لماذا تصمت أمريكا وإسرائيل على قرار "المركزي" بوقف التنسيق؟

المجلس المركزي الفلسطيني
المجلس المركزي الفلسطيني

لم يلقَ قرار المجلس المركزي الفلسطيني، الذي أكد الأربعاء الماضي مجدداً على وقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة، وتعليق الإعتراف بإسرائيل "لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية"، أيَّ ردود فعل رسمية سواء إسرائيلية أو حتى امريكية ودولية..وهو ما اعتبره البعض دليلاً على عدم أهمية القرار؛ لإستحالة تطبيقه، خاصة وأن "المركزي" و"الوطني" كانا قد قررا ذلك عام 2018، لكنه لم يُنفّذ.

عباس أبلغ غانتس مسبقاً ب"قرار المركزي"

مصدر سياسي فلسطيني مقيم في أراضي48، كشف لموقع "زوايا" أن رئيس السلطة محمود عباس قد أطلع وزير الجيش الإسرائيلي، مُسبقاً، على قرار "المركزي"، حينما التقاه في منزله قرب تل أبيب قبل نحو شهر ونصف، موضحاً أن عباس أبلغ غانتس أنه لن يتبناه، إدراكاً من قيادة السلطة لصعوبة التنفيذ؛ ذلك أن مفاصل الحياة الفلسطينية اليومية مرتبطة بالتنسيق، حتى أن الأمور المدنية للفلسطينيين تندرج تحت عنوان "التنسيق الأمني".

وأوضح المصدر المطلع على لقاء عباس-غانتس، أنّ الجانب الإسرائيلي لم يعلق على قرار المركزي الأخير، وذلك لعلمه أنه "لا معنى للقرار". وبين أن تحرك عباس اليومي من منزله إلى مقر المقاطعة يحتاج تنسيقاً أمنياً مع إسرائيل، فضلاً عن سفره إلى الخارج. وتساءل: "هل مستعد عباس لذلك؟".

"حبرٌ على ورق"؟

وقال الصحفي المتابع للشأن الإسرائيلي، مقيم غي أراضي48، أن إسرائيل لم تعلق على قرار "المركزي الفلسطيني"؛ لأنها تعتبره "حبراً على ورق ولا وزن له، ويندرج في سياق الإستهلاك الإعلامي". وأوضح سلامة لموقع "زوايا" أن التنسيق الأمني لا يتوقف على الأرض، ولا يُمكن وقفه.

الواقع، أن ما صرح به مسؤول الإعلام في التعبئة والتنظيم لحركة "فتح" منير الجاغوب، في حديث إذاعي، عشية قرار "المركزي"، يوحي أن ثمة جدلاً وتباينا في وجهات النظر حيال القرار، حتى داخل حركة "فتح". فقد قال الجاغوب إن تطبيق قرار وقف العمل بالإتفاقيات مع إسرائيل يتطلب "دراسة دقيقة"، منعاً لأي إضرار بالمواطن الفلسطيني، مشيرا إلى أن من يدعو للتحلل من الإتفاقيات عليه أن يطرح بديلاً وحلاً للمواطن.

وضرب الجاغوب مثالاً "واقعياً"، بالقول: "عاد نحو نصف مليون فلسطيني إلى أرض الوطن بموجب اتفاق أوسلو، فمن يضمن ألا يستغل الإحتلال وقف التزامنا بهذا الإتفاق، كي يقوم بترحيل كل هذا العدد من العائدين إلى الخارج؟!".

"مرحلة إنتقالية..تتطلب التنسيق الصامت"؟

بدوره، قال الباحث في الشؤون الإستراتيجية والأمنية وأستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا د.عنان وهبة، إن الأمن الإسرائيلي في مرحلة انتقالية، ذلك أن سياسات تُحاك في المنطقة، بتأثير أمريكي-ديمقراطي مختلف عن عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، وفي ظل إعادة تموضع عربي-خليجي بالنسبة للقضية الفلسطينية وترتيب مرحلة ما بعد عباس. لذا، فإن أي تصريحات إسرائيلية علنية في ظل المرحلة "الحساسة والدقيقة" قد لا تخدم المصلحة المشتركة مع دول عربية، وهو ما يجعل الإختيار الأنسب بالنسبة لإسرائيل هو "التنسيق الصامت" مع السلطة على المستوى الميداني والإستخباري، حسب وهبي.

وتابع وهبة، في حديثه لموقع "زوايا": "السلطة الفلسطينية الآن تحت ضغط غير مسبوق وبجميع الأحوال، والأنسب لإسرائيل هو الصمت".

وسعت السلطة الفلسطينية، في الأشهر الأخيرة، إلى إعادة تحريك المسار السياسي بشكل سريع، كوسيلة يمكن من خلالها أن يُعاد الإعتبار للسلطة، لكن تعنت الحكومة الإسرائيلية ورفضها، يجعل السلطة في رام الله تلجأ إلى اتخاذ قرارات من شأنها أن تخفف حرجها وُضفي "شرعية" لوجودها أمام الشارع الفلسطيني، وإن كانت لا تُطبّق لأسباب جيو-سياسية.

 

ثلاثة أسباب للصمت الأمريكي على "قرار المركزي"؟

ومن الناحية الأمريكية، لم يرصد موقع "زوايا" أي تعليق رسمي من واشنطن على قرار "المركزي"، لكن استبقت اجتماع "المركزي"، مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ورئيس السلطة محمود عباس، حيث حاول الوزير الأمريكي أن يحصل على طمأنة من عباس، ب"عدم تطبيق أي خطوات تنطوي على مخاطر على السلطة وإسرائيل معاً"، حسب المعلومات المتوفرة.

اقرأ أيضاًً: "أمنيستي" تمنح الفلسطينيين هدية لاستثمارها ضد "إسرائيل".. فهل تُستغل؟

وأكد المختص بشؤون السياسة الأمريكية داود كتاب، لموقع "زوايا"، أنه لم يخرج أي رد رسمي أمريكي حيال قرار "المركزي"، لثلاثة أسباب: الأول، انشغال واشنطن بالأزمة الأوكرانية على ضوء التهديد بالغزو الروسي. وأما الثاني، فهو وجود تفهم أمريكي للوضع الصعب الذي يواجهه عباس ومعه السلطة في الشارع الفلسطيني، وقد تجلى ذلك بواقعة اغتيال الإحتلال الإسرائيلي لثلاثة شبان في قلب مناطق السلطة بنابلس، وظهورها بموقف "العاجزة".

 

"واشنطن تمنح السلطة مساحة للحفاظ على شرعيتها"

وأضاف كُتّاب أن "الأمريكان يمنحون، أحياناً، بعض المساحة للرئيس عباس للتغلب على الصعوبات، حفاظاً على شعبيته وحضوره". بينما يكمن السبب الثالث للصمت الأمريكي حيال قرار "المركزي" الأخير، هو أن قرار وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل ليس الأول ولا يُمكن تطبيقه، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى عدم التعامل ب"جدية" مع القرار المذكور.

ورجح كُتّاب أن تواصلاً "سريا" يجري بين واشنطن ورام الله، حيث تم الإستفسار عن إمكانيات توقف التنسيق الأمني، لكنّ إدارة بايدن تحاول ألا تزيد التعقيدات أمام القيادة الفلسطينية؛ لأنها في وضع لا تُحسد عليه. لذا، يرى كُتّاب، أنه حفاظاً على موقع الرئيس عباس، امتنعت الإدارة الأمريكية عن التعليق العلني على قرار "المركزي".

ويستبعد كُتاب أن تقدم السلطة الفلسطينية على تطبيق قرار "المركزي"، لكنه قد يكون هناك تخفيف مؤقت لبعض جوانب التنسيق، لأنه يشتمل على العديد من القضايا والأمور التفصيلية، بين أمنية وميدانية وإستخبارية، وما يتصل بالسفر والقضايا الحياتية للفلسطينيين، وغيرها.

وتابع كُتّاب: "حتى الجانب الإسرائيلي يتفهم لحاجة السلطة لأخذ خطوات كهذه، ونحن تحت احتلال، والسلطة مجبورة على التنسيق مع الإحتلال، لكن قد نشهد تراجعات ببعض جوانب التنسيق، دونما توقفه كاملاً".

 

"القرار تحت الإختبار"

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب وليد العوض إن قرارات المركزي الأخيرة، هي امتداد للقرارات السابقة، لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ، وكان هناك تسويف في التنفيذ بالماضي.

وأكد العوض لموقع "زوايا"، أن القيادة الفلسطينية، الآن، أمام اختبار التطبيق، مشيراً إلى قلق كبير بأن يكون مصير هذه القرارات مثل مصير سابقاتها، "وهذا غير مقبول في ظل الممارسات الإسرائيلية".. وشدد على الترقب الشديد لمآل ومصير قرارات "المركزي"، وهو ما يجعل اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" تحت المجهر؛ لأن الشعب الفلسطيني يراقب كيف تتعامل التنفيذية مع هذه القرارات.

البرلمانية الديمقراطية الكبيرة بيلوسي إلى تل أبيب ورام الله هذا الأسبوع

وعلم موقع "زوايا" من مصدر سياسي مطلع، أن رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، ستُجري هذا الأسبوع زيارة لإسرائيل. ومن المتوقع أن تعرج بيلوسي على رام الله للقاء مسؤولين في السلطة الفلسطينية، على رأسهم عباس.

ويُنظر إلى هذه الزيارة المرتقبة، بأهمية بالغة، خاصة وأن بيلوسي هي المرشحة الثالثة لرئاسة الولايات المتحدة بعد بايدن ونائبه. فضلاً عن أنها نائبة ديمقراطية كبيرة

المصدر : خاص-زوايا
atyaf logo