح الدخول إلى "إسرائيل"، وكان ذلك أحيانا فقط لكونهم يسكنون في قرية منفذ العملية.

وأوضح هذا الجندي أن إلغاء التصاريح تم من خلال منظومة محوسبة، حيث بالإمكان إجراء بحث فيها بحسب الأعمار ومنطقة السكن، و"بكبسة زر" يتم منع جميع سكان المنطقة من الدخول إلى "إسرائيل" أو تقديم طلب للحصول على تصريح.

وبحسب التقرير، فإن معظم الحالات يتم فيها إلغاء التصاريح التي بحوزة الفلسطينيين بموجب أمر يصدره الشاباك، وفي حالات أخرى تقرر ذلك الشرطة والإدارة المدنية".

وأشار جندي، خدم في الإدارة المدنية عام 2016، إلى الصلاحيات الممنوحة لجنود برتب متدنية جدا. وقال: "لديك قوة مطلقة. يتواجد ضابط في الغرفة المجاورة يشرف عليك. ويجب أن يختم الضابط على القرار، لكن الختم عند الجندي في الدرج". 

وتُعتبر الإدارة المدنية الجهة المسؤولة عن كافة جوانب حياة الفلسطينيين في منطقة "ج"، وتستخدم نظامين محوسبين من أجل إدارة حياة السكان الفلسطينيين في هذه المنطقة. وبواسطة نظام "حجر الحكماء" يتم إصدار التصاريح. والنظام الثاني، "معلومات عن مقيم"، يشمل المعلومات الموجودة في سجل السكان ومعلومات أخرى زودت سلطات الاحتلال النظام بها بكافة تفاصيل حياة الفلسطيني وتحركاته وحالته الصحية.

معلومات للتسلية والضحك

وفي شهادة أخرى لمجندة في "مديرية التنسيق والارتباط" في رام الله، قالت: "إنه من أجل التسلية والضحك مع الجنود، كنا نكتب رقم بطاقة هوية مسؤول رفيع جدا في السلطة الفلسطينية في النظام، وبإمكاني أن أرى أي شيء عنه. هذا جنون بكل بساطة أن فتاة عمرها 19 عاما تحصل على كل هذه المعلومات".

وبدأت "الإدارة المدنية"، عام 2017، بإلزام الفلسطينيين الذين يطلبون الحصول على تصريح دخول إلى "إسرائيل" باستصدار بطاقة يطلق عليها جيش الاحتلال تسمية "بطاقة ذكية"، تشمل بصمات أصابع وصور مقدم الطلب، ويتم أخذها مرة كل أربع سنوات.

وأكد التقرير على ترسيخ مفهوم "المعركة على مناطق ج" في "الإدارة المدنية"، وهذه تسمية أطلقها مستوطنون وسياسيون من اليمين الإسرائيلي لمنع البناء في القرى الفلسطينية بزعم أنه بناء غير مرخص، من أجل الحد من توسع القرى الفلسطينية في مناطق يعتبرها المستوطنون أنها احتياطي أراضي لإقامة مستوطنات فيها أو توسيع مستوطنات قائمة.

وأقامت الإدارة المدنية عام 2020، "غرفة حرب "ج" وهي عبارة عن خط هاتفي بالإمكان الاتصال به أو إرسال رسالة واتس أب إليه للتبليغ عن بناء فلسطيني غير قانوني في المناطق "ج"، وأفاد جندي خدم في منطقة بيت لحم بأن "هذا الخط الهاتفي يستقبل توجهات من مراقبي بناء في مجالس إقليمية، ومجالس محلية تابعة للمجلس الإقليمي لمستوطنات غوش عتصيون".

شبكة "متحدثون" الأمنية

من جهتها، كتبت الصحافية الاسرائيلية عميرة هاس، في صحيفة هآرتس العبرية، عن دائرة ضمن الإدارة المدنية الإسرائيلية تعمل ضمن مبدأ "خذ واعط"، وتتمحور مهمتها في تنمية علاقات مع فلسطينيين يطلق عليهم اسم "متحدثون/محاورون"، بحيث تتيح إنشاء علاقة اجتماعية معهم ‏تفيد "إسرائيل" في الأوضاع المتوترة، وذلك مقابل تقديم خدمات أساسية لهم مثل تصاريح السفر والعلاج وغير ذلك.

اقرأ أيضاً: كتاب إسرائيليون: المحاولات لوقف الاتفاق النووي "ميؤوس منها"

وأفاد "متان"، وهو جندي مسرح، أنه كان هناك فلسطينيون تعودوا على المجيء إلى القاعدة التي كان ‏يخدم فيها في المساء، للالتقاء مع ضباط كبار، مقابل إصدار تصاريح حركة لهم ولأبنائهم. 

كما قدم جنود آخرون خدموا في السنوات الأخيرة في ‏وحدة الإدارة المدنية الإسرائيلية، في عدة مناطق في الضفة لمجموعة "كسر الصمت" شهادات عن وحدة تسمى ‏‏"المتحدثون"، وهم فلسطينيون تقيم الإدارة المدنية معهم علاقات خاصة من قبيل "خذ واعط"، أي أعط معلومات ‏وتقديرات عامة عن الوضع في الشارع الفلسطيني، وخذ تصاريح حركة بسهولة، لك ولأبناء عائلتك وربما ‏لأصدقائك ولمقربين آخرين.

وزعمت "هآرتس" أنها تحدثت مع عدد من الفلسطينيين عن هذه الظاهرة، بعضهم كانوا غير متسامحين، وقالوا إن الأمر يتعلق بمتعاونين تماما، يعملون بصورة أنانية، فيما أظهر آخرون تفهما أكبر، وأسموهم "عملاء لايت".

من جانبه، قال مصدر فلسطيني في إدارة الشؤون المدنية للصحيفة العبرية إن الجانب الإسرائيلي يفعل ذلك بشكل متعمد، فهو يتباطأ عن قصد في إعطاء إجابة على الطلبات التي تحول إليه من قبلهم، ما يدفع الناس للذهاب مباشرة إلى الإدارة المدنية، وعندها السقوط في شبكة "المتحاورين".

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo