غياب الفصائل والأونروا..

الأزمة اللبنانية تدفع اللاجئين إلى الفقر الشديد والهجرة

مظاهرات من اللاجئين الفلسطينين في لبنان
مظاهرات من اللاجئين الفلسطينين في لبنان

تنهر أم الفضل طفلها أحمد، ذي السبع سنوات، بعدما رأته قد رمى ما تبقى من الساندوتش الخاص به في القمامة. 

أمرٌ، لو حدث في السابق، لما تفاعل معه أحد، ولم يثر ردة فعل، ولم يجعلني أبدأ به تقريري هذا. 

فأم الفضل، "تدفع دم قلبها" حسب وصفها، حتى تتمكن من تحصيل ربطة الخبز لإطعام أطفالها، خصوصاً مع تفاقم أزمة الطحين التي يعيشها لبنان، حيث أصبح الخبز يباع في السوق السوداء وبأسعار خيالية أيضاً. 

مع مرور الأيام، تشتد الأزمة الاقتصادية في لبنان، وها هي تدخل عامها الرابع، وتجعل من اللاجئ الفلسطيني لا حول له ولا قوة، حتى أصبح تأمين طعام العائلة هو طموح صعب المنال.

مع كل هذه المآسي، والفقر الذي ينهش المخيمات الفلسطينية في لبنان، لا يجد اللاجئ أمامه إلا الأونروا، كمسؤول أول عن إعالته ومساعدته، انطلاقاً من اسمها "وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين".

ففي الفترة الأخيرة، ومنذ بدء العام الجاري تحديدا، ازدادت التحركات والاعتصامات المطلبية من الوكالة، حتى أصبح لا يمر يوم إلا وينظم اعتصام بأحد المخيمات، أو يتم إغلاق مكتب مدير مخيم احتحاجاً، حتى وصلت الأمور في بعض المرات لإغلاق المدارس.

03.jpeg

وفي السياق ذاته، أطلق مجموعة من الناشطين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية، إطاراً أطلقوا عليه "الحراك الفلسطيني الموحد".  

مع تأسيس الحراك، الذي يضم ناشطين من كل المخيمات تقريباً، أصبحت تأخذ المطالبات شكلاً مختلفاً ووسائل ضغط جديدة، ولعل أبرز ما ميّز "الحراك" هو توحيده الجهود وتنظيمه للأنشطة بحيث تكون ضمن خطة عمل واحدة، هدفها تحسين خدمات الوكالة للاجئي لبنان. 

اقرأ أيضاً: ورقة بحثية: السياسيون اللبنانيون والفلسطينيون يستخدمون حقوق اللاجئين لتحقيق مكاسب سياسية

وفي تعريفه لهذا الإطار، يقول محمود جمعة مسؤول الحراك في مخيمات جنوب لبنان في مقابلة خاصة مع "زوايا" : "الحراك هو إطار مستقل ومتواجد في معظم المخيمات، ويسعى جاهدا لكي يحقق بعض الخدمات وخاصة للفئات الفقيرة من خلال الضغط على الأونروا، كي تعيد النظر ببرامجها وخدماتها بناء على المتغيرات والأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد".

وعند سؤاله عن مطالب الحراك الأساسية، أجاب جمعة: تتمثل مطالب الحراك، بتحسين التقديمات الإغاثية، أي فتح ملف حالات العسر الشديد (الشؤون) لإضافة عائلات جديدة، لان الأزمة اللبنانية ضاعفت من عدد العائلات المحتاجة ذات العسر. أما على صعيد الاستشفاء، فلبنان يعيش أزمة حادة في نقصان الأدوية والخدمات الصحية، وعلى الانروا تحسين خدماتها بمراكزها الصحية، وتقديماتها في المشافي اللبنانية ، لانها تعطي مبلغ قليل جدا من الفاتورة"

كمًا يؤكد "جمعة" لموقع "زوايا" على أحقية طلاب مخيم البرج الشمالي ببناء مدرسة ثانوية لهم، أسوةً بباقي مخيمات الجنوب ولبنان، لما يترتب على المواصلات من أعباء مالية على الطلبة و ذويهم،، و يطالب سكان مخيم البرج الشمالي، ببناء ثانوية لهم في المخيم منذ زمن بعيد، لأن طلابهم يتجهون الى مخيم الرشيدية الذي يبعد مسافة لا تقل عن عشرة كيلو مترات، عدا عن الازدحام الخانق والمشاكل اللوجستية، وهذا يُرتب اصلا اعباء مالية على الآهل، خصوصا مع أزمة انقطاع البنزين وارتفاع كلفته.

وكأي اطار حديث العهد، يتساءل الناس فيما بينهم عن تبعية أو انتماء هذا المكوّن، بينما يؤكد ناشطو الحراك بانه مستقل سياسياً، ولديه علاقات جيدة مع كافة الاحزاب والفصائل الفلسطينية واللبنانية حتى. 

جهود الحراك والرأي العام استمرت وتنوعت، فقد نفذوا عدة اعتصامات أمام مبنى الوكالة الرئيسي في بيروت، وصعّدوا إجراءاتهم حتى منعوا الموظفين في إحدى المرات من مغادرة مكاتبهم، وطالبوا "كلاوديو كوردوني" مدير عام الأونروا بلبنان بتحسين الوضع وزيادة التقديمات وإضافة عائلات جديدة على قائمة مستفيدي حالات العسر الشديد، حتى أثمرت هذه الجهود، بموافقة الوكالة على تقديم مبلغ خمسين دولارا أمريكيا لمرة واحدة لجُل فلسطينيي لبنان. 

وبناء على ما تقدم، لا يجد اللاجئون في لبنان، سوى باب الأونروا لكي يطرقوه، لكن ماذا عن الوكالة وماذا في جعبتها ؟

تقول هدى السمرة الناطقة الرسمية باسم الأونروا في لبنان بمقابلة حصرية مع "زوايا": "إن الوكالة تتفق مع مطالب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتعي حجم الأزمة وهول الأرقام والنسب في الفقر والبطالة". تشير النسب الى ارتفاع نسب الفقر مع بداية العام الحالي في مخيمات لبنان، الى اكثر من مئة، حيث الالاف من العائلات لا تستطيع تامين قوت يومها ولا ادنى الخدمات لأطفالها.

أيضا هناك اكثر من خمسة الاف منزل بحاجة لترميم، ويعتبر قاطنوها مهددين ان تقع البيوت على رؤوسهم.

كما يفيد الباحث الفلسطيني "فتحي كليب في دراسته" الى ارتفاع نسبة البطالة الى اكثر من ثمانين بالمئة في صفوف العائلات الفلسطينية.

وتتابع السمرة "قدمنا مساعدات نقدية ثلاث مرات خلال العامين الماضيين ونسعى دائماً لتحسين هذه التقديمات". 

04.jpeg

وفي هذا السياق، تقول السمرة: "لقد أطلقنا نداءً عاجلاً في بداية العام الحالي من لبنان، للدول المانحة حتى يزيدوا من تقديماتهم المالية، لكي نتمكن من تثبيت مساعدات مستدامة، لأن الوكالة أصلًا تعيش في أزمة مالية خانقة". 

اقرأ أيضاً: (فيديو) فلسطينيو الشتات لـ"زوايا": نعيش أوضاعاً مأساوية وإشراكنا في الانتخابات ضرورة

وفي هذا الإطار، لا يتوقع أشد المتفائلين، تحسناً أو انفراجاً في المدى القريب للأزمة اللبنانية، لا بل على العكس، الأمور تزداد سوءاً، والمشاكل تتضاعف، وفي ظل هذه الدوامة، تئن المخيمات الفلسطينية، ويهرع سكانها من اللاجئين إلى الأونروا، علّهم يجدون متنفساً لديها.

حالياً، ما إن تطأ قدميك أرض مخيمٍ فلسطيني في لبنان، الا وستسمع حديثًا عن الهجرة، الهجرة التي اصبحت أشد ما يتمناه المرء هناك، دون الاكتراث بالوسيلة للوصول، بالبحر او النهر او الغابات، فقد يؤدي هذا الى مفارقة الحياة، فصحيح ان الوصول مهم، لكن مغادرة لبنان هي الأهم عند اللاجئين.

بين كل هذا المعترك، تغيب الفصائل بشكل واضح عن الصورة، لا مبادرات حقيقية تخفف من المعاناة، ولا علاج مدروس او تظافر جهود للتخفيف على اللاجئ الفلسطيني، فالحريُّ بهم تنظيم فرص عمل للشباب ومحاربة انتشار افة المخدرات، وحشد دعم حقيقي مع المغتربين والجمعيات والاونروا لإيجاد خطة اغاثية حقيقة تحمي العائلة الفلسطينية من ذُل الفقر وهوانه.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo