التجمعات البدوية بمنطقة E1

على عكس المأمول: أموال المانحين رسخت الاستيطان والفصل العنصري 

الاستيطان في الضفة الغربية
الاستيطان في الضفة الغربية

واجه البدو الفلسطينيون في السنوات الأخيرة موجةً ثانية من التشريد والتهجير القسري، بعد أن طردهم الاحتلال في بادئ الأمر من أراضيهم في "تل عراد" في النقب المحتل، وأجبرتهم على الانتقال إلى المنطقة المعروفة الآن باسم E1، التي تقع في المنطقة (ج) وسط الضفة الفلسطينية المحتلة.

وأقدمت سلطات الاحتلال على تدمير 315 مبنى فلسطينيًا داخل المجتمعات البدوية الثمانية عشر القاطنة في ممر E1 بين عامي 2009 و2020، وكان 133 مبنى من تلك المباني قد بُني بأموال المانحين، وتسبب الدمار في تشريد 842 بدويًا من أصل 3000 بدوي فلسطيني يقطنون في تلك المنطقة. 

وترى شبكة السياسيات الفلسطينية "الشبكة" أن مساعدات المانحين فشلت في حماية المجتمعات البدوية الفلسطينية في ممر E1 من سياسات النظام الإسرائيلي القمعية، وعلى العكس رسخت تلك المساعدات الوضع الراهن للتوسع الاستيطاني والفصل العنصري.

وبينت محللة السياسات في الشبكة "تمارا التميمي" والكاتب "أسامة الرشق" من خلال ورقة سياسية أن برامج المساعدات لم تُصمَّم بالتشاور مع المجتمعات البدوية، ولم تعكس أولوياتهم وتطلعاتهم، فضلًا على أن تلك المساعدات غير مسيَّسة في جوهرها وتقتصر على الإعانات الإنسانية الهادفة إلى التخفيف من تداعيات الفصل العنصري. 

اقرأ أيضاً: استطلاع: فارق1% بين الشيخ والسنوار والبرغوثي يتصدر فرص الرئاسة

وتكشف الورقة أنه بالإضافة إلى عمليات الهدم، تعمل إسرائيل على تضييق ظروف العيش على البدو وتحرمهم من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية الأساسية، بما فيها المؤسسات التعليمية، ومرافق الرعاية الصحية، والمياه، والكهرباء، ونظام الطرق الفعال، ووسائل النقل المناسبة.

وتؤكد الورقة أن الدعم الذي تقدمه السلطة الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني والوكالات الدولية للمجتمعات البدوية في ممر E1، يعود بالضرر في نهاية المطاف على المستفيدين، لأنها لا تعكس في كثير من الأحيان احتياجات المجتمعات البدوية، وتساعد في استدامة ظروف الفصل العنصري الإسرائيلي - بدلاً من التصدي للأسباب الجذرية لمعاناة الفلسطينيين.

وأضافت أن المساعدات تدور في حلقة مفرغة حينما يساعد المانحون المجتمعات البدوية في إعادة البناء والتعمير بعد عمليات الهدم الإسرائيلية، لتقوم إسرائيل بعدها بتدمير تلك المشاريع التي موَّلها المانحون.

وبينت "الورقة" أن استثمار المانحين في خطة "نسيج الحياة" التي طرحها الإسرائيليون عام 2004 لتطوير بنية الطرق التحتية، وتشيّد طرقًا مخصصة لاستخدام الفلسطينيين فقط، ساهم في فصلهم عن الطرق التي تخدم المستوطنات الإسرائيلية.

وبالرغم من رفض السلطة الفلسطينية ومجتمع المانحين للخطة في بادئ الأمر، إلا أنَّ تقريرًا صادرًا في 2010 كشفَ بأن 32% من الطرق الفلسطينية التي مولتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بين عامي 1999 و2010 تتطابق مع خطة "نسيج الحياة"، بعد أن ضغطت الوكالة الأمريكية على السلطة الفلسطينية لقبول الخطة كما هي دون تعديل.

ومن هذا المنطلق طالبت "الورقة" الدول المانحة بتبني نهج شمولي في النظر للإجراءات الإسرائيلية الخاصة بالهدم والمصادرة واعتبارها جزءً أساسياً من سياسات الاستعمار الاستيطاني والفصل العنصري، كما طالبت المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة العاملة في منطقة E1 أن تضع إجراءات واضحة ومتطلبات إبلاغ لضمان أن مشاريعها لا تستديم الفصل العنصري، وأن تعمل كوسيط لنقل أصوات وأولويات المجتمعات البدوية ومنظمات المجتمع المدني الفلسطينية إلى مجتمع المانحين.

اقرأ أيضاً: زيارة بايدن تغضب الفلسطينيين: سياسة أمريكا تجاهنا غارقة في التناقض والنفاق

ودعت "الشبكة" من خلالها ورقتها السياسية الهيئات القانونية الدولية أن تتوسط في عملية تقديم المساعدات لكي تحمي الدول المانحة من خلال صياغة أحكام تضمن عدم إقدام إسرائيل على حظر برامج المساعدات أو تقييدها.

كما حثت السلطة الفلسطينية القيام بمسؤولياتها تجاه المجتمعات البدوية من حيث التعليم والرعاية الصحية، وأن تنشر استراتيجيتها لدعم التجمعات البدوية مما يجعلها متاحة للعامة.

يذكر أن سلطات الاحتلال تسعى لعزل شرق مدينة القدس وتقسيم الضفة المحتلة من خلال ضم ممر E1، وجعل التواصل الجغرافي مستحيلًا بين أوصال الدولة الفلسطينية المستقبلية.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo