العدوان على غزة.. مواجهة خطرة وسط حسابات معقدة

العدوان الإسرائيلي على غزة
العدوان الإسرائيلي على غزة

خلال عملية مشتركة لجيش الاحتلال وجهاز الشاباك، اغتالت "إسرائيل" الشهيد تيسير الجعبري القيادي البارز في حركة الجهاد الاسلامي ومسؤول منطقة شمال القطاع في سرايا القدس الجناح العسكري للحركة.

ولاحقا أعلن جيش الاحتلال -في بيان له- بدء عملية عسكرية في قطاع غزة تحت اسم "الفجر الصادق"، استهدف فيها مواقع وشخصيات قيادية تابعة لحركة الجهاد في القطاع، ما دفع حركة الجهاد للرد بإطلاق عشرات الصواريخ تجاه مستوطنات غلاف غزة والمدن الإسرائيلية.

ورأى "طارق فهمي" الخبير السياسي المصري أن الضربات التي وجهتها المقاومة في غزة ضد الأهداف الاسرائيلية رمزية، وأن انتقالها للعمق في المواقع الاستراتيجية يحتاج لقرار جامع ليس من حركة حماس فقط، موضحًا أنه وحتى الساعة لم توجه الصواريخ لموانئ وطرق استراتيجية أو مقرات عسكرية اسرائيلية، وهو ما يشير إلى أهداف أخرى لم تدخل في المواجهة بعد.

وأضاف أن المواجهة الراهنة حتى اللحظة تختلف عن المواجهة قبل الأخيرة التي استمرت ١١ يوما، فمعدل الضربات وإطلاق الصواريخ لا زال محدودا، مقارنة بحجم المواجهة التي امتدت وانتقلت من الأسلوب التكتيكي إلى الاستراتيجي.

المصريون قادرون على وقف المواجهة

وقال "الخبير المصري" إن اغتيال "الجعبري" اتخذ من أعلى مؤسسات أجهزة المعلومات الاسرائيلية، وإن استدعاء قوات الاحتياطي في جيش الاحتلال إجراء روتيني ليس فيه جديد، ويتكرر مع كل مواجهة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن استهداف حركة الجهاد وملاحقة عناصرها يشكل رسالة إلى إيران.

اقرأ أيضاً: "الطنطورة".. وثائقي إسرائيلي يعرض شهادات مروعة لذبح الفلسطينيين خلال النكبة

وأكد "فهمي" أن الجانب المصري وحده قادر على وقف هذه المواجهة إن توفرت الإرادة السياسية من قبل الطرفين، مبينا أن الإدارة الأمريكية ستبقى تراقب ما يجري، وأنها لن تتدخل بصورة جدية إلا إذا تجاوزت المواجهة الخطوط الحمراء، كما أكد "الخبير المصري" أن حركة حماس ليست المستهدفة في تلك المواجهة، لكنها الطرف القوي، والمسؤولة عن إدارتها من خلال غرفة العمليات المشتركة، بحسب رأيه.

وكشف الخبير المصري أن المستوى العسكري الإسرائيلي يحاول أن يثبت قدرته في القيادة من خلال هذا التصعيد، ويقدم نفسه كبديل عن المستوي السياسي الذي يبدو ضعيفا جدا لخوض الانتخابات المقبلة، مبينا أن هذه المواجهة ستشكل فرصًة لاختبار قدرات جيش الاحتلال وامكانياته بعد تنفيذ مشروع تطوير الجيش، وتحويله لجيش ذكي قوامه ١٠٠ الف جندي، وفق خطة التطوير التي أعلن عنها والتي تنتهي في نوفمبر ٢٠٢٤.

وفي السياق كشف السياسي المصري أن هناك تيارًا منتفعًا في قطاع غزة يريد استثمار ما يجري لحسابات ضيقة، واستعادة إدارة المشهد السياسي بعد لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس محمود عباس.

تفكيك "وحدة الساحات"

من جهته اعتبر "معز كراجة" الكاتب الصحفي الفلسطيني هذا العدوان الأخطر منذ عدوان 2014، وأن الاحتلال يذهب للمواجهة بقرار مسبق، بعد أن بدأ الترويج الاعلامي لها قبل أسبوعين، بنشر خرائط تحريضية لمواقع عسكرية للمقاومة بين السكان الفلسطينيين.

وأكد "كراجة" أن الاحتلال يذهب ولأول مرة للمعركة بأهداف سياسية واضحة يتصرف وفقها، وهو تفكيك "وحدة الساحات" وكبح جماح المقاومة في الضفة، بعد أن استطاعت الجهاد خلق نواة صلبة للنضال مركزها جنين، والتي باتت تهدد "استقرار" الضفة، وهو ما يفسر اعتقال جيش الاحتلال لأكثر من ٢٢ عنصرا من الجهاد الإسلامي صباح اليوم الثاني للعدوان على غزة.

وقال الكاتب الصحفي إن الهجوم على الجهاد في الضفة وغزة يأتي في سياق إنجاز وطني فلسطيني حققته المقاومة عموما في "سيف القدس" يتمثل بالربط بين جغرافية فلسطين التاريخية، مشددا على أن وقف هذه المواجهة دون مشاركة كل قوى المقاومة وعلى رأسها حركة حماس، يعني أن الاحتلال قد حقق هدفا استراتيجيا، وأضر كثير بإنجاز "وحدة الساحات".

الرد الصاروخي وحده لا يكفي

بدروه نفى "حسن عصفور" الكاتب والسياسي الفلسطيني أن يكون العدوان الإسرائيلي ضمن "الرد الأمني" الاستباقي، كما يزعم الاحتلال، بل أكد أنه يأتي في سياق الفعل السياسي مركب الأبعاد والأهداف، والذي يرتبط بالشأن الداخلي بعد أن كشفت غالبية استطلاعات الرأي الإسرائيلية، أن قادة حكومة الاحتلال الحالية إلى زاول.

اقرأ أيضاً: صفقة الأسرى بين المقاومة والاحتلال.. ثماني سنواتٍ فشلت في إذابة الجليدِ

وإلى جانب هذا الهدف تراهن حكومة الاحتلال بقيادة "لابيد-غانتس" على إحداث شرخ سياسي داخل التحالف القائم في قطاع غزة، والذي تعزز مؤخرا بين حكم حماس وحركة الجهاد.

ورأى "عصفور" أن هذا الهدف يمثل نقطة جوهرية هامة بين أهداف حكومة لابيد من وراء جريمة الحرب المضافة، ومعها وضع ما يسمى "محور القدس" من طهران الى بيروت أمام لحظة قياس جديدة بعد معركة الأعلام المقدسية.

واعتبر أن الرد الصاروخي من قطاع غزة، لن يمثل "ربحا سياسيا" كونه سيكون بحدود يمكن امتصاصها، مطالبا بتطوير قواعد الاشتباك مع العدو من الضفة والقدس، والتفكير بكل الطرق لاختراق عمق الكيان، معتبرا أن أي فعل مقاوم هناك في هذه الفترة الحساسة يماثل ثمنا موازيا لجريمة اغتيال "الجعبري" ويزيد.

وقال "عصفور" إن المسؤولية السياسية الأولى تبقى على عاتق الرسمية الفلسطينية، لتأكيد صفتها التمثيلية للشعب دون تمييز أو تقسيم، بأن ترفع ملف الجريمة كاملا وما رافقها من أقوال الى الأمم المتحدة، وكذا "الجنائية الدولية" كونها جريمة حرب أكثر وضوحا من جريمة حرب اغتيال شيرين أبو عاقلة، فهناك اعتراف نصي من قادة العدو، مع صور وشرائط مصورة وأقوال اعتراف لماذا قاموا بذلك".

بينما قال مروان أبو شريعة الكاتب الفلسطيني إن الطريق لمشروع الأمن مقابل الاقتصاد لا يُفتح إلا من خلال توجيه ضربة قوية لحركة الجهاد الإسلامي، وذلك وفق الرؤية الإسرائيلية، دون أن يستبعد أن طبيعة الصراع في فلسطين أعقد وأكبر من هذه الحسابات، وأن الشعب الفلسطيني سيحرق أصابع من يعتدي عليه وعلى مقاومته.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo