باحث يطرح فرص وتحديات نجاح المصالحة الفلسطينية في الجزائر

pn7On.jpeg
pn7On.jpeg

اعتبر الباحث في وحدة الدراسات العربية والإقليمية عبد المنعم علي، أن اهتمام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بملف المصالحة الفلسطينية ودعوته للفصائل الفلسطينية لحوار وطني، يأتي استكمالًا لمسيرة الجزائر التاريخية في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الفلسطينيين كما حدث في احتضان حوارات المصالحة الفلسطينية في عامي 1987م و1984م، وحرصه على نجاح القمة العربية في مارس القادم، ولعب دور دبلوماسي مؤثر في ملفات خارجية هامة.

وأوضح الباحث علي في مقال له نشره المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الوساطة الجزائرية في ملف المصالحة الفلسطينية تواجهها عدة تحديات، معتبراً أن الملف الفلسطيني يمثل عبئاً مضاعفاً على عاتق الدول التي تتبنى هذا الملف وعلى رأسها مصر.

ونوه إلى أن الجزائر وفي ضوء مقوماتها الاقتصادية الضعيفة لن تكون ذات تأثير في تلك المساحة، إضافة إلى أن ترتيبات الملف الفلسطيني حتى على صعيد المصالحة البينية لا بد أن تتم من طرف يكون محل قبول وثقة من كافة الأطراف المعنية، سواء أكانت فلسطينية أم غير فلسطينية، وتفتقر الجزائر لحالة من التنسيق المتبادل مع الجانب الإسرائيلي وكذلك مع كافة القوى الإقليمية محل التأثير، بل أنها ترفض التطبيع مع "إسرائيل"، وتنظر بخطورة بالغة للتطبيع المغربي الإسرائيلي، إلى جانب رفضها لدخول "إسرائيل" عضو مراقب في الاتحاد الافريقي.

وتابع، أنه وعلى الرغم من السمعة الدبلوماسية للوساطة الجزائرية ونجاحها في عدد من القضايا، كما هو الحال بالنسبة للأزمة داخل مالي، وكذلك دورها خلال الحرب العراقية الإيرانية، واستضافتها اتفاقية السلام الموقّعة بين إريتريا وإثيوبيا؛ إلا أن حالة الانقسام الفلسطيني التي باتت عاملًا ثابتًا في المشهد الفلسطيني جعلت من الصعب إيجاد حل توافقي بشأن المصالحة، خاصة في ضوء التحديات المماثلة التي واجهت الوساطات الإقليمية.

إلى جانب أن المطالب المختلفة للفصائل الفلسطينية والتي يمكن أن تكون حجر عثرة أمام جهود الوساطة، والمتمثلة في طرح حركة حماس رؤيتها للحل بإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية وإجراء انتخابات شاملة، وفي مقابل ذلك أوضحت حركة وفقًا لما جاء في تصريحات المستشار زيد الأيوبي، أهمية أن تقترن الأقوال الصادرة عن حماس حول المؤتمر الجامع بالأفعال عبر خلق أجواء وطنية إيجابية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في غزة كإعلان عن جدية وحسن نوايا تجاه الوساطة الجزائرية لتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: تنديد حقوقي بتعديلات رئاسية جديدة تمس القضاء الفلسطيني

كما اعتبر الباحث أن من بين العقبات يتمثل في ثبات الأشخاص والوفود المتفاوضة الممثلة للفصائل وعدم تغيير التوجهات أو إبداء مرونة للحلول يُثبت قدرًا كبيرًا من الفجوة في الرؤية والأهداف والأدوات، ويحول دون نجاح المصالحة التي بدأت مرحلتها الأولى.

وأعرب عن تقديره أن مواكبة الجزائر للقوى الفاعلة إقليمياً في الملفات العالقة كما هو الحال في الملف الليبي ودخولها على خط المصالحة الفلسطينية، ناجم بالأساس عن الرغبة الجزائرية في تحقيق مصالحها وتوازناتها الجيواستراتيجية مع المغرب، خاصة وأن الأخيرة باتت من وجهة نظر الإدارة الجزائرية تُمثل موطئ قدم لإسرائيل في شمال إفريقيا، وأن التحالف الوليد سيؤثر على المدى الطويل على وضعية موازين القوى بين البلدين، ولعل ثبات الوفود المتفاوضة وكذلك أجندة التفاوض يحول دون إحداث تقدم يُذكر في هذا الملف.

ونوه الباحث إلى أن انخراط الجزائر في ملف المصالحة الفلسطينية تحركه عدة دوافع رئيسية، تتمثل في إعادة نشاط الدبلوماسية الجزائرية، التي عانت من الخمول غير المسبوق في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وأن القضية الفلسطينية إحدى القضايا الإقليمية الحيوية بالنسبة لدول الإقليم، وترغب الجزائر في لعب دور مؤثر داخل هذا الملف.

وأضاف، أن الدافع الآخر يتمثل في موازنة التقارب المغربي الإسرائيلي، حيث يعتبر هذا التقارب أحد الدوافع وراء تعزيز الدور الجزائري في الملف الفلسطيني، حيث ترغب الجزائر في الالتفاف حول المحور الإسرائيلي المغربي الذي بدأت تتشكل معالمه منذ إعادة استئناف العلاقات الثنائية/ التطبيع بين الجانبين مؤخراً، وما تبعه من اتفاقات تعاون وعقد صفقات عسكرية لتحسين الترسانة العسكرية المغربية بهدف إحداث خلل في موازين القوى العسكرية داخل المنطقة المغاربية، إضافة إلى نجاح القمة العربية، حيث ترى الجزائر تضع على رأس أجندة عمل القمة القضية الفلسطينية، لكي تحظى بدعم إقليمي واسع لنجاحها، وكذلك استضافة اللقاءات الخاصة بالوفود الفلسطينية تمهيدًا لحوار جامع للفصائل الفلسطينية يُعزز من الطرح الجزائري بتجديد الالتزام الجماعي العربي تجاه تلك القضية، وإعادة التأكيد على التزام الدول بمبادرة السلام العربية 2002، ولعل الاستباق الجزائري ناجم عن تخوفها من فشل القمة، خاصة في ظل التوترات القائمة مع الرباط.

المصدر : متابعة-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo