توتر بين "حماس" و"فتح" يعكر حياة اللاجئين الفلسطينيين بلبنان

اللاجئين الفلسطينيين
اللاجئين الفلسطينيين

في الأيام القليلة الماضية، عاد التوتر إلى مخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، على خلفية اشكال نشب بين عناصر من حركتي فتح وحماس.

المناوشات جاءت بعد قرار القوة الامنية التابعة لفتح تركيب كاميرات مراقبة في احياء وزواريب المخيم "لتعزيز الأمن" حسب البيان الصادر.

وأثارت الخطوة الفتحاوية حفيظة حركة حماس، خصوصا بعد محاولة عناصر من القوة الأمنية بتركيب كاميرات مواجهة لمقر رئيسي لحماس في المخيم.

تم حل الموضوع قبل ان يتطور. لكن سكان المخيم يعرفون أن القضية بين الحركتين لم تنته وقد تشتعل الأمور في أي وقت حسب موقع البرج الاخباري.

تأتي هذه المناوشات على خلفية الأحداث التي عصفت بمخيم البرج الشمالي في كانون الأول من العام الماضي.

في ذلك الشهر، حدث انفجار في مسجد أبي بن كعب التابع لحركة حماس، راح ضحيته حمزة شاهين، وأثناء تشييعه بمشاركة ممثلين من الاحزاب الفلسطينية واللبنانية وحشد كبير من سكان المخيمات الفلسطينية في لبنان تفاجئ الجميع بإطلاق نار على المشيعين سقط على إثره ثلاثة عناصر من حماس بالإضافة إلى تسعة جرحى.

واتهمت حماس حينها عناصر الأمن الوطني التابعين لفتح باستهداف الجنازة، وأصدرت بيانا حاد اللهجة يتوعد المتهمين، وردت القيادة الفتحاوية في لبنان بنفي أي علاقة لها بالحادث.

منذ ذلك الحين، والقضية لم تهدأ، فحماس لا تزال تطالب بتسليم مطلقي النار للدولة اللبنانية، وتقول إنهم معروفين ولديها دلائل على ذلك، فيما تنفي فتح أي دور لها.

تبع ذلك أن اعتقلت الدولة اللبنانية عددا من المطلوبين في القضية، ثم أطلقت سراح بعض منهم، بينما قاد أهالي الموقوفين سلسلة تحركات وصلت حد إغلاق الشارع الرئيسي للمخيم، اعتراضا على اعتقال أبنائهم.

انعكاسات الحدث على يوميات اللاجئين

وكرد فعل على الحدث، أعلنت حماس انسحابها من أي إطار يجمعها بفتح، بينما ردت فتح بالمثل، وانعكس ذلك بشكل مباشر على حياة اللاجئين بالبرج الشمالي خصوصا ولبنان عموما.

فعلى سبيل المثال، قامت اللجان الأهلية التابعة لحماس في بداية شباط الفائت بإغلاق مدارس الأونروا في المخيمات الفلسطينية، بسبب العاصفة الثلجية التي ضربت البلد، بحجة أن المنشآت التعليمية لا تملك وسائل تدفئة.

لكن اللجان الشعبية التابعة لمنظمة التحرير وعلى رأسها فتح أصدرت بيانا أعلنت فيه بأن المدراس ستعمل بشكل طبيعي.

أحدث ذلك اضطرابا لدى اللاجئين، وقال أحدهم في سياق شر البلية ما يضحك "يلي ابنه بحماس يعطله عن المدرسة، ويلي ابنه بفتح يداوم".

اقرأ أيضاً: دراسة: "اللجان الشعبية".. طريق التحرير بين عرقله الإحتلال وتواطؤ السلطة

لم يكن ينقص سكان مخيم البرج الشمالي إلا هكذا حدث لتكتمل سلسلة الأزمات التي يعيشونها، حيث ضربت الأزمة الاقتصادية اللبنانية حياة اللاجئين هناك بشكل مباشر، خصوصا وأن المخيم الواقع بالجنوب، يعتبر البقعة الجغرافية الأكبر في لبنان التي تحوي مرضى فقر الدم (التلاسيميا) – حسب لجنة مرضى التلاسيميا في المخيم ، الذين يحتاجون لعناية ورعاية خاصة في ظل انقطاع الأدوية. يقول محمد ابن مخيم البرج الشمالي لزوايا "لم يعد المخيم كما السابق. كانت لدي مجموعة من الأصدقاء نسهر يوميا ونلعب الورق في المقهى. كنا نتحدث السياسة ونتطرق للخلافات بين الفصائل بفكاهة وضحك. لكن منذ الأحداث لم نجلس سويا. ترى الحقد في عيون أصدقاء العمر والابتسامات الكاذبة. أتمنى أن ينتهي الموضوع بشكل سريع. المخيم يتألم بشكل حقيقي".

