ورقة اقتصادية تتهم الحكومة الفلسطينية بالفساد وتطرح بدائل للإنفاق العام 

الحكومة الفلسطينية
الحكومة الفلسطينية

تكشف المؤشرات الاقتصادية في فلسطين مدى ضعف وقصور سياسات الإنفاق العام التي تنتهجه الحكومة الفلسطينية، بسبب سوء توزيع نسب الإنفاق على بنود الموازنة العامة الخاصة بقطاعات التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية، رغم أن الحكومة تعتبر هذه القطاعات أولويات بالنسبة لها.

وتكمن المشكلة بحسب ورقة أعدها مشاركون ومشاركات في برنامج "التفكير الاستراتيجي وإعداد السياسات" في دورته السابعة، الذي ينفذه "مركز مسارات"، في قصور سياسات الإنفاق العام عن تحقيق نوع من المساواة بين طبقات المجتمع الفلسطيني المختلفة.

عند النظر إلى سياسات الإنفاق التي تتبعها الحكومة الفلسطينية على القطاعات الاجتماعية، ومقارنتها بسياسات الخطة الوطنية للتنمية، يظهر بعض التناقض في تطبيقها

حيث يشكل الإنفاق الحكومي على قطاعات الصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية نسبة 42% من إجمالي الإنفاق العام، فيما يتركز الإنفاق الحكومي على قطاع الأمن الذي يحظى بنسبة 20% من الإجمالي؛ أي حوالي نصف ما يتم إنفاقه على القطاعات الاجتماعية مجتمعة.

وكشف المشاركون في الورقة الاقتصادية أن الفساد وضعف الشفافية في إدارة المال العام والتبعية الاقتصادية للاحتلال، من أبرز الأسباب التي تغذّي الضعف والقصور في سياسات الإنفاق الحكومي، بالإضافة لضعف وتقادم الأطر القانونية للسياسات الضريبية في الأراضي الفلسطينية، وغياب السياسات المالية الداعمة للاحتياجات الأساسية للمواطن الفلسطيني، وتغليب قطاعات حكومية على أخرى مجتمعية أكثر حاجة، وعدم القدرة على إدارة الموارد التنموية وتوحيدها.

اقرأ أيضاً: كيف فشلت السلطة الفلسطينية في إدارة ملف القدس؟

وأشارت الورقة إلى مجموعة من الآثار السلبية التي ترتبت بعدم التوزيع العادل للموارد في القطاعات الاجتماعية، من بينها تدنّي مستويات التعليم في فلسطين، وانعدام قدرة الفرد والأسر الفلسطينية على الوصول إلى الخدمات الصحيّة، وارتفاع أعداد العائلات الفلسطينية المصنفة تحت خط الفقر، ما فاقم الوضع المعيشي بالضفة وقطاع غزة.

وقدّمت الورقة ثلاثة بدائل من شأنها أن تساهم في ضمان تحقيق العدالة في توزيع الموارد، بالنظر للمصلحة المجتمعية العامة التي تَفْرِض تحقّق العدالة الاجتماعية، وواقعية البدائل وإمكانية تنفيذها؛ والنتائج الفاعلة في حال العمل على تطبيق هذه البدائل وتطوير سياسات الإنفاق العام.

ويقوم البديل الأول على إعادة بناء السياسة الضريبية المتبعة حاليًا، نحو سياسة ضريبية تصاعدية، تركز أكثر على جباية الضرائب المباشرة (ضريبتي الدخل والثروة)، إضافة إلى زيادة عدد الشرائح الضريبية عمودية الدخل؛ لضمان نوع من العدالة الاجتماعية، والعمل على رفع نسبة الضريبة الحدّية على الشرائح التي تحقق دخلًا شخصيًا مرتفعًا للأفراد، أو تحقق عائدًا كبيرًا وسريعًا على الاستثمار. 

أما البديل الثاني فيقوم على فكرة اقتراح خطة استراتيجية للتحلّل التدريجي من اتفاقية باريس الاقتصادية وفق إطار زمني محدد، والتحلّل من التبعية للسوق والاقتصاد الإسرائيليَيْن، والتحايل على النظام الضريبي الذي يفرض نسبة قيمة مضافة عالية تبلغ 16%، بمقارنته مع فرق الدخل بين فلسطين و"إسرائيل"، الذي يصل إلى ثلاثة أضعاف.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد الفلسطيني بين السيناريو المتفائل والمتشائم

فيما يقوم البديل على فكرة تبنّي إنشاء حكومات محلية للمناطق، على أن تُعطى هذه الحكومات صلاحية تخطيط وتنفيذ سياسات الإنفاق في مناطقها، طبقًا للمحددات الخاصة بكل منطقة، على أن يتم تمويل مثل هذا الإنفاق من الإيرادات التي يتم تحصيلها من نفس المنطقة نظراً للتفاوت الكبير بين المناطق الفلسطينية في مستويات الدخل والتشغيل ومعدلات الأجور.

وأشارت الورقة إلى أن جميع البدائل تخضع المقترحة تخضع إلى عامل الإرادة الوطنية بشكل رئيسي وحاسم، وتطبيق أيّ منها يمكن أن يحدث الفارق في الإنفاق العام الذي يضمن عدالة التوزيع للموارد، وتعزيز "الإنفاق الاجتماعي" على قطاعات التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية.

يذكر أن فلسطين حصلت عالميًا على الترتيب 118 من أصل 158 دولة، على مقياس مؤشر الالتزام بالحدّ من اللامساواة للعام 2020، الذي يقيّم مدى التزام الحكومات من خلال سياساتها المطبقة بالحدّ من اللامساواة، وهذا الترتيب يدق ناقوس الخطر، بسبب انخفاض تقييم دولة فلسطين بحوالي 33 درجة في العام 2020 مقارنة بالعام 2018؛ ما يدلل على وجود مشكلة حقيقية في سياسات الإنفاق العام الفلسطينية.

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo