"الاستيطان الرعوي" يهدد آلاف الدونمات في الأغوار الشمالية بالمصادرة

الاستيطان في الضفة الغربية
الاستيطان في الضفة الغربية

يكافح المواطن يوسف بشارات من قرية خربة مكحول في الأغوار الشمالية من أجل توفير لقمة عيش وحياة كريمة لعائلته التي تتعرض لخطراً استيطانياً وجودياً من نوع جديد والمتمثل في الاستيطان الرعوي الذي يدمر محصوله الموسمي من القمح والشعير.

أكثر من 200 دونم من الأرض المزروعة يملكها بشارات باتت جرداء بسبب رعي مواشي المستوطنين لها من أبقار وأغنام جلبت إلى أراضي الأغوار في محاولة جديدة لفرض السيطرة والاستيلاء على الأراضي.

ويقول بشارات لموقع "زوايا"، إن عصابات المستوطنين ترعى مواشيها في أراضينا دون اكتراث للمحاصيل التي باتت خالية من المزروعات بسبب هذه المواشي.

ويضيف بشارات بأن المستوطنين الذين تم جلبهم للأغوار الشمالية ينفذون مخططاً لتدمير المحاصيل الزراعية ومنع الفلسطينيين من رعي مواشيهم في المراعي تحت حماية من جيش الاحتلال المدجج بالسلاح.

ويتابع بشارات قوله :" عندما نقوم بمحاولة إخراج المواشي من أراضينا يهاجمنا المستوطنون، وأحيان يعتدون على الخيام والأطفال والنساء.

ويترك المستوطنون مواشيهم ترعى وحدها لتأكل كل ما تصل إليه من محاصيل زراعية في مناطق الأغوار الشمالية والوسطى، وهي سياسة استيطانية جديدة تفرض على المواطنين وهو ما بات يعرف بالاستيطان الرعوي.

ويشير بشارات إلى أن المستوطنين بعد أن دمروا المحصول يمنعون المواطنين من رعي مواشيهم في المراعي الجبلية وهو ما يشكل ضغطاً إضافياً على المزارعين الذين يعتاشون من تربية المواشي.

اقرأ أيضاً: كاتب إسرائيلي: الاستيطان غباء استراتيجي

وبشارات هو رب إحدى عائلات خربة مكحول الخمس التي باتت وحيدة في مواجهة سياسة الاستيطان والتهجير التي أدت لرحيل عشرات العائلات، وهي تعاني نفس المعاناة اليومية بسبب ممارسات المستوطنين. 

وتعمل حكومة الاحتلال على تسهيل وصول المستوطنين إلى الأغوار وإقامة البؤر الرعوية التي لا يسكنها إلا أعداد قليلة بينما يسمح لها بالسيطرة على مساحات واسعة من أراضي المواطنين. 

ست بؤر استيطانية رعوية في الأغوار

ويقول الحقوقي عارف ضراغمة في حديث لموقع "زوايا"، انه خلال الثلاث سنوات الأخيرة باتت تنتهج سلطات الاحتلال سياسة جديدة بزيادة عدد البؤر الاستيطانية الرعوية والتي وصلت إلى ست بؤر، موضحاً أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم هذه السياسة للسيطرة على الأراضي وطرد السكان منها من خلال تدمير محاصيلهم الزراعية التي تستباح يومياً من قبل مواشي المستوطنين في الوقت الذي يُحرم فيه الفلسطيني من رعي ماشيته في المراعي التي كانت مستغلة حيث يردد المستوطنون بأنه أينما تصل أبقاره فهو له. 

ويتابع ضراغمة بأن مواشي المستوطنين تدخل إلى أراضي مزروعة تقوم برعيها وتدميرها بشكل كامل، بينما يخشى أصحاب الأرض الفلسطينيين من إخراجها خشية بطش جيش الاحتلال الذي سرعان ما يهب لحماية المستوطنين.

ويوضح ضراغمة بأن المستوطنين يستهدفون مواقع حساسة في الأغوار الشمالية والوسطى تطال عشرات المواقع، بينما يسمح للمستوطنين بالسيطرة على آلاف الدونمات من أراضي المواطنين. 

وينبه ضراغمة إلى أن سلطات الاحتلال تنفذ مخططا لتسهيل السيطرة على الأراضي حيث تقوم بتسليم بعض الأراضي التي كانت محميات طبيعية منذ سنوات لمستوطنين مؤخرا وأقيمت عليها بؤرة استيطانية رعوية وتسيطر على أكثر من 35 ألف دونم وصلت حتى إلى مسكان المواطنين. 

130 مليون شيقل شهريا لدعم الاستيطان الرعوي

من جهته يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات في حديث لموقع "زوايا" :إن الاستيطان الرعوي هو احتلال جديد للأرض تنفذه حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة بشكل محكم للاستيلاء على الأرض من خلال تكالب كل مؤسسات الاحتلال لاستهداف كل ما هو فلسطيني في الأغوار الشمالية. 

ويوضح بشارات بـأن حكومة الاحتلال تنفق ما يزيد عن 130 مليون شيكل شهريا من أجل توفير الدعم والمساندة للبؤر الرعوية وتقديم المشاريع لها، وتسهيل سيطرتها على أراضي الفلسطينيين.

ويضيف بشارات بأن المستوطنين جلبوا أكثر من 4000 رأس من الماشية ما بين أغنام وأبقار مهمتها تدمير كل المحاصيل الزراعية للمواطنين بعد أن منع المزارع من الرعي في المراعي المعتادة من خلال تسييجها وفرض سيطرة المستوطنين عليها.

ويشير بشارات إلى أن هناك نحو 50 الف دونم تم تسييجها بالقرب من خربة "المزوقح" و"عين الحلوة" من قبل المستوطنين وبات الفلسطيني ممنوع من الوصول إليها.

ويوضح بشارات بأن المراعي الجبلية تمت السيطرة عليها؛ والآن يتم العمل على طرد الفلسطينيين من المناطق السهلية والصالحة للزراعة وتقوم مواشي المستوطنين برعيها وتدميرها بشكل كامل فيما يتحمل المزارع تكلفة الحراثة والبذار والزراعة.

وحسب بشارات هناك 19 تجمعا سكانيا فلسطينيا في الأغوار الشمالية وحدها محاصرين ومهددين بسبب تمدد الاستيطان وممارسات الاحتلال التي لم تترك خيمة أو منشأة إلا وسلمتها إخطاراً بالهدم في هذه المناطق.

ويسكن في الأغوار الشمالية نحو 4300 مواطن بعد أن تضاءل العدد بسبب سياسات الطرد من قبل حكومة الاحتلال كما هو حال قرية خربة التي تضم اليوم 5 عائلات فقط من أصل 42 عائلة.

وبحسب بشارات فإنه رغم كل الظروف التي يعانيها أبناء الأغوار إلا أن هناك تمسك وصمود في أرضهم يتحدون ممارسات الاحتلال التي لم تنجح في تهجيرهم وباتت تستخدم أساليب جديدة من خلال عصابات المستوطنين وما يعرف بشباب التلال أو مؤسسة ريغافيم الاستيطانية للضغط عليهم.

الجدير ذكره، أن مخطط ضم الأغوار للسيادة الإسرائيلية أعلن عنه رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكان مقرراً أن يتم الاعلان عن الضم رسمياً في الأول من يوليو 2020م، إلا أن الموقف الفلسطيني الموحد، والموقف العربي الرافض للخطة، دفع ترامب للتراجع عن دعم نتنياهو، الأمر الذي دفع الاخير للتأجيل إعلاماً، لكن ما يجري في على الأرض هو ممارسة عملية لخط الضم بشكل صامت.

المصدر : خاص-زوايا

مواضيع ذات صلة

atyaf logo