ويضيف محمد، الذي رفض ذكر اسمه كاملا، خوفا من تداعيات تصريحاته على حياته "لا تستطيع المشي في المخيم ليلا لوحدك. الكثير من الاستفزازت قد تحدث، والأمور على كف عفريت قد تشتعل في أي لحظة. لا أحد يعلم حال سكان البرج الشمالي إلا الله".

محاولات لتقييد الأزمة

من ناحيتها، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي، ومعها عدد من الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية عن مبادرة لتطويق الأزمة بين الطرفين، بسبب انعكاساتها الخطيرة على يوميات الناس.

لكن حماس أصدرت بيانا حول تلك المبادرة، قالت فيه على لسان ناطقها الإعلامي جهاد طه "ترفض الحركة التعامل مع أي مبادرة لتقريب وجهات النظر مع حركة "فتح" قبل تسليم الأخيرة المتورطين في ارتكاب جريمة إطلاق النار في مخيم البرج الشمالي جنوبي لبنان".

وأضاف البيان أن "فتح" تتذرع بأنهم لم يُبلغوا بتسليم المتورطين، وهذه أكاذيب للالتفاف حول أي قضية أو إجراء قانوني"، مطالبًا حركة فتح بأن "تتخذ موقفًا جريئًا وشفافًا أمام أبناء الشعب الفلسطيني بتسليم مرتكبي الجريمة النكراء، التي رفضها الكل الفلسطيني في لبنان وخارجها"

وأكد طه بأن حركته لن تقف مكتوفة الأيدي، ولن تسمح بمرور الحدث مرور الكرام، مشددا "نحن نتحمل مسؤولياتنا ولن ننجر لأي فتنة داخلية وسنبقى حريصين على أمن واستقرار مخيماتنا حتى التحرير والعودة".

وعادت فتح لترد في بيان جاء فيه "يهمنا التوضيح أن التصريح الذي أدلى به جهاد طه تضمن كالعادة الكثير من المغالطات والافتراءات والأكاذيب التي لا نعرف من أين أتى بها.

وتوضيحا للحقيقة، نؤكد أننا أدنّا وندين هذه الجريمة النكراء، والشهداء هم شهداء الشعب الفلسطيني، وتقدمنا ونقدم التعازي مجددا لأهلهم وذويهم، ونتمنى الشفاء العاجل لجميع الجرحى والمصابين في ذلك الحادث المؤسف". 

وأضاف "أبدينا استعدادنا لتسليم أي مشتبه به في هذه الجريمة النكراء للقضاء اللبناني الذي نثق به، ووصل عدد الذين قمنا بتسليهم حتى اليوم ستة أشخاص".

وفي هذا السياق، يقول أبو سامر موسى مسؤول العلاقات الخارجية في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان متحدثا لـ"زوايا" عن المبادرة التي أطلقتها حركته "إن المبادرة التي قمنا بها نحن وبعض الفصائل الفلسطينية، من أجل احتواء تداعيات جريمة البرج الشمالي، تهدف إلى تهيئة الأجواء وتمهيد الطريق أمام الوسطاء لمعالجة ذيول هذه الجريمة البشعة، وقطع الطريق على العابثين بأمن مخيماتنا، لجرها إلى فتنة خبيثة لا تخدم إلا العدو الصهيوني".

وأضاف: "هدفت المبادرة إلى وقف التراشق الإعلامي والتحريض، وإفساح المجال أمام القضاء اللبناني ليستكمل تحقيقاته، وينزل العقوبات بحق المجرمين والمرتكبين".

وحول مآلات المبادرة، أشار موسى إلى أن "المساعي لم تتوقف لحظة واحدة، وهناك عمل جاد، وخاصة من الإخوة في حركة أمل، إضافة إلى حزب الله إلى جانب الفصائل الفلسطينية التي تقوم بتهيئة الأجواء المناسبة للجلوس على طاول الحل، مع مراعاة عدم الانحياز كوسطاء، وحرصنا على التقريب بين فتح وحماس للوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين، تحفظ أمن مخيماتنا واستقرارها".

وتعيش المخيمات الفلسطينية اليوم في لبنان أزمة اقتصادية خانقة بالإضافة للحرمان من الحقوق المدنية، الأمر الذي أثقل كاهل اللاجئ الفلسطيني. وجاءت الأزمة بين الفصيلين الاكبر على الساحة الفلسطينية، لتزيد من آلام ومتاعب فلسطينيي لبنان.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo