ورقة سياسية: إنهاء الاعتقال الإداري بحاجة لجهود مركزة من السلطة والمجتمع

سجون الاحتلال الاسرائيلي
سجون الاحتلال الاسرائيلي

انخرط المعتقلون الإداريون الفلسطينيون في يناير الماضي في مقاطعة جماعية للمحاكم الإسرائيلية تحت شعار: "قرارنا حرية"، رفضًا لسياسة الاعتقال الإداري، بعد أن وصلوا إلى "طريق مسدود" في المفاوضات مع جهاز الشاباك ومصلحة السجون الإسرائيلية، قبل أن يعلنوا في يونيو الماضي انتهاء المقاطعة بعد تحقيق بعض المطالب.

ووصف المعتقلون حينها الأذى الجسدي والنفسي الذي يلحق بهم جراء سياسة الإداري، ودعوا إلى التضامن معهم ودعمهم في مقاطعتهم المحاكمَ العسكرية التي اتهموها بأنها تشكل غطاءً للجرائم الإسرائيلية التي تمارس بحقهم.

وتستخدم حكومة الاحتلال الاعتقال الإداري كعقاب جماعي ضد الفلسطينيين، رغم أنه محظور في القانون الدولي، حيث تحتجز سلطات الاحتلال حالياً مئات المعتقلين الإداريين في سجونها وتصنفهم كخطر على "الأمن" والنظام العام" في جميع أنحاء فلسطين المحتلة، ومن ثم يحتجزهم إلى أجلٍ غير مسمى دون توجيه اتهام لهم أو عرضهم على المحكمة.

وخلال ورقة سياسية نشرتها شبكة السياسات الفلسطينية "الشبكة" لباسل فراج الباحث والمختص في شؤون الأسرى يبين الباحث السياقَ التاريخي والقانوني للاعتقال الإداري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، ويشرح ارتباطه بإطار العمل العام في المحاكم العسكرية الإسرائيلية وبتجريمها النشاطَ الفلسطيني.

اقرأ أيضاً: كتٌاب.. الجهاد وقع فريسة خطة إسرائيلية والحروب لا تدار بالعواطف

وأكدت الورقة أن إسرائيل لا تستخدم الاعتقال الإداري كإجراء "وقائي" في ظروف "استثنائية،" وإنما كسياسة جوهرية تلحق ضررًا مستديمًا بالمعتقلين الفلسطينيين وعائلاتهم والمؤسسات المدنية والسياسية الفلسطينية عمومًا، كما تعتبرها شكلًا من أشكال الحرب النفسية، حيث تزج بالمعتقلين وعائلاتهم في حالة دائمة من الانتظار، فلا يعلم المعتقلون أبدًا متى سيُطلَقُ سراحُهم.

ويعود تاريخ استخدام الاعتقال الإداري في فلسطين إلى عهد الانتداب البريطاني، عندما تبنت الحكومة الاستعمارية نظام (الطوارئ) لعام 1945، وفرضت بموجبه الأحكام العرفية في فلسطين.

وعند نشأته تبنى النظام الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي عام 1948 نظام الطوارئ، وسنَّ قوانين مختلفة على مر السنين للسماح بالاحتجاز المطول للفلسطينيين بذريعة الحفاظ على "الأمن" والنظام العام".

ويَستخدم النظام الإسرائيلي في الوقت الحاضر ثلاثة قوانين وأوامر منفصلة لتبرير الاعتقال الإداري وتسهيل تنفيذه ضد الفلسطينيين وهي (الأمر العسكري، قانون المقاتل غير الشرعي، وقانون صلاحيات ساعة الطوارئ).

وقال الباحث إن المعتقلين الفلسطينيين استخدموا أساليب متنوعة للتصدي لسياسة الاعتقال الإداري، حيث قاد المعتقلون على مدى عقود الاحتلال احتجاجات داخل السجون، وإضراباتٍ فرديةً وجماعيةً عن الطعام، ومقاطعات للمحاكم العسكرية وعملياتها القضائية - وقد جوبهت هذه الأساليب غالبًا بإجراءات عنيفة وعقابية.

ووثّقت منظمة العفو الدولية دخول المعتقلين الإداريين في إضراب عن الطعام في سجن النقب في فبراير عام 1989. وتواصلت في عقد التسعينات مقاومة المعتقلين لهذه السياسة، فبعد توقيع اتفاقات أوسلو، أعلن المعتَقلون مقاطَعتهم الأولى للمحاكم العسكرية في 4 أغسطس 1996. واستمرت تلك المقاطعة ستة أشهر ولم تُسفر عن أي تغييرات ملموسة، وأقدَمَ المعتَقلون حينها على حرق أسِرَّتهم الخشبية وخيام السجون احتجاجًا على اعتقالهم.

وتطرقت الورقة أيضا إلى الإضراب الأول عن الطعام الذي نفذه المعتقل الإداري "خضر عدنان" في ديسمبر 2011، واستمر ٦٦ يومًا مطالبًا بإنهاء اعتقاله الإداري والإفراج عنه فورًا، ولاحقّا تبع عشرات المعتقلين الإداريين خطى عدنان بعد إضرابه الأول معلنين إضراباتهم الفردية عن الطعام.

اقرأ أيضاً: العدوان على غزة.. مواجهة خطرة وسط حسابات معقدة

وقال الباحث إن جدوى الإضرابات الفردية عن الطعام على وجه التحديد محلَّ نقاش مستمر بين الفلسطينيين، رغم أنها حظيت باهتمام دولي، وأبرزت المكانة المحورية للاعتقال الإداري عند الاحتلال، موضحا أن نجاحها اقتصر على تأمين الإفراج عن معتقلين أفراد فقط.

كما أبرزت الورقة المقاطعة الجماعية للمحاكم العسكرية التي نفذها المعتقلون الإداريون مطلع هذا العام، كجزء من المقاومة الفلسطينية الأعم ضد سياسات الاحتلال العنصرية، ورغم أن المقاطعة انتهت في حزيران/يونيو الماضي بتحقيق بعض المكاسب للمعتقلين، إلا أنها أكدت أن التحرك الجماعي ضروري لحَمل النظام الإسرائيلي على التوقف عن استخدام الاعتقال الإداري.

ومن هذا المنطلق دعت الورقة السلطة الفلسطينية ولجنة شؤون الأسرى والمحررين لوضع المجتمع الدولي في صورة الآثار الضارة التي يُخلِّفها الاعتقال الإداري على الفلسطينيين، كما دعت منظمات المجتمع المدني الفلسطيني إلى حشد الدعم للمعتقلين الإداريين على الصعيدين المحلي والدولي.

وطالب الباحث من خلال ورقته الفلسطينيين وأسر المعتقلين الإداريين تنظيم الفعاليات والاحتجاجات العامة على نحو أكثر فاعلية لدعم الأسرى، وتشكيل لجنة عمل لتركيز جهود التضامن مع المعتقلين، وذلك على غرار لجان أخرى أُنشأت في فلسطين وخارجها، مثل لجنة أمهات بلازا دي مايو الأرجنتينية، من أجل إلقاء المزيد من الضوء على التأثير الأوسع لسياسة الاعتقال الإداري على المجتمع الفلسطيني.

كما حث مجموعات التضامن الدولية مع فلسطين أن تُدرجَ نظام السجون الإسرائيلي ضمن حملاتها الداعية إلى المقاطعة وسحب الاستثمارات.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo