في كافة المجالات

دراسة: التطبيع يعزز التفوق الإسرائيلي في المنطقة العربية 

مقابلة بينيت مع أمراء دول الخليج
مقابلة بينيت مع أمراء دول الخليج

تتواصل الجهود الأمريكية المتتابعة لتعزيز الوجود الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط من خلال العديد من المبادرات والمشاريع التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ قيام دولة الاحتلال عام 1948 وحتى يومنا هذا.

وتلعب الإدارة الأمريكية دوراً مباشراً في اتفاقيات التطبيع التي وقعت ما بين إسرائيل ودول الخليج العربي خصوصا اتفاقيتي التطبيع مع الإمارات والبحرين لضمان التفوق العسكري والأمني لإسرائيل في المنطقة، ولإحداث حالة من التبعية لهذه الدول لإسرائيل وأنظمتها التقنية والاقتصادية.

وتشير دراسة أعدها "سليمان بشارات" الباحث في دراسات الشرق الأوسط، الجامعة العربية الأمريكية، ونشرها المركز الديمقراطي العربي للدراسات، إلى أن الرؤية الإسرائيلية في بعدها الاستراتيجي تجاه منطقة الشرق الأوسط تنطلق من مبدأ الحفاظ على الدعم الدولي وشرعية وجودها، اللذين تحتاجهما بهدف التوسع الجغرافي السياسي بالمنطقة، وهو ما يفسر سعيها المستمر في تطبيع العلاقات مع دول منطقة الشرق الأوسط في شتى المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. 

وأكدت الدراسة أن مساعي إسرائيل لإقامة العلاقات وتوقيع اتفاقيات السلام مع العديد من دول المنطقة تشكل حاجة إسرائيلية ملحة لتحقيق الاختراق الجيوبلوتيكي لإسرائيل إلى منطقة الخليج العربي بهدف تعزيز أمنها مقابل فزاعة الخطر الإيراني الذي تخشاه إسرائيل، وتحقيق مبدأ التحكم في سياسات المنطقة بما يعزز التفوق الإسرائيلي وسيطرتها على المقدرات الرئيسية.

اقرأ أيضاً: لماذا تصمت أمريكا وإسرائيل على قرار "المركزي" بوقف التنسيق؟

وكشف الباحث أن إسرائيل تسعى وبمساعدة الولايات المتحدة لتحويل منطقة الخليج العربي إلى بوابة عبور لإسرائيل إلى كامل منطقة الشرق الأوسط، خصوصا في علاقاتها مع دول شرق أسيا، أو استخدامها للوصول إلى إفريقيا، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية مثلت وما زالت الجهة الرعاية والداعمة لعقد اتفاقيات التطبيع ما بين إسرائيل ودول الخليج، وكذلك الحال بالنسبة لباقي دول الشرق الأوسط. 

وبحسب الدراسة لجأت واشنطن إلى استحضار الخطر الإيراني إلى المنطقة من بوابة خلق الذريعة الأمنية لمواجهتها، حيث نجحت إلى حد بعيد في تطبيقها بما يحقق الهدف من وجود إسرائيل بمنطقة الخليج.

وتبين الدراسة أن دولة الاحتلال اعتمدت على طول النفس في تطبيع علاقاتها مع الدول العربية والخليجية، دون أن تتراجع عن حلمها الاستيطاني الاستعماري، إضافة إلى اختيار التوقيت المناسب لإبراز هذه العلاقات وإخراجها للعلن حتى وإن استمرت لسنوات طويله طي الكتمان أبو بعلاقات غير مباشرة كما هو الحال في العلاقات الإسرائيلية الإماراتية والبحرينية.

وكانت أبرز المحطات في هذه العلاقة الإسرائيلية العربية والخليجية، إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير عام 2020 وخلال مؤتمر مشترك مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عما أسماه بخطة السلام أو "صفقة القرن" التي بموجبها يتم إضفاء شرعية على وجود الكيان الإسرائيلي ومنحه قبولًا في المنطقة العربية، والذي توج في سبتمبر من نفس العام بتوقيع اتفاقيات التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين تحت مسمى اتفاقيات "أبرهام"، لتلحق بعد ذلك السودان والمغرب في ركب الدول العربية المطبعة علاقاتها مع إسرائيل.

وأشار الباحث بشارات إلى أن التسلسل الزمني لخطوات إدارة ترامب تجاه الدعم الواضح لإسرائيل، مهد بشكل طبيعي للانتقال لمفهوم أخر بعدما همش القضية الفلسطينية ضمن أولياته السياسية، وبات الطرح الذي يركز عليه في الوجود السياسي لإسرائيل في المنطقة العربية من بوابة الخليج العربي.

وحاولت إدارة ترامب إشراك دول الخليج العربي في التسويق لصفقة القرن أو ما أطلق عليه خطة السلام التي طرحها ترامب، وهذا كان واضحًا من خلال احتضان مؤتمر البحرين، والضغط على الفلسطينيين من خلال دول الخليج سيما الإمارات والسعودية، وتكفل دول الخليج بتوفير التمويل للمشاريع التي تتضمنها الخطة، كما مهد لإقامة علاقات تطبيق معلنة وواضحة ما بين إسرائيل وبعض الدول الخليجية، والتي كانت مقدمة لإعلان اتفاق التطبيع مع الإمارات والبحرين.

وأوضحت الدراسة أن ما قامت به إدارة ترامب سهلت الطريق أمام إدارة الرئيس الأمريكي الحالي "جو بايدن" الذي سار على نهج من سبقه في تقديم الدعم المعلن لإسرائيل وحاول تعزيز وجودها في منطقة الشرق الأوسط بشكل أكبر.

هذا و تشير دراستين حديثتين صدرتا عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي مؤخراً إلى قبول مسلم به لوجود إسرائيل في المنطقة العربية بعد أن كان مرفوض بشكل قاطع، ورغم وجود تباين في الأهداف والدوافع لتحقيق اتفاقيات التطبيع، إلا أن الإمارات عملت بشكل متسارع إلى تحقيق الاتفاق من مجرد اتفاقية إلى سياسات تطبيقية نتج عنها مجموعة من النشاطات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وتوقعت الدراستان صمود اتفاقيات التطبيع مستقبلاً، خصوصا وأنها لم تتأثر بعد الأحداث التي شهدها حي الشيخ جراح بالقدس وما تبعه من مواجهة عسكرية في قطاع غزة.

وتكشف هذه الدراسات أن دولة الاحتلال تعتمد في تعاملها مع الدول العربية إلى إعادة الهيكلة التامة لجغرافيا المنطقة بما يضمن وجودها السياسي داخل منطقة الشرق الأوسط، وترسيخها ككيان يتحكم في قطاعاته المختلفة من خلال السيطرة بعناصر القوة التي تمتلكها والمتمثلة في التعليم والتقنية والاقتصاد

المصدر : متابعة-زوايا
atyaf logo